كريم عبد السلام

مريم ابنة البواب فى مؤتمر الشباب.. عودة الروح للعدالة الاجتماعية

الثلاثاء، 25 يوليو 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشهدان فى غاية الدلالة والأهمية، يمكن اعتبارهما يلخصان عصرين متباينين، أولهما مشهد الطالب النابه عبد الحميد شتا خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذى انتحر يأسا بعد انسداد أبواب الترقى الاجتماعى أمامه، فى أواخر عصر حسنى مبارك، ومشهد مريم ابنة البواب التى تفوقت فى الثانوية العامة، فاحتفت بها مؤسسات الدولة المصرية ودعيت لحضور مؤتمر الشباب بالإسكندرية، بل وأجلسها رئيس الدولة إلى جواره فى الجلسة الافتتاحية، بما يؤذن ببداية عهد جديد يعيد الاعتبار إلى قيم التفوق والاجتهاد والعمل الجاد.
 
بين المشهدين خمسة عشر عاما بالتمام والكمال، فالراحل عبد الحميد شتا تقدم عام 2002، بعد تخرجه بتفوق من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لاختبارات جهاز التمثيل التجارى للحصول على وظيفة الملحق التجارى، ومعه اثنان وأربعون شابا آخرون، كان «شتا» يشرف على تحصيلهم العلمى فى الجامعة بحكم تفوقه.
 
وفى اختبارات التمثيل التجارى حصل شتا على أعلى الدرجات متفوقًا على الاثنين والأربعين شابا المشاركين معه، وتوقع الجميع أن يكون أول الفائزين بمنصب الملحق التجارى لمصر فى الخارج، لكن المفاجأة أن الاثنين والأربعين شابًا نجحوا ورسب شتا، لماذا؟ لأنه ابن فلاح بسيط يعمل ليكسب قوت يومه، ونال على ملفه الختم المشؤوم «غير لائق اجتماعيًا»، وحينها قرر شتا الانتحار بالقفز فى النيل، ربما لأنه أيقن أن البلد فسد لدرجة أنه لم يعد يتحمل أى مجتهد مكافح.
 
وفى عام 2017، استطاعت الطالبة مريم فتح الباب، وهى تعيش فى غرفة واحدة مع أسرتها داخل جراج، أن تحقق التفوق التعليمى وأن تحقق المركز الأول على طلاب الثانوية العامة، ولم يعقها ضيق الحال أو أنها ابنة بواب بسيط، بل على العكس من ذلك رفضت الكثير من الهدايا والمساعدات التى انهالت عليها بعد إعلان النتيجة، وأعلنت بعزة نفس أنها تفتخر بأبيها البواب البسيط وسط زملائها وأرجعت الفضل فى تفوقها لعائلتها رقيقة الحال التى لم يعقها الفقر عن رعاية الابنة المتفوقة أملا فى تحقيق إنجاز فى الحياة عبر تفوقها العلمى.
 
الإضافة فى هذا السياق، فى التفات مؤسسات الدولة واهتمامها حتى أعلى مسؤول فيها بتجربة الطالبة مريم، الأمر الذى يعنى باختصار فتح أبواب الأمل أمام الشرائح الكبيرة فى المجتمع بعد انسدادها سنوات، فكانت النتيجة اليأس الاجتماعى والهجرة غير الشرعية والكفر بالوطن واللجوء إلى التطرف للانتقام من حقوق لم يحصل عليها اليائسون.
 
الآن، يمكن لنحو ثمانين مليون مصرى أن يحلموا وأن يتطلعوا لتحسين أوضاعهم من خلال بذل الجهد والإبداع والتفوق، وهى نفسها الروح الجبارة التى بنت مصر وحققت النهضة الكبرى فى الخمسينيات وحتى الانتكاس فى حرب اليمن وحرب 1967.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة