ثورة جديدة فى أبحاث الهندسة الوراثية وعلوم الجينات والأحماض النووية، التى وصلت لآفاق غير مسبوقة، وكل يوم تقريبا تصعد أبحاث الجينوم درجة نحو مزيد من التحكم الجينى، ليس فقط فى تحديد نوع المولود فى التلقيح خارج الرحم، لكن أيضا أصبحت هناك إمكانية لإزالة الجينات التى تتعلق بأمراض وراثية معينة وتعديلها، وهى خطوة تمثل ثورة كبرى فى عالم الطب ومواجهة الأمراض الوراثية.
توصل فريق أبحاث يقوده «شوخرات ميتاليبوف»، رئيس مركز أوهسو للخلايا الجنينية والعلاج الجينى، وتتعلق بتقنية «كريسبر»، التى تفتح حدودا جديدة فى الطب الجينى، بسبب قدرته على تعديل الجينات بسرعة وكفاءة، حيث يمكن من خلال هذه التقنية قطع «الأجزاء غير المرغوب فيها من الجينات، واستبدالها مع امتدادات جديدة من الحمض النووى».
وحسب ما ذكره إريك روبنسون، المتحدث باسم مركز أوهسو، أن الجيل التالى قد يستفيد من علاجات الجينات القوية، حيث يمكن حذف الجينات المعيبة أو إصلاحها، ويصفه علماء بأنه بمثابة رصاصة ذهبية لأمراض مثل السرطان وفيروس نقص المناعة، والأمراض الوراثية مثل مرض «هنتنجتون» وباقى المتلازمات الطبية والجينية.
ومشروع الجينوم البشرى مشروع علمى بحثى دولى، يهدف إلى تحليل القواعد النيتروجينية الكيميائية، التى تكون جزىء الـDNA، وتحديد هوية ومكان ما بين الـ20 إلى 25 ألف جين فى جينوم الإنسان، ترسم الصورة الجسمانية والعقلية والمرضية وتحدد المستقبل الصحى للإنسان.
وبدأ مشروع الجنيوم فى أكتوبر 1990، تحت إشراف مكتب الأبحاث البيولوجية والبيئية، التابع لمكتب العلم فى وزارة الطاقة الأمريكية، بالاشتراك مع المعهد الوطنى الأمريكى للصحة، والمعهد الوطنى لأبحاث الجينوم البشرى، وأعلن عن النسخة الأولى من الجينوم فى سنة 2000، وعن النسخة الكاملة فى سنة 2003، وهنالك تفاصيل وتحاليل أدق ما زالت تنشر فى الخريطة الكاملة للإنسان.
يختلف حجم الجينوم وعدد الجينات بين الكائنات الحية، فالجينوم البشرى مثلا يحتوى على 3 مليارات قاعدة نيتروجينية، بينما الفأر لديه 2.5 مليار قاعدة.
ويعتبر التوصل إلى خريطة الجينات أول درجة فى الأبحاث المتعلقة بالتعديل والحذف، التى توصل إليها فريق «أوهسو»، وتعتمد على تغيير الحمض النووى لمجموعة من الأجنة البشرية ذات الخلايا الواحدة مع تقنية تحرير الجينات «قص ولصق»، وتتم فى البويضة الملقحة، التى لم تنقسم بعد.
وبالطبع، فإن التوصل إلى تقنية التعديل والقص واللصق للجينات، تثير الجدل بين بعض العلماء ورجال الدين والفكر، لوجود مخاوف من التوظيف السىء للتقنية العلمية، وهناك بعض البلدان قد وقعت اتفاقية تحظر أبحاثا، خوفا من توظيفها لخلق «الأطفال المخلقين أو المصممين»، وهى مخاوف طرحتها أفلام كثيرة فى السينما، حيث يحاول بعض العلماء الأشرار باستخدام العلم إنتاج بشر يمكن التحكم فى مواصفاتهم وتوجيههم لاستخدامات غير مشروعة، لكن دائما ما يرد العلماء بأن العلم هدفه الأساسى إنقاذ البشر وإسعادهم وإزالة العيوب وعلاج الأمراض، وأن توظيف العلم لأسباب شريرة لا يمنع من الاستمرار فى البحث العلمى.