ارتفاع الاحتياطى النقدى فى مصر إلى المستوى الذى كان عليه فى ديسمبر 2010 مؤشر مهم للغاية على برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى وصفه البعض بالتاريخى والمتأخر خمسين عاما، بينما حذر البعض الآخر من آثاره الجانبية المرحلية والمتمثلة فى ارتفاع نسبة التضخم، وبالتالى الأسعار ومعاناة محدودى الدخل.
ارتفاع الاحتياطى النقدى إلى ما فوق 36 مليار دولار ترافق مع البيانات الرسمية، التى أعلنت انخفاض العجز التجارى بقيمة 18 مليار دولار، وكذا عودة الحياة للسياحة الخارجية، رغم الحصار والمقاطعة من بعض الدول ومنها روسيا وبريطانيا، إلا أن فتح أسواق سياحية جديدة مكن القطاع من التعافى وجذب نحو 8 ملايين سائح حتى الآن، وهو ما احتفت به صحيفة تليجراف البريطانية، ووصفت مصر بأنها ثانى أكبر سوق سياحى فى معدلات النمو هذا العام.
شبكة بلومبرج الأمريكية نشرت تقريرا أوضحت فيه ارتفاع الاحتياطى النقدى لمصر إلى ارتفاع ثقة المستثمرين فى برنامج الإصلاح الاقتصادى المدعوم من صندوق النقد الدولى العام الماضى، وهو ما تجلى فى ضخ الأموال- بحسب التقرير- فى السندات والأسهم المصرية منذ أن ألغت السلطات معظم القيود المفروضة على العملة، ورفعت أسعار الفائدة فى نوفمبر الماضى فى مواجهة نقص الدولار.
نحن إذن، وكما تشير التقارير الدولية، بدأنا مرحلة الحصاد للإصلاحات الاقتصادية الصعبة التى استهدفت إصلاح عجز الموازنة، ووصول الدعم لمستحقيه، ووضع سعر واحد للعملات الأجنبية يتماشى مع تحولات السوق، بالإضافة طبعا إلى تشجيع الاستثمارات الخارجية والداخلية، وبناء اقتصاد إنتاجى لا يعتمد فقط على المصادر التقليدية مثل عائد قناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج والسياحة.
لا نقول إننا سنستيقظ غدا لنجد سعر الدولار عند ثمانية جنيهات أو إن أسعار السلع والخدمات الأساسية قد هبطت خمسين بالمائة أو أن فرص العمل المطروحة أكبر من حاجة طاقة العمل، ولكننا نقول: إن المرحلة الأصعب من الإصلاح الاقتصادى قد انتهت بسلام بفضل بطولة الشعب المصرى، الذى وعى ضرورات المرحلة وتراث المسكنات المدمرة، الذى عشنا عليه وأجل عملية التنمية الحقيقة خمسين عاما، كما نقول: إن الأوان قد آن لنجنى ثمار هذا الإصلاح المر، الذى لم يعد مرا بعد الآن، ولولا الأزمات التى تمر بها المنطقة العربية ومحاولات تركيع مصر، ونشر الفوضى بها وفق مخططات مدفوعة من دول كبرى، لكان وضع الإصلاح الاقتصادى عندنا أسرع وأكثر تأثيرا وأقل فى الآثار الجانبية.