تعقد لجنة التراث العالمى لليونسكو اجتماعها السنوى فى بولندا بمشاركة وزارة الآثار المتمثلة فى إدارة المنظمات الدولية للتراث الثقافى، وذلك لمناقشة العديد من المشروعات المقرر إدراجها على قائمة التراث العالمى، بالإضافة لمشروع دير أبو مينا المسجل على قائمة الخطر باليونسكو.
جزيرة فرعون استخدمت فى العصور الفرعونية القديمة كموقع لتخزين السلع التجارية والأسلحة، ولروعتها اختارت وزارة الآثار الجزيرة لتضمها على قائمة التراث العالمى بمنظمة "اليونسكو".
نبذة تاريخية
تعتبر جزيرة فرعون من الجزر التى لها تاريخ موغل فى القدم، حيث استخدمت فى العصور الفرعونية القديمة كموقع لتخزين السلع التجارية والأسلحة للأغراض الحربية، واستمرارا لذلك فقد استغلت الجزيرة فى العصر الرومانى والبيزنطى، حيث أنشأ الإمبراطور جستنيان فنارا بموقع الحصن الجنوبى بالجزيرة يهدى السفن التجارية المارة فى خليج العقبة لخدمة التجارة البيزنطية عن طريق أيلة فحرر التجارة البيزنطية من اعتمادها على الفرس فأسس اتصالا مباشرا مع الهند عن طريق الميناء البيزنطى على خليج العقبة، وهو ميناء أيلة واستفاد منها الأنباط فى تسيير أعمالهم التجارية أى أن هذه الجزيرة كان عليها منشآت قبل أن يقيم عليها الصليبيون قلعتهم ومنها بقايا كنيسة بازيلكا صغيره التى ترجع للعصر البيزنطى فيما يعرف بحصون الرهبان فى القرن السادس الميلادى، واستمر استغلال هذه الجزيرة فى العصر الإسلامى، ومن دلالة ذلك اكتشاف نقش كتابى بالخط الكوفى البسيط يرجع فى الغالب من أسلوب الكتابة إلى القرن 3 هـ / 9 م، كما أن الجزيرة كانت مستغلة فى العصر الطولونى وفى فترة العصور الوسطى فى القرن 12 / 13 م.
أصبحت الجزيرة تتحكم فى عدة طرق لها أغراض مختلفة، منها طريق التجارة عبر البحر الأحمر إلى اليمن والشرق الأقصى وطريق الحج مع بلاد الحجاز سواء للحجاج القادمين من شمال أفريقيا ومصر أو من بلاد الشام والطريق الحربى المار بوسط سيناء المعروف بطريق صدر أيلة، والطريق ما بين سوريا ومصر وبلاد الحجاز والعراق واليمن، فهى بذلك مفتاح خليج العقبة والبحر الأحمر ومركز التحكم فى عدة طرق ما بين القاهرة ودمشق والحجاز والعراق وبلاد اليمن، وقد احتلها الصليبيون وأقاموا عليها قلعة حصينة بقيادة الملك بلدوين عام 510 هـ / 116 م، وعندما انتصر صلاح الدين الأيوبى على الصليبيين واسترد الجزيرة عام 1170م، قام بإعادة بناء القلعة وتدعيم أبراجها واسكن بها جماعة من قواده وحينما عاود أرناط الصليبى حاكم الكرك استعادة الجزيرة عام 1181م، مرة أخرى لأنها تتحكم فى الطرق البرية والبحرية فى البحر الأحمر فشل فى الاستيلاء عليها بسبب قوة حاميتها ونصرة الله للجنود المسلمين بالقلعة.
أما فى العصر المملوكى فاستخدمت هذه الجزيرة كنقطة دفاعية لتأمين طرق الحج وقوافل الحجاج نظرا لقربها من النقطه الأخيرة لطريق الحج وهى العقبة ثم هجرت عام 1300م، وانتقل الوالى منها إلى الشط ومنذ هذا التاريخ وهى مهجورة ونظرا لتقدم العلوم العسكرية ومعدات الحرب وتطور المواصلات تضاءل الدور التاريخى للقلعة من الناحية العسكرية، وأهملت وترك بها التراكمات والمؤثرات الطبقية التى أدت إلى تلاشى معظم أجزاء السور الساحلى المحيط بالجزيرة وتهدم أبراجها و ظلت جزيرة فرعون مهجورة حتى عام 1967م، حيث استولى عليها اليهود باستيلائهم على سيناء وبعد تحرير سيناء وعودتها كاملة إلى السيادة المصرية فى عام 1979م، قام المجلس الأعلى للآثار عام 1986م، بعمل حفائر علمية فى هذه القلعة ثم وضع مشروع لترميم هذه القلعة وجعلها مزارا سياحيا بعد ان احتلتها إسرائيل مدة 29 عاما كما تم إجراء مشروع تطوير للجزيرة انتهى عام 2012م.
مصوغات التسجيل
تعد الجزيرة منظرا طبيعيا ثقافيا يبرز بوضوح عمارة التحصينات الدفاعية الباقية فى سيناء من عصر صلاح الدين الأيوبى لحماية الثغور البحرية كطراز بنائى متميز فى مصر والشرق الأوسط خلال فترة العصور الوسطى، كما لعبت القلعة من ناحية الموقع نقطة دفاعية حصينة على طريق صلاح الدين الحربى بسيناء "درب الشعوى - سدر - أيلة" دوراً مهما لتأمين وحماية طرق القوافل التجارية ومسار الحجيج المارة بوسط سيناء، وصد هجمات جيوش الصليبيين عليها. ويمثل المنظر الطبيعى المحيط بموقع القلعة أهمية عالمية استثنائية من حيث أن قلعة جزيرة فرعون تطل على خليج العقبة فمجال الرؤية للقلعة مفتوح، كما ارتبطت القلعة منذ نشأتها بأحداث تاريخية مهمة، وهى حروب صلاح الدين ضد الصليبين لتحرير بلاد الشام، والتى كانت سببا رئيسيا فى تشييدها.
معايير التسجيل
تمثل قلعة صلاح بجزيرة فرعون بموقعها الجغرافى الجزرى البحرى نموذجا معماريا بارزا من البناء للقلاع المحصنة الحربية الأيوبية على طريق درب الشعوى "الطريق الحربى لصلاح الدين" فى فترة الحروب الصليبية، فأسلوب البناء يشهد على براعة ونجاح المعمار الإسلامى فى مسايرة تلك الهضاب والتلال، واستغلال كل جزئية من المساحة المتاحة بالجزيرة وتوزيعه الأمثل للتحصينات والملحقات حسب هذه المساحة فى تماشيها مع تعرجات وتضاريس الجزيرة بتقنية معمارية وإنشائية متفردة.
ارتبطت القلعة منذ نشأتها بأحداث تاريخية ذات قيمة عالمية لما لعبته من دور بارز فى صد هجمات الصلبيين فى عهد صلاح الدين الأيوبى، فالقلعة تعرضت أثناء الحروب الصليبية لأحداث عديدة حيث استطاع الصليبيون الهيمنة عليها وتقوية حاميتها وتحصين الجزيرة فى النصف الثانى من القرن 12 م، ثم فتح صلاح الدين قلعة جزيرة فرعون عام 1170 م، واستطاع تحريرها من سيطرة الصليبيين عليها.
وتتحكم الجزيرة فى عدة طرق لها أغراض مختلفة منها طريق التجارة عبر البحر الأحمر إلى اليمن والشرق الأقصى وطريق الحج مع بلاد الحجاز سواء للحجاج القادمين من شمال أفريقيا ومصر أو من بلاد الشام والطريق الحربى المار بوسط سيناء المعروف بطريق صدر ايلة و الطريق ما بين سوريا و مصر وبلاد الحجاز والعراق واليمن فهى بذلك مفتاح خليج العقبة و البحر الاحمر و مركز التحكم فى عدة طرق ما بين القاهرة و دمشق و الحجاز والعراق وبلاد اليمن منذ العصر الفرعونى القديم حتى فترة العصور الوسطى.
وفى 8 مايو الماضى بحث الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، مع اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء وعدد من قيادات الأمن القومى ووزارات الدفاع والداخلية والخارجية والسياحة والتعاون الدولى والبيئة، كافة التفاصيل المتعلقة بإعداد الملف النهائى لإدراج جزيرة فرعون بجنوب سيناء على قائمة التراث العالمى، والمقرر تقديمه لليونسكو خلال عام 2018.
دير أبو مينا
موقع دير أبو مينا الأثرى فقد سجل على قائمة التراث العالمى باليونسكو عام 1979 نظراً لما له من قيمة عالمية استثنائية، حيث احتفظت المدينة التى وجد بها قبر القديس الشهيد السكندرى مارمينا والذى دفن بها عام 296 ، و كانت المدينة أيضاً أحد مراكز الحج عند المسيحيين، كما زادت أهميتها أثناء الخلافة الإسلامية بسبب وقوعها على الطريق الذى يربط مصر بولايات الشمال الإفريقى مما جعل منها استراحة للحجاج المسلمين أثناء ذهابهم وعودتهم من مكة المكرمة حيث كان الحجاج يستريحون فيها لعدة أيام ويتزودون بالمياه العذبة منها.
وقد أدرج الموقع على قائمة التراث العالمى المعرض للخطر فى عام 2001 نظراً لارتفاع منسوب المياه الجوفية فى الموقع مما سبب للموقع والمبانى الأثرية أضراراً بالغة، وذلك نتيجة برنامج استصلاح الأراضى الزراعية القائم بالمنطقة والذى يؤدى إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية مما أدى إلى أن التربة الموجودة أصبحت سائلة مما أدى إلى تهدم الخزانات نتيجة زيادة المياه وانهيار العديد من المبانى الأثرية بالمدينة القديمة مما يعرض المدينة بأكملها للدمار جراء ارتفاع منسوب المياه الجوفية، إلا أن وزارة الآثار تعمل على قدم وساق لدرء الخطورة عن الموقع وحمايته.
وفى 4 فبراير الماضى سلمت وزارة الآثار التقرير السنوى الذى أعدته إدارة المنظمات الدولية عن موقعى دير أبو مينا ومدينة منف وجبانتها إلى مركز التراث العالمى بمنظمة اليونسكو لإطلاعه على ما قامت به الوزارة من إنجازات فى هاتين المنطقتين على مدار عام كامل منذ اجتماع لجنة التراث العالمى فى دورتها الأربعين بإسطنبول فى يونيو الماضى.
وقالت الدكتورة ياسمين الشاذلى المشرف العام على إدارة المنظمات الدولية للتراث الثقافى وملفات التعاون الدولى بالوزارة، إن التقرير يتضمن كافة المشروعات القائمة بالموقعين وكذلك أعمال الصيانة الدورية بهما بما يضمن حمايتهما.
وتضمن التقرير أيضا توضيح أوجه التعاون المشترك بين وزارة الآثار ووزارتى الزراعة والرى لإيجاد حلول لمعالجة مشكلة المياه الجوفية بموقع دير أبو مينا الأثرى ورفع كفاءة الطلمبات لتخفيض منسوب المياه الجوفية بالموقع والعمل على إخراجه من قائمة التراث العالمى المعرض للخطر.
موقع منف
وقع مدينة منف و جبانته سجل الموقع على قائمة التراث العالمى فى عام 1979م ، ويضم بين جنباته مجموعة هامة من الآثار منها "أهرامات الجيزة" بالإضافة إلى ثمانية وثلاثون هرم ممثلين فى أهرامات الجيزة وأبو صير وأهرامات سقارة و دهشور، كما يوجد بها ما يزيد عن تسعة آلاف مقبرة أثرية من مختلف العصور من الأسرة الأولى إلى الأسرة الثلاثون وممتدة إلى العصر اليونانى الروماني.
موقع منف وجبانته تم تقديم ملف لليونسكو حول ما تم إنجازه من مشروعات بالموقع مثل مشروع تنمية منطقة سقارة والممول بمنحة من الوكالة الفرنسية للتنمية، وكذلك خطة الإدارة لميت رهينة، ومشروع تطوير منطقة الأهرامات، إضافة إلى أعمال الحفائر والتنقيب الأثرى بموقع سقارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة