يعد رشوان توفيق فنانا قديرا من الزمن الجميل، مشواره الممتد لأكثر من ستين عاما يحمل فى طياته مبدعا بدأ بفرقة مسرح التليفزيون وتميز بالبساطة واختيار أعمال متنوعة، وحصل على العديد من الجوائز وكرمته الدولة، ويقضى معظم وقته حاليا فى قراءة القرآن الكريم، ورأى النبى مرتين فى منامه.
التقى "اليوم السابع" بالفنان رشوان توفيق ليحكى مشواره الفنى وحكاياته مع الرؤى، ففى البداية قال: "أثناء دراستى بكلية الحقوق جامعة القاهرة سنة 1955، التحقت بمعهد الفنون المسرحية للدراسة به بعد الظهر، ولعشقى للفن لم أكمل دراسة الحقوق وتخرجت من المعهد ولعبت شخصية الشرير "ياجو" فى رواية عطيل خلال مشروع التخرج".
وأضاف: كون عبدالرحمن أبو زهرة فرقة مسرحية من طلبة الفرقة الأولى بالمعهد وكنت واحدا منهم، باشتراك 25 قرشا شهريا للعضو أسوة بفرقة المسرح الحر التى يعمل بها وضمت فرقتنا، حسن يوسف، زين العشماوى، عادل بدينى، أنور رستم، ولم تستمر طويلا بسبب انضمام أبو زهرة للمسرح القومى والذى ظلت إدارته منذ سنة 55 حتى 60، تنتقى الممثلين حسب احتياجها الفنى لطبيعة الشخصية التى تنقص المسرح، ولم يلتحق بالمسرح وقتها سوى الدفراوى، حمدى غيث، حسن يوسف، عبد السلام محمد، عبد الرحمن أبوزهره، لذلك أبناء جيلى من الممثلين خريجى معهد الفنون المسرحية أنقذهم التليفزيون عندما أفتتح فى مطلع الستينيات حيث عملت وزملائى عزت العلايلى وأبو زهرة وإسلام فارس بإدارة الاستوديو.
واقترح الفنان والمخرج أحمد توفيق تكوين فرقة مسرحية للتليفزيون يتم تصوير أعمالها ثم إذاعتها بعد ذلك وسلم مذكرة بفكرته إلى وزير الإعلام عبدالقادر حاتم وقتها والذى أعجب بها وقرر تنفيذها وكلف العبقرى سيد بدير بتكوين الفرقة وعملت بها ومعى صديقى عزت العلايلى، وأول أعمالى المسرحية بها "شىء فى صدرى"، للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، ومعى مجموعة من القدامى منهم حمدى غيث، نعيمه وصفى، زوزو ماضى، وتجولنا بالمسرحية لعرضها فى عدة محافظات، ثم إختارنى المخرج سعد أرشد مساعدا له، فى مسرحية "الأرض"، وبمرور السنوات وصل عدد فرق التليفزيون إلى عشر فرق لكثرة الممثلين العظماء العاملين بها وإبداع المخرج سيد بدير، ولم يتعد أجرى وقتها 12قرشا بينما بلغ أجر النجوم القدامى 40 قرشا.
والدتى رحمة الله عليها عاشت محافظة على الصلوات ذاكرة لله آناء الليل وأطراف النهار ما جعلها قريبة من المولى سبحانه وتعالى ذات قلب نورانى مثل أولياء الله الصالحين تقول أشياء وتخبرنا بها ونراها تحدث أمام أعيننا حيث أبلغتنى يوما أن أحد الأشخاص المترددين على منزلنا سوف يشتكى من آلام فى قلبه وبالفعل تحقق ما تنبأت به حيث كان عمرى 17 سنة، ونقيم من فى" باب اللوق" ويتردد على منزلنا الكثير من أصدقائى وفوجئت ببعضهم يطرق الباب ومعهم شخص لا أعرفه ولأول مرة يأت إلى منزلنا ودخل مسرعا وخلع حذاءه واستلقى على مقعد واشتكى من آلام بالصدر وخر مغشيا عليه وأسرعت إلى أمى لأخبرها بما حدث فهرعت إلى المكان ووضعت يدها على قلبها قائلة" يا وجع قلب أمك عليك " وفجأة استيقظ الشاب وأخذ نفسا عميقا قبل تحدثه إلينا حول إصابته بإغماء فى المدرسة قبل مجيئه، ومكث عندنا قليلا ليغادر بعدها مع أصدقائه.
وتابع رشوان توفيق توفى والدى سنة 56، تاركا أمى، والتى قامت على رعايتى وارتبط بها كثيرا وتعلمت منها الحفاظ على الصلوات الخمس وذكر الله فى كل وقت، وقمت باداء فريضة الحج مرتين الأولى فى عام 70 عندما تمنيت أن أكمل عامى الأربعين فى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفقنى الله إلى الحصول تأشيرة حج لى وزوجتى وكذلك إبنى توفيق الذى طلب مرافقتنا فى الحج ورغم معارضة زوجتى لصغر سنه، إلا أننى قررت تلبية رغبته وشاءت الأقدار أن أعمل فى مسلسل يتم تصويره بدبى من إخراج فايز حجاب، وسبقتنى زوجتى ونجلى بالسفر إلى السعودية على أمل إنتهائى من التصوير واللحاق بهما، وشاءت الأقدار أن يؤجل تصوير مشاهد خاصة بى لألحق بآخر طائرة مسافرة إلى جدة ويجلس بجانبى شخص سعودى يعمل بالطيران السعودى عرفنى وحجز لى تذكرة عودة -توطدت علاقتنا بعدها وزارنى فى منزلى بالقاهرة -
وعندما وصلت الطائرة إلى مكة اعتمرت وخلال الطواف وكذلك السعى بين الصفا والمروة، دعوت الله قائلا " اللهم اجمعنى الليلة بزوجتى ونجلى توفيق " ثم جلست على مقهى أم القرى فتجمع حولى مجموعة من الشباب المصرى عرفونى واصطحبونى بسيارتهم إلى " عرفات " لألحق بالحجيج وفى الطريق لم يتوقف لسانى وقلبى عن دعوة اللهم إجمعنى الليلة بزوجتى وإبنى حتى شاهدت علم دولة الصين الوطنية والتى اعتاد المطوف الذى نتعامل معه أن يرفعه فوق المبنى تكريما لوفد تلك الدولة فتوقفت السيارة ودخلت المبنى فوجدت زوجتى ونجلى يقيمان بإحدى حجراته واستجاب الله دعائى، وعلمت أن توفيق كان حريصا على خدمة كبار السن من الحجيج وحمل المياه لمسافة كبيرة وتوفيرها لهم، نظرا للمشقة التى يتكبدها الحجيج وقتها مقارنة بهذه الأيام، وحقق الله رجائى وقضينا معا مناسك الحج كما قدرنى الله على أداء حجة لوالدتى فى حياتها وعمرة بعد وفاتها وعقب انتهائى من مناسك تلك العمرة ورجوعى بالسيارة من مكة قلت فى نفسى يا ترى وصلتك العمرة يا أمى فسمعت هاتفا يقول من" بقالة المؤمنين" فى أول جلاء سمعى يحدث لى من عالم الأرواح.
واستطرد رشوان توفيق قائلا أثناء أدائى عمرة لوالدى بعد رحيله شعرت بالتعب عقب انتهائى من أربعة أشواط بين الصفا والمروة فعدت إلى حجرتى لأستريح قليلا وغلبنى النعاس ورأيت فى منامى، والدى يجلس على بداية "الصفا " مرتديا ملابس الإحرام وكأنه ينتظر استكمالى للمناسك فقمت مسرعا وأكملت ثلاثة أشواط أخرى بين الصفا والمروة وانهيت مناسك العمرة.
وبعد مرور أكثر من عامين من رحلة الحج الأولى إبتلانى الله بوفاة إبنى توفيق وعمره ستة عشر عاما نتيجة تعرضه لجلطة مفاجئة بعد أيام من رؤيته فى منامه لجده وبعض الراحلين من عائلتنا يطلبون منه الذهاب معهم ليرى أناسا يحبهم ويحبونه، واعتصر قلبى حزنا على نجلى ولكن الله ألهمنى الصبر وقربنى إليه فكنت أعود من العمل حريصا على الصلاة وتلاوة ما تيسر من كتاب الله.
وأشار رشوان توفيق إلى أنه حصل على تأشيرة حج لابنة خالته فى عام 75 وأثناء تأديته مناسك الحج خلال رحلته الثانية لبيت الله الحرام، اعتاد يوميا الذهاب مبكرا بعد صلاة الفجر لإلقاء السلام على النبى فى مقامه قبل الزحام على روضته الشريفه وعند الباب الأخضر للروضة سرح بعقله وقلبه فى وصف خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم ليراه فى صورة رجل سعودى يرتدى ثياب الأمراء ويعطى ابنة خالته نقودا فسأله انت مين فلم يرد فكرر سؤاله فرد قائلا أنا صاحب الفضل، فصاح رشوان "هو دا – هودا".
واضاف أثناء مرورى بشوارع مكة برفقة الشاعرة عليه الجعار وجدت إبنة خالتى تائهة عن مكان اقامتها مع الحجيج وجالسة على الرصيف، فاصطحبتها معى، كما غلبنى النعاس فى" مزدلفة" خلال أدائى فريضة الحج عن والدى رحمة الله عليه، فاستيقظت على صوته يقول" شكرا يا رشوان"
ورأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم مرة ثانية فى صورة عالم أزهرى يجلس على مقعد ويلتف حوله طلاب أزهريون.
واستطرد: أثناء مشاهدتى التليفزيون بمنزلى تذكرت الرئيس الراحل أنور السادات فقرأت الفاتحة بصوت مرتفع ترحما عليه، فرأيت السادات مرتديا بدلته الرسمية الزرقاء ويضع يده على كتفى ويقول لا إله إلا الله مرتين، واثناء ردى عليه محمد رسول الله سحب يده ببطء شديد مغادرا المكان، فقصصت ماحدث من رؤيتى السادات، على حسب الله الكفراوى فعقب بقوله " أنه شهيد"، وقصصت ما حدث للسيدة جيهان السادات فعلقت" رحمة الله على أنور فهو شهيد".
وعن لقاءه الشيخ الشعراوى أشار رشوان توفيق إلى مصافحته الشعراوى أثناء وجوده بالحرم النبوى، دون تعليق منه، وأضاف: عندما قمت بأداء شخصية الراعى الحكيم فى مسلسل عمر بن عبدالعزيز وعرضه التلفزيون، واتصل الوزير الأسبق أحمد طعيمه بمخرج العمل أحمد توفيق معلقا على دورى بالمسلسل بقوله " رشوان مكنش بيمثل واقنعنا بالشخصية " وفوجئت بإحدى الصحف تنشر خبرا على لسان الشعراوى يثنى على أدائى بالمسلسل بعنوان " برافو يا رشوان ".
وعن أعماله خلال مشواره الفنى قال رشوان توفيق عملت بمسرح التليفزيون فى بدايته، ومسارح الحكيم، والحديث، والقومى، واتجهت إلى الأعمال السينمائية والدرامية المختلفة ومنها، اشهرها فيلم جريمة فى الحى الهاديء، ومسلسلات أبنائى الأعزاء شكرا، لا إله إلا الله، عمر بن عبدالعزيز، الأبطال، الأيام، الشهد والدموع، لن أعيش فى جلباب أبى، الزينى بركات وآخرها سلسال الدم، منذ عامين. واستطرد توفيق قائلا "حظى قليل فى السينما"، ومرت مرحلة طويلة من مشوارى الفنى كانت معظم أعمالى الدرامية خلالها دينية. وأكد رشوان توفيق أنه ولد عام 1933 فى منزل أسرته بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة ولديه أخ شقيق يدعى عفت وآخر غير شقيق من والده ويدعى عبدالباقى.
وأضاف تمتد جذور عائلتى إلى مركز ببا جنوب بنى سويف حيث توجد حتى الآن عزبة رشوان التابعة لقرية طحا البيشة بمركز ببا، فضلا عن منزل لأجدادى وأعمامى بقرية الشنطور بمركز سمسطا بالمحافظة، وأثناء الحرب العالمية غادرت أسرتى القاهرة إلى بنى سويف حيث أقاموا لمدة عام بمنزل بمدينة ببا جنوب المحافظة والتحقت بالصف الأول الابتدائى بمدرسة قبطية مجاورة للمنزل، كما زرت المحافظة مرة أخرى أثناء تكريمى وأديت صلاة الجمعة بمسجد السيدة حورية بمدينة بنى سويف.
وتابع رشوان توفيق أعشق أكل البطيخ وكنت أحمل أربعة منها يوميا فى التاكسى الذى استخدمه فى التنقل قبل شرائى سيارة، حيث تزوجت منتصف الخمسينيات مع بداية إلتحاقى بالمعهد العالى ورزقنى الله بثلاثة أبناء هم توفيق الذى توفى صغيرا، وآية، وهبة مذيعة بالتليفزيون المصرى ولدى أحفاد، وأقضى يومى ما بين تلاوة القرآن الكريم وأداء الصلوات والتسبيح وذكر الله عز وجل، وإهتمامى بإعطاء الوجبات والعلاج لزوجتى المريضة التى عشنا معا أكثر من ستين عاما وشاركتنى آمالى وآلامى وأحلامى وشهرتى ورعاية أبنائى.
وتابع رشوان توفيق قائلا: الأفلام التى تحكى بطولات الجيش المصرى خلال انتصارات حرب أكتوبر أو عمليات حرب الاستنزاف قليلة نظرا لارتفاع تكلفة انتاجها لذلك تحتاج إلى دعم الدولة ومشاركتها فى الإنتاج.
وعن تكريم الدولة لقدامى الفنانين قال رشوان توفيق: حصلت على جائزة الدولة "دور ثانى" عن ادائى دور الجاسوس فى فيلم جريمة فى الحى الهادئ، كما يحظى المبدعون حاليا باهتمام الدولة ممثلة فى وزير الثقافة حلمى النمنم والذى يشارك فى تكريم الفنانين القدامى والجيل الجديد من أهل الفن والأدب شهريا، مشيرا إلى تكريمه ومجموعة من قدامى المسرحيين عن مجمل أعمالهم ومشوارهم، بالمركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام 2016 بحضور وزير الثقافة.
