ساعات قليلة تفصلنا عن انتهاء المهلة الممنوحة لقطر، من مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين، لمدة 10 أيام، تنتهى غدًا الاثنين، الموافق 3 يوليو، لمراجعة مواقفها وتحركاتها الداعمة للجماعات الإرهابية، وتقترب نهاية المهلة المقدمة للدوحة، من الانتهاء، دون وجود أية مؤشرات على استجابتها للمطالب أو انتهاء الأزمة، بل إن الموقف الراهن يزداد تعقيدًا، وينتظر قطر، المزيد من العقوبات التى ستفرض عليها، جراء تعنتها وتمسكها بانحرافاتها السياسية الأخلاقية تجاه أشقائها العرب.
خمسة أسابيع، هى عمر الأزمة القطرية، وقطع العلاقات معها، تخللتها مفاوضات مكوكية ووساطات غير مباشرة، قادها أمير الكويت، الذى نقل المطالب العربية الـ 13 إلى الدوحة، وكذلك محاولات أخرى أمريكية، وكذلك تصريحات رسمية روسية، تطالب بضرورة الحوار المباشر لحل الأزمة، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، وذلك بسبب تضارب وتأرجح موقف الدوحة بين الرفض تارة، والاستعداد للحوار تارة أخرى.
وانعكست المفاوضات والوساطات، فى زيارة وزير الخارجية السعودى، عادل الجبير، وهى الثانية فى أقل من أسبوعين إلى واشنطن، وقدوم وزير الدولة الكويتى لشئون مجلس الوزراء، ووزير الإعلام بالوكالة، الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، ووزير الخارجية القطرى، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، وكذلك توجه العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى، إلى العاصمة الأمريكية، بداية الأسبوع الماضى، فى زيارة خاصة، إضافة إلى اتصال هاتفى أجراه الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، مع العاهل البحرينى، الملك حمد بن عيسى.
وتعد الساعات المقبلة حاسمة لمسار الأزمة، فى وقت تتردد فيه أنباء عن إمكان إعلان وزير الخارجية الأمريكى، ريكس تيلرسون، خطوات تتخذها الدوحة، غدًا الاثنين، قد تفتح الباب لمفاوضات بين الأطراف، حسبما قالت الكاتبة جويس كرم، فى مقال لها بجريدة "الحياة اللندنية".
وأشارت الكاتبة، إلى أن موقع "ديلى بيست" الأمريكى، كشف مقترحات يعمل عليها وزير الخارجية الأمريكى، تيلرسون، لكسر الجمود وتحريك المفاوضات، منها وضع مسئولين من وزارة الخزانة الأمريكية، فى المصرف المركزى القطرى، كمستشارين تقنيين، لمكافحة تمويل الإرهاب.
أما الاقتراح الثانى، فيتناول إعادة هيكلة "قناة الجزيرة"، وتعيين مجلس إدارة لجعل "الجزيرة العربية"، أقرب إلى شقيقتها الإنجليزية من حيث المضمون.
ووسط تلك الجهود لإيجاد مخرج لإنهاء الأزمة، جاءت التصريحات التصعيدية، لوزير الخارجية القطرى، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، للصحفيين فى روما، حيث قال - حسب زعمه - إن "قائمة المطالب وضعت لترفض، ليس الهدف هو أن تقبل، أو تخضع للتفاوض"، مشيرًا إلى أن قطر مستعدة للحوار بالشروط المناسبة، وذلك بحسب وكالة "رويترز" للأنباء.
وأضاف الوزير القطرى، "أوضحت دولة قطر، أنه لا مانع لها من بحث أى مطالب، لكن تكون مبنية على أسس واضحة، وأن تكون هناك مبادئ يتفق عليها بألا تنتقص سيادة أى دولة، وألا يكون هناك فرض وصاية، لأن هذا الأمر غير مقبول بالنسبة لنا".
بل إن تصريحات وزير الخارجية القطرى، أكدت ابتعاد الدوحة عن أشقائها العرب، وميولها للتفاوض مع الغرب، وكذلك تعنتها فى التعامل مع حلول الأزمة، حيث قال الوزير القطرى، إن إغلاق قناة "الجزيرة"، لن يكون مفروضًا من الخارج، وقال إنه اتفق مع واشنطن على إيجاد حل سلمى للأزمة الحالية التى تعانى منها قطر.
ومن جهته، قال وزير الخارجية، سامح شكرى، إن "الكرة الآن فى الملعب القطرى، وعلى الدوحة، الاختيار بين الحفاظ على الأمن القومى العربى، أو الاستمرار فى تقويضه لصالح قوى خارجية".
وحيال التطورات الجارية لا تبدو فى الأفق أية حلول دبلوماسية مع إصرار الدوحة على تعنتها وموقفها الرافض للتعاطى مع المطالب وتقديم تنازلات تساعد على خروجها من عنق الزجاجة، حيث هددت الدول العربية، بفرض مزيد من العقوبات على قطر، إذا لم تنفذ قائمة تضم 13 مطلبًا، قدمها للدوحة، وسطاء كويتيون، قبل نحو عشرة أيام، وتشمل المطالب إغلاق قناة الجزيرة، وخفض مستوى العلاقات مع إيران، وإغلاق قاعدة جوية تركية فى قطر.
وفى هذا الصدد، رجح خبراء مصريون، أن تواجه قطر إجراءات أكثر تشددا من قبل دول المقاطعة الأربع، لكنهم استبعدوا فى تصريحات لوكالة "نوفوستى" الروسية، ونقلتها، شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، خطر تصعيد الصراع الدبلوماسى، وتحويله إلى نزاع عسكرى.
وتعليقا على ذلك، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصرى، خبير العلاقات الدولية، رضا شحاتة، إن الحديث "لا يدور عن خيارات عسكرية فى التعامل مع قطر، الكرة الآن ليست فى ملعب الدولة القطرية، بل فى ملعب الأسرة الحاكمة التى تنتهج سياسة لا تضر فقط بالأمن القومى العربى، ولكن بالشعب القطرى وأمن المنطقة بأسرها فى الخليج".
ووفقا للمساعد السابق لوزير الخارجية المصرى، فإن المنطقة أصبحت بسبب السياسات القطرية عرضه للتدخل الإيرانى والتركى، كما لو "أننا عدنا إلى الحقبة العثمانية أو الهيمنة الفارسية".
ومن جانبه، قال اللواء جمال مظلوم، الرئيس السابق لمركز الأبحاث فى أكاديمية جمال عبد الناصر العسكرية، إن أمد النزاع مع قطر قد يطول، ومع ذلك، لن يتحول إلى نزاع عسكرى، مضيفًا "ليس هناك حصار فعلى لقطر، هناك فقط مقاطعة سياسية ودبلوماسية، تم فرضها عليها بسبب دعمها الإرهاب فى المنطقة، مضيفًا "إننا لا نزال فى بداية الصراع، ولكن لا يجب أن نتوقع شيئا أكثر من العقوبات الاقتصادية، خاصة وأن أحدا لم يوجه تهديدات عسكرية للدوحة، ولم يسم أهدافا محددة فى قطر".
وتعليقا على التحركات العسكرية التركية فى قطر، قال الخبير، إن الأمر يندرج فى إطار خوف السلطات من حصول "محاولة انقلاب"، وأضاف "القوات التركية فى الدوحة تهدف إلى حماية النظام فى قطر".
ومن بين التدابير الجديدة التى يمكن أن تتخذها البلدان العربية ضد قطر، دعا "مظلوم"، إلى مقاطعة الشركات الأجنبية الكبرى التى تتعاون مع قطر، وخاصة تلك التى تملك استثمارات كبيرة فى المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، أو مصر، وأيضا فى البلدان التى تدعم العقوبات ضدّ قطر.
وفقا له، فإن قطر أيضا قد تفقد عضويتها فى مجلس التعاون الخليجى، وقال إن "هذا سوف يترك آثارا سلبية للغاية على الجوانب الاقتصادية والسياسية و العسكرية فى الدوحة"، كما لم يستبعد تجميد عضوية قطر فى جامعة الدول العربية".
أما المساعد السابق لوزير الخارجية لمصر، رضا شحاتة، اعتبر أن قطر ستواصل اللجوء إلى الدول الكبرى لحل النزاع مع جيرانها العرب، مثل الولايات المتحدة، وشركائها الاقتصاديين فى الغرب.
فيما أكد، أنه يعتقد أن الدول الكبرى لن تتدخل فى هذا الصراع، ولن تتخذ موقفا مناصرا لأحد الجانبين، وسيقتصر دورها على إطلاق الدعوات للحوار السياسى، وإيجاد حل سلمى للنزاع، خاصة وأن الولايات المتحدة، لا تعتقد بأن هذا الصراع يهدد مصالحها الاقتصادية فى المنطقة، وهى تنظر إليه كصراع عربى إقليمى بحت، سيستمر لبعض الوقت، حسب قول "شحاتة".