كان موضوع المظاهرة نفسه غريبا ولافتا، ولم تلفت النظر كثيرا لكنها تعبر عن حجم التغيرات فى مفاهيم المجتمع والأهداف من التظاهر. كانت المظاهرة من طلاب الثانوية العامة الراسبين فى الامتحانات ذهبوا إلى مقر وزارة التعليم ورددوا هتافات يطالبون فيها بدخول امتحانات الدور الثانى، وهم الطلاب الراسبين فى أكثر من مادتين، بينما الدور الثانى يدخله الطلاب الراسبون فى مادتين بحد أقصى ويحصل الطالب على %50 فقط مهما كانت إجابته.
وقد تظاهر الطلاب الراسبون فى ثلاث مواد فأكثر يطالبون بدخول الدور الثانى أسوة بزملائهم، وأن يتم منح الطالب درجته الحقيقية فى المادة وليس الخمسين فى المئة فقط، وقد شارك بعض أولياء الأمور أبناءهم المظاهرة التى جرت الأسبوع الماضى، ولم تسفر مطالبهم عن نتيجة.
ردد الطلاب شعارات: «عايزين نمتحن ومستقبلنا بيضيع، ويا وزارة فينك فينك القانون بينا وبينك» وحمل الطلاب لافتات منها: «ارحموا أولياء الأمور من مصير مجهول، وولادنا مظلومين».
لاشك أن مثل هذه المظاهرات لم تكن تخرج فى السابق وأنها نتاج لتطورات اجتماعية بل وسياسية جعلت كل واحد يخرج ليرفع مطالب يراها عادلة، ولم يكن الطالب الراسب يرى أن لديه أى حق ويشعر بالخجل لكونه لم يؤد ما عليه من واجبات. وأن رسوبه نتيجة لإهماله، لكننا اليوم نرى على صفحات مواقع التواصل تلاميذ راسبين لا يكتفون بالاعتراف بالرسوب، لكنهم يرون رسوبهم ليس لتقصير منهم وإنما لفشل نظام التعليم عن استيعاب قدراتهم ومهاراتهم. وبعض الراسبين لايرون رسوبهم نتيجة إهمال وإنما بسبب فشل نظام التعليم.
هناك اتفاق على أن نظام التعليم لدينا لم يعد يناسب العصر، وأننا تأخرنا كثيرا وكان التعليم حقل تجارب، أدى لتراجع مستوى التعليم والخريجيين، وهناك حديث عن خطط وتحولات فى نظام التعليم، وهذا الاتفاق هو ما يمنح الطلاب الراسبين منطق التظاهر، وإعلان رفض نظام أدى لرسوبهم.
وفى نفس الوقت من الصعب قبول كل حجج التلاميذ الراسبين ممن اعتبروا رسوبهم بسبب نظام تعليمى غير قادر على استيعاب قدراتهم ومواهبهم.
ومع الاتفاق على ضرورة تغيير نظام التعليم، فهذا لا يمنع من أن الطلاب الراسبين أو لنقل أغلبهم، يتظاهرون، ليبرروا لأولياء أمورهم أنهم ليسوا مقصرين، ويستغل بعضهم «الزحام» ليندمجوا فى مظاهرات يطالبون فيها بإعادة الامتحانات، ويعتبروا رسوبهم عيبا فى التعليم، وليس عيبا فيهم، وهو ما قد يبدو نوعا من «حجة البليد»، حيث يعلق الراسب المسؤولية عن رسوبه فى شماعة النظام التعليمى.
بعض الطلاب يستحقون التعاطف، وبعضهم يفتقد المنطق فى تظاهره، وربما كان من بينهم بالفعل من هم ضحايا لنظام تعليمى أصابه الجمود، وربما يكون الحل مع تغيير نظام التعليم بشكل يتيح للطالب اختيارات أكثر وإمكانيات التأجيل وألا يكون الامتحان غاية بل وسيلة لاختبار القدرة على الاستيعاب.