سؤال جوهرى: هل الذين دعوا لثورة 25 يناير 2011 كان هدفهم الرئيسى إنقاذ الغلابة من براثن الفقر أم الوصول لقصور السلطة على جثث الأبرياء؟!
أعلم أن الحقائق موجعة، والمخطئون «المتمرغين» فى ثرى الخطيئة، يصمون آذانهم، ويعمون أبصارهم، حتى لا يروا الحقيقة، والاعتراف بأخطائهم الجسيمة، فى تجبر ومكابرة كارثية عليهم فى المقام الأول، وعلى من حولهم فى المقام الثانى.
تعالوا، نُعلى من شأن الحقيقة، دون تلون أو خوف، ونبعد المشاعر الشخصية والمكابرة والتشبث بآراء وشعارات وهمية، لأن الحق أحق أن يتبع، ونحن لا نخشى فى الحقيقة لومة لائم، الحقيقة التى يخشى الجميع أن يقولها، إن الذين دعوا لثورة 25 يناير 2011، لم يكن أهدافهم إنقاذ الغلابة من براثن الفقر، ولا من أجل توفير «رغيف العيش»، ولا من أجل الحرية أو العدالة الاجتماعية، وإنما الهدف الرئيسى الوصول للحكم.
الأبرياء، الأنقياء، من بسطاء هذا الوطن صدقوا شعارات هؤلاء، وصدقوا قصة سرقة مبارك وأسرته 70 مليار دولار، وسيتم إعادتها وتوزيعها وتقسيمها بالعدل على الشعب، وصدقوا أيضا جماعة الإخوان الإرهابية التى تدثرت برداء الدين، وأنهم المبعوثون من السماء لإنقاذهم من براثن الفقر فى الدنيا، وإنقاذهم من نار جهنم والدفع بهم فى الجنة فى الآخرة.
وتدريجيا، وبعد كل هذه الوعود البراقة والمتلألئة، بدأ يختفى وميضها، شيئا فشيئا، حتى تلاشى، وسقطت أقنعة المُنادون بالحرية، وظهرت نواياهم الحقيقية عندما زرعوا أول بذور الفرقة والتكفير السياسى، والإقصاء وتصنيف المصريين حسب الهوية ما بين فلول وثورى وناشط سياسى، من خلال إعداد القوائم السوداء، وأعتقد أن هذه القوائم كانت ضربة قوية لمصداقية الثورة، ونوايا أدعياء الثورية.
ثم تبارى النشطاء فى صراع الظهور أمام كاميرات القنوات الفضائية، وتفاخروا فيما بينهم أن عصر نجوم الرياضة والفن قد انتهى، وأن الثوار والنشطاء هم النجوم القادمون بقوة، وهذا ما قاله نصا أحمد ماهر مؤسس أسوأ حركة فوضوية عرفتها البلاد، وهى حركة 6 إبريل.
أيضا بدأت جماعة الإخوان تمارس نفس دور «الحرباء» بتلونها لتحقيق مآربها، فهم مع الثوار فى الميدان، ثوارا، ومع المجلس العسكرى خلف الكواليس، عسكريين داعمين للجيش المصرى، ووسط عشيرتهم وجماعتهم، انتهازيون ينتظرون الفرصة للانقضاض على الحكم والسيطرة على كل سلطات البلاد، وتاه وسط كل هذه المخططات، شرفاء هذا الوطن من البسطاء والغلابة، وارتبكت لديهم المفاهيم، ولم يَعِدوا قادرين على الفرز بين الغث والسمين.
هذه هى الحقيقة الساطعة سطوع الشمس فى كبد السماء ولا تحتاج لنظارة مكبرة، أو تليسكوب لرؤيتها، وإنما يراها ضعاف النظر قبل المتمتعين بقوة البصر، فقد خرج هؤلاء فقط من أجل الوصول للسلطة، وليس من أجل عيون الغلابة، والدليل أن مصر كانت قبل الثورة من الدول المستقرة التى لا يهدد أمنها القومى أية مخاطر، وتتمتع باقتصاد مزدهر.
وبعد الثورة، انهار كل شىء، الذين هبطوا علينا بالبراشوت، دفعوا البلاد إلى الهاوية، وبدأت المخاطر الكارثية تحدق بأمنها القومى، فوجدنا انهيارا اقتصاديا، وسيطر الإرهابيون على مقاليد الحكم، وبدأت الدول تتجرأ على مصر مثل إثيوبيا، وتستغل غرق القاهرة فى تفاصيل الفوضى الداخلية بفعل الثورة الميمونة، لتبدأ فى بناء سد النهضة مهددا المصريين بالموت عطشا.
ووسط محاولة الدولة بكل قوة، ترميم الانهيارات فى كل القطاعات، بفعل ثورة 25 يناير، ووضعت نفسها فى المسارات الصحيحة فى الداخل والخارج، وجدنا من سخروا أنفسهم لوضع المطبات الصناعية المميتة أمام انطلاقة البلاد، بتنفيذ العمليات الإرهابية، ونشر الفوضى وضرب السياحة، وتهريب العملة الصعبة، ونشر الشائعات وتبنى خطط التشكيك والتسفيه، ونثر بذور اليأس والاحباط، وتأليب الناس ضد النظام.
ورغم أن معهد BMI البحثى، والتابع لمؤسسة Fitch للتصنيف الائتمانى العالمى، أكد فى أكثر من تقرير أن مصر ستكون واحدة من أكبر وأهم 10 اقتصاديات ناشئة فى العالم تحقيقا لطفرات فى النمو والتنمية، إلا أن كتائب الشر، وخونة الداخل والخارج، يروجون عكس ذلك.
ونرى هؤلاء حاليا يوجهون بوصلة مواقفهم السياسية نحو الأهداف التى تحقق لهم مصالح ومنافع ومغانم خاصة، فنجد أدعياء الثورية ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعى، يسخرون صفحاتهم لمن يدفع، دون النظر إلى أن هذا التعاون والتأييد والدعم لجماعات وتنظيمات إرهابية وجهات وكيانات دولية، أو دول معادية مثل قطر وإسرائيل وتركيا وإيران، المهم الحصول على المكاسب والمغانم المادية.
ولا تتعجب من ظهور حمدين صباحى وصديقه معصوم مرزوق، وباقى نشطاء السبوبة وباعة التويتات المتجولين، على قناة الجزيرة، وقنوات الإخوان، يهاجمون النظام المصرى، ويطعنون المؤسسة العسكرية فى شرفها بخنجر مسموم.
ولا عجب أن تجد المورد الأكبر للملابس الداخلية للثوار فى ميدان التحرير، والخبير فى «دهن الهواء دوكو» ممدوح حمزة، يستجدى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، التدخل للإفراج عن مهدى عاكف ومحمود الخضيرى، فى أبشع صور استدعاء الخارج للتدخل فى شؤون البلاد.
ممدوح حمزة الذى اتهم مبارك ونظامه أنهم عملاء وخونة ومرتمون فى أحضان أمريكا، لا يتورع علنيا بأن يكتب على صفحته على تويتر مطالبا بتدخل أمريكى فى الشأن الدخلى للإفراج عن قادة جماعة إرهابية.
أى عبث، هذا الذى نكتشفه يوميا من كهنة يناير، للدرجة التى تدفع بأبرز كهنتها أن يتعاطفوا ويدافعوا عن قيادات جماعة إرهابية، ويقدموا الاعتذارات المذلة لها ويعلنوا الندم الشديد أنهم ارتكنوا للدولة الوطنية على حساب الجماعة!!
ونسأل كل الذين تعاطفوا وصدقوا هؤلاء الكهنة للخروج فى ثورة الشك والخراب 25 يناير، أين وعود الثورة برخاء البلاد، وثراء العباد وإرسال السماء للأموال كالسيول الغزيرة؟ وألا تدركون أنكم تسببتم فى الخراب والمآسى التى تعيشها مصر حاليا؟!
وكالعادة أترك الإجابة للسادة القرّاء المحترمين..!