لم يعد الحديث عن الأموال القطرية المتدفقة لإخوان تونس مجرد همس فى الخفاء بين السياسيين، أو مجالا للنميمة داخل أروقة البرلمان الذى تسيطر عليه كتلة النهضة الإسلامية، أو تصريح على استحياء لأحد أحزاب المعارضة لكسب تأييد شعبى، وإنما أصبحت حقائق مدعومة بأدلة وأرقام محددة على مكتب الحكومة التونسية تنتظر قرارا جريئا بالتحقيق.
تلك الأدلة تقدم بها الحزب الدستورى الحر لحكومة يوسف الشاهد لتوثيق تلقى حركة النهضة الإسلامية – إخوان تونس – مليارات قطرية عقب ثورة الياسمين وضلوعها فى تجنيد مقاتلين تم تسفيرهم الى بؤر الوتر للمشاركة فى زعزعة استقرار الدول العربية من سوريا الى ليبيا والعراق، فضلا عن تورط الحركة فى الاغتيالات السياسية لليسارين التى شهدتها تونس عقب الثورة بتحريض الدوحة.
وقالت رئيسة الحزب الدستورى الحر عبير موسى: إنّ بحوزة حزبها أدلة تثبت إدانة حركة النهضة بتلقى أموال أجنبية مشبوهة، مضيفة أنّ تمويل قطر لحركة النهضة لا يعنى بالضرورة بأنّها مؤمنة بأفكار الحركة بل لأن لها أجندة معنية تعمل على تمريرها، وتابعت فى تصريح لإذاعة "موزاييك آف آم" التونسية، أن هناك معلومات حول تلقى رئيس الحركة راشد الغنوشى بعد أسبوع من فوز النهضة فى انتخابات المجلس التأسيسى عام 2011 مبلغا قيمته 150 مليون دولار من قطر".
كما تطرقت الى إعلان ليلى شتاوى رئيس لجنة التحقيق فى تسفير الشباب التونسى لبؤر التوتر أنّ اسم الإخوانى الليبى ” عبد الحكيم بالحاج” تكرّر فى جميع المحاضر، وأنّ هذا الأخير يُستقبل بالتهليل والأحضان من أعلى قيادات النهضة”، وتساءلت ” كيف لشخص مشتبه فى تورطه فى عمليات إرهابية يستقبل من طرف حزب له اكبر كتلة نيابية فى البرلمان وتقوم بدعوته إلى مؤتمراتها"ظن مطالبة بتفعيل قانون الإرهاب وفتح تحقيق فى الموضوع”.
وقال الحزب الدستورى إنه تقدم إلى رئاسة الحكومة بطلب تحقيق جاد حول التمويلات الأجنبية التى تتلقاها أحزاب سياسية بطرق مختلفة عبر جمعيات أو إدخال المال خلسة إلى البلاد، ودعا إلى "التحرى فى كل التصريحات والتقارير وغيرها من الشبهات التى تحوم حول الثراء الفاحش والإمكانيات الخارقة للعادة التى تتمتع بها أحزاب تونسية وعلى رأسها حزب النهضة"، حيث حثت موسى الحكومة إلى فتح تحقيق فى ضخّ أموال إلى تونس تقدّر بـ24 مليون دينار من طرف جمعية قطر الخيرية التى تمّ تصنيفها من بعض الدول بأنّها مورّطة فى الإرهاب.
وجاء هذا التصعيد بعد أن طالب سياسيون وأعضاء فى البرلمان التونسي، الدول العربية، التى أصدرت قائمة بالتنظيمات الإرهابية بتضمين حركة النهضة، حيث كشف عمار عمروسية، القيادى فى حزب الجبهة الشعبية، فى برنامج على قناة حنبعل التونسية، أن حركة النهضة خائفة من إدراجها على لائحة الإرهاب، بما أنها مرتبطة بالتنظيم العالمى للإخوان، وأضاف القيادى التونسي، قائلا:" النهضة لن تهرب من تصنيفها على لائحة الإرهاب والأيام بيننا".
وتسللت قطر إلى التراب التونسى عبر حركة النهضة الإخوانية بعد الثورة فى 2011 والإطاحة بنظام زين العابدين بن على، حيث دخلت قطر بقوتها المالية واتخذت من الدعم السخى للجمعيات الخيرية غطاء لنشاطها الذى دعمته حركة النهضة وهى تقود الحكم، بتدريب آلاف من الشباب التونسى للالتحاق بالمنظمات المسلحة فى سوريا وليبيا، مقابل الترويج لحركة النهضة عربيا ودوليا على أنها النموذج الذى ينبغى أن يسود دول المنطقة.
ويبدو أن التحركات فى الداخل التونسى للتحقق من الاتهامات التى تلاحق النهضة أقلقت قادتها، حيث ربط مصدر مطلع بين تلك التحركات وقرار حركة النهضة الإسلامية – ذراع الإخوان فى تونس – وبشكل مفاجئ توقف الجريدة الناطقة باسم الحركة "الفجر" عن الصدور نهائيا، بداية من شهر يوليو الجارى، وعللت الحركة قرارها بأنه نابع من أزمة مالية طاحنة تتعرض لها الصحيفة.
وأكد المصدر أن قرار الحركة بإيقاف الإصدار الصحفى لها يتعلق بما يتعرض له الاقتصاد القطرى من ضغوط أدى بالدوحة إلى وقف تمويلها لبعض المنابر الإعلامية، كما أن له علاقة وثيقة بتضييق الخناق الذى تعانى منه الحركة الإسلامية فى داخل تونس وتهم تلقيها تمويلات قطرية منذ اندلاع الأزمة بين الدوحة والدول العربية.
وبعد أن كانت الحركة الإخوانية تفضل الصمت تجاه قطر وتحركات مصر والسعودية والإمارات والبحرين لوقف تمويل الإرهاب، خرج قيادات الحركة عن صوابهم وظهروا خلال الساعات الماضية بمظهر المدافع عن النفس، حيث نفى زبير الشهودى القيادى وعضو مجلس شورى الحركة تلقى الحركة أى تمويلات خارجية، مشيرا إلى أنها ملتزمة بقوانين البلاد ومصادر تمويلها تأتى من مؤيديها الذين يتجاوز عددهم مئة ألف تونسى.
وأضاف "نحن حزب يحكم فى البلاد وملتزمون بقوانينها وبالتالى ليست لديها أى مصادر تمويل خارجية لأن هذا مخالف للقوانين، وأود التأكيد أن مصادر تمويل الحركة تأتى من أبنائها وهى تكفى لنفقات الحركة"، لافتا الى أن من يملك أدلة على تمويل خارجى للحركة عليه اللجوء إلى القضاء.
ومن جانبه اتهم الناطق الرسمى لحركة النهضة عماد الخميرى بعض الكيانات السياسية غير المعروفة بأنها تمهد للحضور السياسى و الإعلامى من خلال الإدعاء على حركة النهضة كذبا و زورا – وفقا لتعبيره - فى عديد القضايا التى لا تستند على أدلة، لافتا الى أن الحركة تعمل فى إطار القانون وترفض كل التمويلات الأجنبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة