سعيد الشحات

مريم فتح الباب

الأربعاء، 19 يوليو 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سنتقدم حين نكون كمجتمع بإرادة وثقافة الطالبة مريم فتح الباب الأولى على الثانوية العامة بمجموع «%99.3»، والثقافة التى نقصدها هى، كيف نكون صرحاء مع أنفسنا ومع مجتمعنا مهما كانت ظروفنا؟
 
«مريم»، وضعت أصابعها فى عين الذين يصرون على إعدام الفقراء، بتعجيزهم عن العيش وعدم القدرة على مواجهة الأعباء اليومية للحياة، مريم أكدت قول العلامة الدكتور محمود الطناحى: «لولا الفقراء لضاع العالم».
 
أحسن والداها تربيتها فأعادت الفضل لهما فى تفوقها الرائع فى الثانوية العامة، نظرت ومعها الحق إلى مهنته كحارس عقار بفخر، لأنه يوفر منها لقمة العيش الحلال لأبنائه، وتباهت ومعه الحق بأمها ربة المنزل.
 
الأب والأم يؤمنان بأن الأولاد هم رأس المال فى الدنيا فوضعها فيهما كل ما يصون ويرفع ويرقى، وإذا كان تفوق مريم ردا لجميل الوالدين، لكن الأهم أنها أرجعت هذا التفوق لهما، ولم تنس أو تغفل ذلك فى كل لقاءاتها الإعلامية.
 
قالت للإعلامى المميز معتز الدمرداش الذى استضافها فى برنامجه «90 دقيقة»: «علمنا والدى معنى الرضا وهو العامل البسيط الذى لم يتعلم أو يكمل دراسته» وأضافت: «أصر والدنا على تعليمنا مهما كلفه الأمر، ووفر لنا قدر ما استطاع سبل الراحة، ولذلك طلبت من الله أن يكافئ والدى فى أن يرانا متفوقين»، وعن والدتها قالت: «لم تطلب منى مساعدتها فى أمور البيت، كانت ترانى طبيبة»، وأضافت: «كنت أستذكر دروسى فى محل تجارى بالعقار، ويتناوب والدى ووالدتى وأشقائى على السهر بجانبى لحمايتى وعدم تركى بمفردى»، وقالت لـ«العربية نت»:  «قبل أن أتحدث عن نفسى وتسألنى عن تفوقى أحدثك عن والدى المواطن البسيط الذى ترك قريته فى عزبة عفيفى مركز طامية محافظة الفيوم عام 1992، وجاء إلى القاهرة باحثا عن لقمة عيش لأسرته».
 
مريم لم تنظر إلى ظروفها بانكسار أو هزيمة، لم تزيف الحقائق، لم تضع مساحيق تجميل على كلامها، ولم تستورد نسبا وأصلا، ولهذا دخل كلامها إلى القلوب دون استئذان، وتمنى كل أب أن تكون ابنته وابنه مثلها.
 
مريم تحيلنا إلى سيرة كل العظماء الذين افتخروا بفقرهم، ولم يتنكروا أبدا للطبقة الفقيرة التى خرجوا منها، ولا للبيئة التى تربوا فيها، ولم ينكروا المعاناة المادية التى حرمتهم كثيرا من رفاهية قليلة تمنوها، وهو الأمر الذى يؤكد أن الفقر ليس قدر لا نستطيع الفكاك منه، والفقر هنا ليس بمفهومه المادى وفقط، وإنما بمفهوم الإنجاز الذى يضيف إلى العلم والتقدم والتطور، فسيرة العظماء الذى يعطون فى هذا لا ينظر أحد إليهم من باب ما لديهم من مال وحسابات فى البنوك، وإنما ينظر إليهم من باب ما أضافوه إلى الإنسانية.
 
مريم تدعونا إلى أن نضبط المؤشر على أسباب نجاح الفرد والمجتمع، فالذى يجد سيجد فى أى مجال الذى سيثق فى نفسه وقدراته سيصل إلى هدفه الذى يفتخر بأصله سيفرض على الآخرين أن يحترموه، والذى يشق طريقا لنفسه يعرف أوله وآخره فى ظل هذه الظروف الصعبة سيشعر أن يحقق شيئا عظيما فى حياته.
تحية إلى العظيمة مريم فتح الباب وتحية إلى العظيمين والديها الذين أحسنا تربيتها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة