لم يكن الصيدلي الشاب "وجيه صبحي" الذى ترك الدنيا لأجل حياة التقشف والرهبنة، يعلم أن ذهابه لدير الأنبا بيشوي بوادى النطرون عام 1986 سينتهى به إلى اعتلاء سدة كرسى بطريرك الكنيسة القبطية الـ118.
البابا في صورة قبل رهبنته
تربى "وجيه" تربية مسيحية، ونشأ في أحضان كنيسته التي كان يشغل فيها منصب أمين الخدمة إلى جوار غيره من الشباب، إلا أن لقاءه بالأنبا باخوميوس أسقف البحيرة في عمره المبكر غير حياته، ودفعه نحو الرهبنة التي تعلق بها قلبه، فترهبن رسميًا في مثل هذا اليوم عام 1988.
البابا تواضروس
في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، الذى قضى فيه الأخ وجيه عامين بجلباب أزرق قبل أن تتم رهبنته رسميًا، سيعيش حياة النساك في الصحراء بعدما تصلى عليه صلاة الموتى، فالرهبنة موت عن العالم، وحياة أخرى مع الله، يتغير فيها اسمه ويتجرد من كل ما يملك فيودع وجيه الصيدلي، ويصير الراهب "ثيؤدور"، الذى ينال رتبة القسيسية بعد عام من رسامته (تعيينه) راهبًا.
ينتقل القس ثيؤدور للخدمة في محافظة البحيرة إلى جوار أبيه ومعلمه الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والخمسة مدن الغربية، ويتولى القس الشاب مسئولية الخدمة في كنيسة كنج مريوط التي زارها منذ ما يقرب من شهر ألقى فيها عظته الأسبوعية وكأنه يستعيد ذكريات خدمته كقس، ويعود إليها محاطًا بزفة الشمامسة وبلحن "أبؤورو" الذى يصاحب البابا البطريرك عند دخوله الكنيسة.
القس ثيؤدور في دير الانبا بيشوي
سبعة سنوات يقضيها القس ثيؤدور في الخدمة بتلك الكنيسة، ثم يأتي العام 1997 الذى ينال فيه درجة أعلى، فيصير أسقفًا عامًا، ويتغير اسمه إلى الأنبا تواضروس أو عطية الله ويصبح مساعدا للأنبا باخوميوس بإيبراشية البحيرة التي نشـأ وتربى في كنائسها صغيرًا وعاد إليها بعمامة الأساقفة الكبيرة يتفقد أحوال رعيتها، يصلي لهم لينالوا البركة، ويدير شئون القساوسة بمهاراته الكبيرة في علم الإدارة التي حصل فيها على الماجستير من لندن.
القس ثيؤدور مع اخوته الرهبان
يمر وقت طويل، ويهاجم المرض جسد البابا شنودة بابا الإسكندرية، ثم يلقى ربه وسط وداع مهيب من شعبه القبطي ومن المصريين جميعًا، وفي تلك اللحظة يصعد الأنبا باخوميوس لمنصب القائم مقام ليدير شئون الكنيسة باعتباره أكبر الأساقفة سنًا بعد اعتذار الأنبا ميخائيل مطران أسيوط لظروفه الصحية.
يدير القائم مقام الكنيسة في ظروف صعبة سياسيًا وتاريخيًا، تنتقل مصر من عصر إلى عصر وتعيش الكنيسة الانتقال ذاته دون أن يشعر أحد أن ارتباكًا قد حدث بخلو المقعد بوفاة البطريرك الكبير، وتجري الانتخابات الباباوية التي يترشح فيها الكثير من الآباء الأساقفة المشاهير هؤلاء الذين تصدروا المشهد الكنسي والإعلامي طوال سنوات مرض البابا شنودة، وطوال فترة خدمته التي تجاوزت أربعين عاما ظهر فيها نجومًا وأفل أخرين.
الانبا تواضروس ومعلمه الانبا باخوميوس
لم يكن الأنبا تواضروس الأسقف المساعد بالبحيرة، يتخيل أنه يقترب من كرسي مارمرقس، ولم يطرح اسمه ضمن بورصة المرشحين وكأنه قادم من الصفوف الخلفية في الكنيسة، إلا أن التزكيات التي حصل عليها تجعله في خضم المنافسة مع الأنبا رافائيل أسقف وسط القاهرة واللاهوتي الشهير، وثلاثة من القمامصة هم ، القمص رافائيل أفامينا ، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني.
الانبا تواضروس والانبا باخوميوس والبابا شنودة
يتفوق الأنبا رافائيل على الأنبا تواضروس في الأصوات التي حصدها في الانتخابات الباباوية، ولكن القرعة الهيكلية تأتي به بابا للكنيسة ليجمع بين اختياري الأرض والسماء، ويواصل ما تعلمه من حكمة على يد أبيه الأنبا باخوميوس أستاذه ومعلمه فيدير الكنيسة في أصعب وقت تمر به، يرأس جنازات الشهداء، ويؤكد على دور الكنيسة الوطنى، وينتصر لوحدة البلاد صامًا أذنيه عن الكثير من المزايدات، كربان للسفينة يتجاوز بحكمته طيش الأمواج وأصوات الفتن.
يوم تجليس البابا تواضروس
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة