محمد مختار جمعة

أدب الحياة الخاصة

الجمعة، 09 يونيو 2017 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإسلام دين الفطرة السليمة، حيث يقول الحق سبحانه: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)، «الروم: 30».
 
ولا شك أن الإسلام قائم على كل ما ينمّى الذوق، ويرسخ القيم الإنسانية السوية، ويسهم فى تكوين الرقى الشخصى والمجتمعى، وينشر القيم الحضارية، ويؤدى إلى تأصيلها وتجذيرها فى نفوس الناس جميعًا.
 
ولا شك أن للمرء من حياته ما تعود، فإذا ما تعود الإنسان على التحضر والرقى فيما بينه وبين نفسه، صار ذلك سمة وسجية وطبعًا له فيما بينه وبين الناس، أما إذا حافظ الإنسان على مظاهر التحضر أمام الناس، وخالف ذلك فيما بينه وبين نفسه، دخل فى باب النفاق النفسى والاجتماعى، وما يعرف بانفصام الشخصية، وربما خانه طبعه وما تعوده من مخالفة الذوق والرقى فى خلوته فبدا ظاهرًا جليًّا عفويًّا، ولو بدون قصد فيما بينه وبين الناس.
 
ومن هنا كان حرص الإسلام على تعليم الإنسان القيم الراقية وتعويده عليها منذ نعومة أظافره، سواء فيما بينه وبين نفسه، أم فيما بينه وبين الناس، وهذا نبينا، صلى الله عليه وسلم، عندما يرى صبيًا تطيش يده فى إناء الطعام، فيعلمه ويوجهه بما يهذب ذوقه وطبعه، فيقول صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»، سواء أكان ذلك فيما بينه وبين نفسه، أم حال مشاركته الناس طعامهم، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَلَا يَحِلُّ وِكَاءً وَلَا يَكْشِفُ آنِيَةً». 
 
على أن فى قوله صلى الله عليه وسلم: «وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ» ما يشير إشارة واضحة إلى ضرورة ترشيد الطاقة، وقد نهى صلى الله عليه وسلم» عن الإسراف سرًّا وعلنًا، خلوًّا أو مجتمعًا، مما يؤصل فى نفس الإنسان ثقافة الترشيد والبعد عن الإسراف والتبذير. 
 
هذا وقد نجد بعض الناس هاشًّا باشًّا بين الناس بحيث يغبطه من لا يعرف حقيقته، فإذا ما عاد إلى أهل بيته لبس ثوبًا آخر وجلدًا آخر، وبدا بوجه آخر يتناقض تمامًا مع ما يعرف به بين الناس من البشاشة وطلاقة الوجه، بحيث يقف القاعد، ويسكت الناطق من أبنائه وأهل بيته، خوفًا لا أدبًا. 
 
مع تأكيدنا أن الإنسان إذا ما هذب ما بينه وبين نفسه، وسيطر عليها طواعية، مراقبة لله عز وجل، واحترامًا لذاته، كان أكثر سيطرة عليها، وأملك لزمامها بين الناس وفى المناسبات العامة، أما إذا كان غير ذلك فالطبع يغلب التطبع، وليس الجمال كالتجمل، مما قد يكشف حقيقته ويعرضه لمواقف محرجة فيما لا يحب أحد أن يحرج فيه.  






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة