هناك مقولة عبقرية للمؤرخ الشهير وعالم الاجتماع العظيم «ابن خلدون» نصها: «عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والأفاقون والمتفقهون والانتهازيون، وتعم الإشاعة وتطول المناظرات، وتقصر البصيرة ويتشوش الفكر».
ومنذ 25 يناير 2011، ومصر تعيش فوضى أخلاقية عارمة، يقودها منجمون وأفاقون وانتهازيون، يستثمرون فى الدين، ويوظفون الشعارات المدغدغة لمشاعر البسطاء لتحقيق أهداف ومصالح شخصية، وينثرون الشائعات واليأس والإحباط بين الناس، ويعلون فقط من الأقوال، ويسفهون ويسخفون من الأفعال، ويسيرون عكس اتجاه اهتمامات الغالبية الكاسحة للشعب المصرى.
مصر تعيش الحالة العبثية بكل تفاصيلها، منذ 6 سنوات، فهناك حركات ونشطاء وأدعياء الثورية ونخب منتفخة انتفاخ مرضى، منحوا أنفسهم الحق الحصرى فى انتزاع صكوك المواطنة مما يشاؤون، ومنحها لمن يشاؤون، فكل من يؤيد أفكارهم، وهم قلة، يصبح وطنى ويحصل عل «الصك»، بينما الاجماع الشعبى المعارضين لأفكارهم، فهم من المطبلين وعبيدى البيادة.
وعلى بعد مسافة قصيرة من نفس الضفة، تقف جماعة الإخوان الإرهابية وداعميها، والمتعاطفين معها، يتاجرون بالدين، ويمنحون أنفسهم الحقوق الحصرية لإدخال مؤيديهم الجنة، أما معارضيهم فيلقون بهم فى الدرك الأسفل من نار جهنم، فكل من محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمد البلتاجى وعصام العريان، ومحمود عزت، ومحمد مرسى، وكل أعضاء مكتب الإرشاد، يشكلون محكمة عدل إلهية، تحاكم البشر وتوزع صكوك الجنة والنار مقدما فى الدنيا، وتدفن مع الموتى لتنفيذ بنودها فى الآخرة.
النشطاء وأدعياء الثورية والحركات الفوضوية، وجماعات الإرهاب والتطرف يقفون على نفس الضفة، فى مواجهة الشعب المصرى الذى يقف على الضفة المواجهة، بتاريخه الحضارى والثقافى والتنويرى، صلدا وقويا، محبطا كل المخططات والمؤامرات التى تحاك من الخارج وتنفذها أذرع خائنة فى الداخل، طوال ما يقرب من 7 سنوات كاملة.
ولن تفلح محاولات هؤلاء الذين صاروا أخطر من المنجمين والأفاقين، الذين يحاولون إعادة مصر إلى عصور التخلف، ولن تفلح فتاويهم التى ما أنزل الله بها من سلطان، لإثارة البلبلة بين الناس، وإشاعة الفرقة وإشعال نار الخلاف، من عينة هل الدكتور العالمى، مجدى يعقوب، أو الفنان العالمى عمر الشريف سيدخلان الجنة؟!
ونحن بدورنا نسألهم: هل أعضاء الجماعات المتطرفة من الإخوان وداعش للنصرة والقاعدة وغيرها الذين يقتلون ويذبحون ويفجرون ويغتصبون النساء تحت شعار جهاد النكاح والسبايا وما ملكت اليمين، سيدخلون الجنة؟ وهل يطلع هؤلاء الأفاقون على الغيب ويعرفون من الذى سيدخل الجنة ومن سيدخل النار؟ إذا وضعنا فى الاعتبار أن الدكتور مجدى يعقوب، رجل نذر نفسه لتخفيف آلام الناس، وأسس صرحا طبيا فى أسوان لعلاج قلوب المصريين الغلابة بالمجان، وأصبح زاهدا فى محراب العلم، لا يهمه سوى إعادة رسم البسمة على شفاه طفل بعد إنقاذ قلبه من وحش الألم، فهل مثل هذا الإنسان يدخل النار، وبديع وخيرت الشاطر والبلتاجى والعريان ورفاقهم يدخلون الجنة؟!
أيضا، الفنان عمر الشريف، أصر رغم وصوله للعالمية، أن يحتفظ بجنسيته وجواز سفره المصرى، وكان دائم الدفاع عن بلده فى كل المحافل الدولية، للدرجة التى يمكن له أن يتعدى بالضرب، والشتائم ضد أى شخص مهما كانت مكانته يحاول إهانة مصر، كما لعب دورا لخدمة الوطن فى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وكان لا يتأخر ثانية إذا طلب منه أى خدمه لبلاده دون أى مقابل فهل سيدخل النار؟
هذا إذا وضعنا فى الاعتبار أيضا أن يوسف القرضاوى الذى يصدر يوميا فتاوى التحريض والقتل، ويساند ويدعم كل العمليات الإرهابية ضد المصريين، ويدينها فى قطر وتركيا وتونس واليمن، ويوظف أمواله فى البورصة لتمويل العمليات الإرهابية داخل البلاد، فهل مثل هذا الشخص سيدخل الجنة؟ وهل وجدى غنيم، كاهن التكفير الأعظم، والداعى للقتل وسفك الدماء، سيكون له مكانة فى الجنة؟!
الأمر ينطبق على «محمد بديع، وخيرت الشاطر، وأبو بكر البغدادى»، الذين يحرضون بالقتل، والفوضى والتعدى على المنشآت العامة وحرق وسائل المواصلات المختلفة من قطارات وأتوبيسات هيئة النقل العام وأبراج الكهرباء فهل هؤلاء المحرضون على قتل المسلمين يدخلون الجنة؟
أيها المنجمون والأفاقون والانتهازيون كيف تفصلون الفتاوى وتوظفون الدين لخدمة مصالحكم، وتدعون أنكم تعلمون الغيب وتملكون صكوك دخول الجنة والنار، «والعياذ بالله»، فتمنحون صك دخول الجنة لأتباعكم وصك دخول النار لأعدائكم، والمختلفين فكريا معكم؟!
لكن يبقى شىء مهما، بعيدا عن الأمور الغيبية، ومن سيدخل الجنة، ومن سيدخل النار، فإن الأعمال الصالحة فى الدنيا تمكث فى الأرض، والأعمال السيئة والخبيثة ترتد على أصحابها!!
وفى النهاية نحمد الله أن مصر لم ولن تنهار، ووضعت حدا للفوضى الأخلاقية، والحالة العبثية التى أنجبتها سفاحا 25 يناير، وأن الشعب المصرى الحقيقى بكل تراثه وحضارته المتجذرة، بجانب جيشه العظيم، يقفون سدا منيعا أمام كل المؤامرات التى تحاك ضد هذا الوطن، وسيضربون بيد من حديد على أعناق هؤلاء المنجمون الأفاقون الباحثون عن إغراق البلاد فى بحور الجهل والتخلف، وتدشين فتاوى الغيب.
ولك الله يا مصر..!!