تأثرت علاقات الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة بأحداث 11 سبتمبر، التى أدت إلى تقارب الرؤى بعد الأحداث مباشرة وتصدع ظرفى بعد الأحداث بفترة، وهذا ما يراه البعض نهاية لمفهوم الغرب الاستراتيجى حتى لو كان الغرب الحضارى قائما، فالمنظومة الغربية لم تعد موحدة، فالعلاقات بينها أصبحت تقوم على التصارع والتنافس تحت غطاء التعاون فى بعض المجالات أيضا، فالنموذجان الأوروبى والأمريكى يختلفان جوهريا فى توجهاتهما الاجتماعية والاستراتيجية، ونظريتهما للعلاقات الدولية، هذا ما خرج به محمد ضياء الدين محمد فى بحثه المهم «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر»، واستعرض فيه كيفية نشر الأيديولوجية الاشتراكية فى العالم من جديد، وذلك لمواجهة التحركات الأمريكية.
الاتجاه الرابع وهو اتجاه تنمية التحالف الصينى الأوروبى، ويرى منظرو هذا الاتجاه أن غاية هذا الاتجاه هو إسقاط النموذج الأمريكى الاقتصادى والسياسى والعسكرى، وهذا يحتاج من الطرفين الأوروبى والصينى لعلاقات مزدهرة، فحقق الجانبان الشراكة الاستراتيجية الشمالية عام 2003م، فأصبح الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى للصين، وأهم مورد لها فى مجال التقنية، وأصبحت الصين هى سوق التصدير الأسرع نمواً بالنسبة للاتحاد الأوروبى، وتجلت أهمية العلاقات بين الطرفين خلال عملية معالجة أزمة الديون الأوروبية، وأصبح العالم كله يحتاج إلى علاقات صينية أوروبية جيدة، خصوصا بعد التقاء المطالب الأوروبية والصينية بضرورة وجود عالم متعدد الأقطاب ضمن منظومة عالمية جديدة.
4 - العالم الإسلامى
فيعتبر الأكثر تأثرا بأحداث 11 سبتمبر بعد توجيه الاتهام للإسلام الأصولى والدول الإسلامية، التى تصنفها الولايات المتحدة بأنها راعية للإرهاب، وأنها وراء هذه الأحداث، فقد أساءت أحداث سبتمبر للإسلام كثيرا، وتسببت فى صبغه «بالإرهاب» والتطرف، واتجهت العلاقات الدولية بالنسبة للعالم الإسلامى كالآتى:
الاتجاه الأول: اتجاه الخضوع للواقع العالمى بعد 11 سبتمبر، والخضوع للتهديدات الأمريكية، فقد وجد الحكام العرب أن ذريعة الإرهاب تعفيهم من تقديم المبررات للمنظمات الحقوقية الإنسانية، فاتجهوا لفتح سجونهم لكل معارض إسلامى بتهمة أنهم ينتمون إلى مجموعات إرهابية تهدد المصالح فى العالم، ففى الشرق الأوسط تحولت أحداث 11 سبتمبر إلى ذريعة للإرهاب، وأصبحت تخدم حكاما فاشلين، فمنهم من لجأ إلى تغيير الدستور حتى يبقى رئيسيا مدى الحياة.
الاتجاه الثانى: أنتجت أحداث 11 سبتمبر رؤية جديدة للعلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامى، حيث تحول الخطر الإسلامى إلى داخل دوائر القرار الأمريكية مع تفاعلها مع ظاهرة الإرهاب، وظهور الخطر الإسلامى لأول مرة كهدف محورى فى الاستراتيجية الحربية الأمريكية، بالإضافة لحضور العامل الثقافى بقوة فى الرؤية الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.
الاتجاه الثالث: بروز المحور الإسلامى كخط تصدع فى العلاقات الدولية، خاصة بين المكونات الرئيسية الثلاثة للنظام الدولى، وقد تجسد ذلك بوضوح فى الحرب ضد العراق، فقد تبنى الاتحاد الأوروبى مبدأ احترام سيادة الدول، وحصر التدخل العسكرى تحت المظلة الأممية، وحاولت روسيا فى نفس الوقت تطبيع علاقاتها بالعالم الإسلامى، وكان موقفها ضد حرب العراق، مما أدى لتحرك المحور الإسلامى وترشيح روسيا للانضمام لمنظمة المؤتمر الإسلامى، فى حين تأرجحت علاقات العالم الإسلامى مع الولايات المتحدة، وحاولت أمريكا احتواء الدول الإسلامية ودمجها فى المنظومة الدولية لاجتثاث الإرهاب.
الاتجاه الرابع: وهو اتجاه استشراقى تقليدى للعلاقات الدولية للعالم الإسلامى، ويرى هذا الاتجاه ضرورة سد ثغرة عدم الطلب للثقافة الإسلامية ونبذها، وأن من الضرورة إيجاد آليات لبناء الثقة بين العالم الإسلامى والشعوب فى كل العالم، فقد تحدث عن هذا الاتجاه «محمد أركون»، وقد ذهب إلى أن عمق الأزمة بين الغرب والمسلمين راجع إلى تأخر المسلمين فى تطبيق مناهج أكثر حداثة من النموذج التقليدى الإسلامى، ودعى للانفتاح على العالم دون قيود ومحاولة إذابة نقاط الخلاف بين العالمين الإسلامى والغربى حتى تسود علاقات جيدة بين العالمين.
الاتجاه الخامس: وهو محور تنمية علاقات العالم الإسلامى مع روسيا، حيث سعت روسيا أيضا لإنشاء تحالف استراتيجى مع مختلف القوى الإسلامية، وذلك لمواجهة المشروع الأمريكى فى المنطقة الإسلامية، ويعرف بـ«مشروع الشرق الأوسط الكبير»، وظهر التقارب الإسلامى الروسى عقب زيارة ولى العهد السعودى لروسيا، وحدث تقارب أكثر فى هذه العلاقات بين الطرفين بتصريح فلادمير بوتين الرئيس الروسى، أن حصار الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات خطأ يجب التراجع عنه، وكل ذلك كان فى اتجاه تعزيز العلاقات الروسية الإسلامية، بالإضافة لمحاولتها جعل خارطة الطريق قراراً دولياً صادراً عن مجلس الأمن، ولكن واجه هذا الاتجاه العديد من الصعوبات، أهمها تفكك العالم الإسلامى ووجود تيارات متناقضة به.. ونواصل نشر الدراسة وكشف أسرار جديدة فى علاقات أمريكا بالعالم العربى والإسلامى والأوروبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة