لسنا هنا بصدد عقد المقارنة بين دولة عرفت «الضمير والقيم الأخلاقية» قبل نزول الرسالات السماوية بألفى عام، مثلما أكد المؤرخ الأمريكى الكبير «جيمس بريستد» فى كتابه الأشهر «فجر الضمير»، الذى أثبت فيه بالأدلة التاريخية والأثرية المؤكدة أن الحضارة المصرية القديمة هى مهد الأخلاق والقيم الإنسانية ومنبعها، التى انطلقت من فوق أراضيها إلى مختلف بقاع العالم، ودويلة عبارة عن قناة تليفزيونية، تدشن «لقلة الضمير والخسة والنذالة والمؤامرات» ضد أشقائها وأصدقائها.
لا يمكن مقارنة مصر، أرضا وشعبا وجيشا وتاريخا يلتصق بجدران الإنسانية، بدولة «الجزيرة» وعاصمتها قطر، التى سخرت إمكانياتها المادية للتدمير والتخريب والعمل على إسقاط الدول الشقيقة فقط، قادتها لا يعرفون للضمير طريقا، ولا يعترفون بصلة الرحم، فتجد الابن ينقلب على أبوه، ويحاول سجنه والتنكيل به من أجل الجلوس على مقعد الإمارة، وتتصدر صوره «الجزيرة».
مصر التى تتألم لألم أشقائها، وتهب لنجدتهم ومساعدتهم عبر تاريخها الطويل، تتعامل بشرف، وتحتضن كل لاجئ على أراضيها، يعيش بين أبنائها، له ما لهم، وعليه ماعليهم، لم تعرف للخيام إيواء، ولكن تستضيفهم فى منازل أبنائها، بينما قطر لا تحتضن سوى الجماعات والتنظيمات الإرهابية، والارتماء فى أحضان كل أعداء الأمة، مثل العاهرة فاقدة الشرف، التى لا يعنيها أن ترتمى فى أحضان الحرس الثورى الإيرانى، أو جيش أردوغان الإخوانى.
الزائدة الدودية «قطر»، التى لم تر النور على الخريطة الجغرافية سوى عام 1971، سطرت، للعار والعهر السياسى، والأخلاقى، ما يندى له جبين الأمة العربية التى تتغنى بتاريخها، وفروسيتها، وأخلاقها، وكرمها، وتصادمت مع صحيح الدين، عندما سطر حكامها قانون «عقوق الوالدين وقطع صلة الأرحام»، طمعا وجشعا فى سلطة زائلة، ثم والأدهى، يخرجون علينا وبمنتهى الفجر السياسى والأخلاقى، وغلظ العين، ليتحدثوا عن قيم الحرية والثورية ودعم الشعوب وتحريرها من العبودية.
والسؤال المحورى، كيف يثق قادة الدول العربية فى حكام الدوحة، الذين ينقلبون على آبائهم، وأخيرها، الانقلاب الناعم، الذى قادته «موزة» لتمكين ابنها الطفل المعجزة تميم، من الحكم خلفا لوالده حمد، الذى انقلب على والده خليفة، الذى انقلب على ابن عمه؟
لذلك، فإن المؤامرات على أنفسهم وغيرهم سمة حاكمة، تسكن الجينات الداخلية للأسرة القطرية المغتصبة للحكم، ويتوارثها جيل بعد جيل، ورغم ذلك سار للأسف عدد كبير من الدول العربية وراء هذا الكيان الضار والمؤذى للجسد الخليجى تحديدا، والعربى بشكل عام، كالقطيع، ولسنوات طويلة، قبل أن تستفيق وتعلن عن غضبها، وتقرر مصر والسعودية والإمارات والبحرين مقاطعتها دبلوماسيا.
صمت الدول العربية الطويل، خاصة الخليجية، على نهج الدولة القطرية التآمرى، سرب لقادتها «حمد وموزة وتميم» قناعة وهمية، بأن الدوحة أصبحت عاصمة لدولة عملاقة، وهو انتفاخ وهمى يشبه «الورم المرضى»، فاعتقدوا أنهم قادرون على تنفيذ مخططاتهم التوسعية، بضم السعودية والبحرين والإمارات لدويلتهم، ما يمكنهم من السيطرة على الخليج وقيادة الأمة.
وفعليا دشنت قطر لتنفيذ مخططها، وبدأت بالسعودية لإسقاطها فى بحور الفوضى، فزرعت داعش على حدود المملكة مع العراق، ومولت ودعمت الحوثيين على حدود المملكة مع اليمن، وفتحت قنوات اتصال مع الغول الإيرانى، تؤلبه ضد الرياض، فى الوقت الذى تخرج فيه فى العلن تساند وتدعم أسرة آل سعود الحاكمة، وهو أمر فضحته التسريبات التى أظهر فيها «حمد» كراهية مفرطة لإسرة آل سعود، ما لا تطيق عن حمله الجبال.
أيضا، بدأت تلقى بمخططاتها فى الإمارات الشقيقة، بدعم جماعة الإخوان الإرهابية، واللعب على تماسك حكام الإمارات، لإثارة الضغينة بينهم، وهو ما كشفته التسريبات والمعلومات، وتمكنت الإمارات العربية من الإمساك بكل خيوط المؤامرة القطرية، وقطعتها، وأعلنت عن غضبها الشديد، فلا يمكن وضع المحافظة على أمن واستقرار ووحدة الإمارات، فى نفس كفة الحرص على متانة العلاقات مع قطر، فى ظل ما تبديه القيادة القطرية من كراهية ومؤامرات وقحة ضد أبوظبى، لأن أمن الدول واستقرارها محل الاهتمام الأول والأخير.
وفى ظل مرض السرطان القطرى المميت، الذى ينتشر ويتوغل بسرعة، واستدعاء ألد أعداء الأمة، إيران وتركيا، وزرعهما فى قلب الخليج، فقد آن الأوان لتكاتف مصرى سعودى إماراتى بحرينى كويتى أردنى، لوضع استراتيجية أمنية دفاعية، قادرة على ردع أى معتد، والوقوف بقوة أمام المؤامرات التى يحكيها مثلث الشر قطر وإيران وتركيا، والوقوف بقوة أمام رياح وأعاصير التقسيم، وتهدد الأخضر واليابس، ويؤمنوا بأنه «لا يحك جلدك إلا ظفرك».
عليهم وبسرعة التدخل الجراحى، لاستئصال الورم السرطانى من جسد الأمة، والمتمثل فى «حمد وموزة وتميم»، فبقاؤهم يمثل مخاطر جسيمة على الأمة بشكل عام، ومنطقة الخليج على وجه التحديد، وغير مأمون عواقب بقائهم، مهما كانت الوعود البراقة، فلا وعود أو أمان للحيات السامة.
وأهمس فى أذن قادة الخليج، وتحديدا السعودية والإمارات، بأن ثقتهم غير المبررة فى تركيا وقيادتها الإخوانية كارثة، ومخاطرها تفوق سقف الخيال الجامح، فأردوغان لديه مشروع إحياء المجد العثمانى، واحتلال الخليج من جديد.