المؤخر 50 ألف جنيه والفرش بـ120 ألف والقائمة شرط أساسى بـ200 ألف جنيه
القوصية وأبنوب الأكثر فقرا والأعلى فى مصاريف الزواج
شباب أسيوط يلجأون للزواج من المحافظات المجاورة لرخص التكلفة
مأذون شرعى: كلما زادت قيمة المهر ارتفعت قيمة الزوجة
تختلف عادات وتقاليد الزواج من محافظة إلى أخرى، ومن قرية إلى أخرى بنفس المحافظة، الغريب فى الأمر أن تلك العادات تختلف أيضا من عائلة إلى أخرى بنفس القرية والمحافظة، طبقا للعادات والتقاليد السائدة والعرف المتبع.
فى محافظة أسيوط، والتى تعتبر قلب الصعيد وعاصمته، تعتبر عادات وتقاليد الزواج بالمحافظة، من أشدها وأصعبها علي الإطلاق من بين محافظات الصعيد ككل، فعلى الرغم من أن أسيوط تمثل المحافظة الأكثر فقرا والأسوأ ظروفا من حيث المعيشة، إلا أنها تعانى من تناقض شديد، حيث تعتبر الأغلى من حيث المهور والشبكة وتجهيزات الزواج وإقامة الأفراح، وهو ما أدى إلى اضطرار الشباب للبحث عن عروس من خارج المحافظة، واللجوء إلى المحافظات الأخرى، أو المكوث لفترة بدون زواج، أو القبول بالأمر الواقع فى التجهيزات والشبكة والزواج، وتكبد آلاف الجنيهات، فى سبيل إقامة حياة مستقلة فى منزل الزوجية .
مركز البدارى.. "السلام قبل الكلام تدفع 50 ألف جنيه أولا والشبكة بالكيلو مش بالجرام"
حينما نتحدث عن الزواج فى أسيوط، فلا بد أن نخص بالذكر مركز البدارى، الذى تختلف طبيعة الزواج فيه عن أى مركز آخر بمحافظة أسيوط، فطبقا لعادات وتقاليد أهل المركز "الزواج يحتاج إلى حجر أو بحر فلوس"، فقبل أن يقبل عريس على اختيار عروسه، عليه فقط فى البداية تجهيز نصف مليون جنيها على الأقل.
محمود سالم أحد شباب قرية العتمانية بمركز البدارى تزوج ثانى أيام عيد الفطر، حيث بدأ محمود قصته قائلا: تخرجت من كلية الخدمة الاجتماعية منذ 10 أعوام، وبعد فترة من انتظار الوظيفة لم يحالفنى الحظ، فتوجهت للبحث عن عمل بالخارج، وبالفعل سافرت إلى دولة ليبيا.
وأكمل قصته: نجحت فى جمع تحويشة العمر وعدت إلى قريتى للبحث عن العروسة، ونظرا لغيابى فترة طويلة عن القرية لم أكن أعلم أن طقوس الزواج تطورت إلي هذا الحد، فبدأت بالبحث عن شريكة الحياة، وما أن وقع اختيارى عليها، حتى فوجئت بأهلها يطلبون 50 ألف جنيها "سلام" والسلام معناه فى القرية هو أن يقوم العريس بترك هذا المبلغ على الصينية، قبل أن تتم قراءة الفاتحة وإلا لم يتم الاتفاق.
وتابع: بالفعل قمت بدفع مبلغ السلام قبل الاتفاق على أى تفاصيل، ومن ثم طلبوا ربع كيلو ذهب أى 250 جرام للشبكة، بما يعادل 160 ألف جنيه تقريبا، وتم الاتفاق علي قائمة بمبلغ 200 ألف جنيه، ومؤخر صداق 50 ألف جنيه، بالإضافة إلي إقامة ليلة حنة وفرح تعديا الـ200 ألف جنيه، فيما تكلف فرش3 حجرات 120 ألف جنيه.
وتداخلت زوجته حنان فى الحديث قائلة: جميع زيجات البدارى تتم بهذا الشكل دون النظر إلى تعليم العروس، فمهما كانت درجتها العلمية، يطلب أهلها قيمة السلام، والتى لا تقل فى أغلب القرى عن 30 ألف جنيه، فيما تزيد طبقا للحالة المادية للعريس ولاسم عائلته.
وأضافت حنان: أما العروس فإنها تقوم بتجهيز الأجهزة الكهربائية والمطبخ فقط، وطبقا للمبلغ المدفوع من العريس، يتم شراء الأجهزة والمطبخ وكافة الأشياء التي تخص العروس، فكلما زاد السلام زادت القيمة الشرائية لجهاز العروس، وكلما قل السلام قلت قيمة الجهاز، ولكن فى أغلب الأحيان لا يتكبد والد العروس أى زيادة على مبلغ السلام الخاص بالعريس، ولا يتم التنازل علي جرام واحد من الذهب مهما كانت ظروف العريس.
من جهته، قال الشيخ محمود عبد الصبور مأذون بمركز البدارى، أن زيجات مركز البداري تعد الأكثر صعوبة وتكلفة، حيث يعتبر مركز البداري وبالرغم من الظروف المادية القاتلة لسكانه، إلا انه لا تهاون علي الإطلاق في تكاليف الزواج مع العريس، مهما كانت الظروف، ولسان حالهم يقول: " اللى معهوش ما يلزموش".
وتابع: نادرا ما تتكلف زيجة من الزواج أقل من 300 ألف جنيه، بل وتعتبر زيجات الفقراء، كما أن مبالغ القائمة والمؤخر عالية جدا، حتى أنهم يتكبدون مبالغ كبيرة في التوثيق، ولكنهم اعتبروا ذلك الأمر عرف متبع لا نقاش فيه، لافتا إلى أنه ورغم ذلك ينفرد مركز البدارى دون غيره من جميع مراكز المحافظة بقصة السلام، فهو المركز الوحيد الذى يقوم فيه العريس بتقديم مبالغ كبيرة للعروس على الصينية، ولذلك أطلق علي هذا المبلغ مسمى "سلام الصينية"، وكان هذا الأمر يتم قديما بأغلب المراكز والمحافظات، بأنه حينما يتقدم عريس للعروس ويقابلها لأول مرة ويبدي إعجابه بها يقوم بإلقاء مبلغ رمزي في الصينية التي قدمتها لا يتعد الـ100 جنيها وأحيانا 200 جنيها كتقدير من العريس لجمال العروس ، ولكن مؤخرا ومنذ 8 أعوام تقريبا ظهرت قصة السلام، حينما عاد من الخارج أحد الشباب، وحينما خرجت عروسه وضع لها 10 آلاف جنيها علي الصينية، وبدأ بعد ذلك الأمر يأخذ منحني "فشخرة" العائلات فيقال بنت فلان تم السلام عليها بمبلغ كذا فتكون العروس التالية أعلى فى مبلغ السلام، وهكذا حتى أصبح الأمر عرفا متبعا كالشبكة والقائمة، بالإضافة إلا أن والد العروس لا يقبل نقاش فى أمر جرامات الشبكة.
وأوضح الشيخ محمود، إنه بالرغم من تلك التكاليف الباهظة، إلا أن نسبة الطلاق بمركز البدارى قليلة جدا، إن لم تكن نادرة وخاصة لأن العريس يتكبد فيها آلاف ويصرف فيها تحويشة العمر، فضلا عن تأمين مستقبل العروس من قبل عائلتها، وإغلال القيود حول العريس بالقائمة والمؤخر الذى يعد عبئا إضافيا على الزوج.
القوصية وأبنوب.. "الأكثر فقرا والأعلى فى تكاليف الزواج"
يلى مركز البدارى فى ارتفاع معدل تكليف الزواج، مركز أبنوب، باعتبار أن المركزين يقعا شرق النيل، ويؤثر وجودهما شرق النيل وتحت سفوح الجبال فى تأثر سكانهما بطبيعة خاصة، من حيث التمسك بالتقاليد والعرف.
فى مركز أبنوب تختفى "عادة السلام"، فيما يتمسك أهالى المركز بتقديم العريس لعروسة شبكة كبيرة، لا تقل عن 200 جرام، وتجهيز شقة لا تقل عن 150 ألف جنيه قيمة حجرات النوم والصالون والأطفال والانترية، فيما تلتزم العائلات بقائمة عفش كبيرة، ومؤخر صداق بمبلغ مالى كبير، وهو ما يعتبرونه حفظ لحقوق الزوجة أيضا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يضم فيه مركز أبنوب قرى تصنف من القرى الأكثر فقرا على مستوى الجمهورية، ولكن سفر الشباب للعمل بالخارج، وعملهم في اغلب الدول الأوروبية كإيطاليا وبريطانيا والدول الخليجية كالكويت والسعودية، وهو ما أتاح الفرصة لصرف مبالغ طائلة على الزواج فمبلغ واحد من تكاليف زيجة واحدة بأبنوب، يكفى لإتمام 4 زيجات فى محافظة أخرى.
وفى مركز القوصية، لا تختلف تكاليف الزواج كثيرا عن مركز البدارى، ولكنه يتشابه مع الزواج فى مركز أبنوب، من حيث عدم وجود مبلغ السلام للعروس.
يقول الشيخ عارف سالم مأذون، أن زيجات مركز القوصية تعد الأعلى قيمة من بين زيجات المراكز الشمالية للمحافظة، فيقدم العريس لعروسه شبكة بمبلغ مالى لا تقل عن 200 جرام فى الظروف العادية، وهو ما يعادل 140 ألف جنيها فقط للشبكة مهما قل أو ارتفع سعر جرام الذهب، فهذا عرف ثابت ومتبع منذ عشرات السنين، بل بالعكس كلما زاد سعر الذهب كلما طالب والد العروس بزيادة عدد الجرامات، فيما لا يوجد بالمركز سلام الصينية، ولكن بالمقابل يساعد العريس في شراء الأجهزه الكهربائية، والتي كانت تخص العروس، إلا أنه ظهر حديثا هذا الأمر.
وتابع: فى بعض القرى بالمركز أصبح العريس يتحمل فرش الشقة بالكامل حتى المطبخ وأجهزته، والسبب فى ذلك هو إقامة معظم شباب القرى بالدول الأوروبية، وجلبهم لمعظم الأجهزة الكهربائية أثناء عودتهم من السفر، وهو ما شكل عادة، بالإضافة إلى إقامة حفل زفاف يتعدى الـ 100 ألف جنيه، دون النظر إلى المستوى الاجتماعى أوالعلمى للعروس.
وأضاف الشيخ عارف، أن جميع مراكز أسيوط، فيما عدا مركز البدارى، تتشابه فى مصاريف الزواج والعادات والتقاليد، طبقا للعرف السائد، فيما تقل عنهم جميعا مدينة أسيوط، فسكان المدينة على الرغم من مستوى تعليمهم، وتقلدهم وظائف رفيعة، إلا أنهم لا يتمسكون بعادات وتقاليد شديدة فى مصاريف الزواج كمراكز البدارى، بالرغم من ارتفاع المستوى المادى لسكان المدينة عن القرى والمراكز، إلا أن الشبكة تتراوح ما بين 100 إلى 150 جرام، ويتكلف مبلغ إقامة حفل الزفاف، طبقا لاختلاف قاعات الأفراح ما بين 20 إلى 50 ألف جنيه، ويختلف عن القرى والمراكز، من حيث إقامة الولائم والذبائح، حيث تندر بالمدينة إقامة الولائم، وذبح العجول، مثلما يحدث بالمراكز فى الأفراح، وهو ما يعد تكلفة إضافية على العريس، بالإضافة إلى أن الشقق فى أغلب الأحيان تكون مؤجرة فلا يتكلف العريس في فرش الشقة مبالغ مادية كبيرة.
ويضيف الشيخ عارف، أنه وعلى عكس القرى والمراكز، فإن العروس فى مدينة أسيوط تساهم فى الزواج بتجهيز المطبخ كاملا بأجهزته، بالإضافة إلى فرش حجرة كاملة شاملة السجاد والستائر، وهو ما ينعدم تقريبا فى المراكز والقرى، بالإضافة إلى مساهمة أهل العروس فى نصف تكاليف حفل الزفاف مهما كان المكان المقام فيه حفل الزفاف سواء قاعة أو نادي أو منزل أو خلافه فتدفع مع العريس النصف.