إذا كانت لك دعوة واحدة سترفعها لله، فادع أن يكفيك شر من تنبع مواقفه وآراؤه من بحث حثيث ومشتعل عن الظهور والشهرة، إذ لا تستقيم مواقف هذه الفصيلة من الناس مع أى منهجية يمكن من خلالها قراءة الصورة أو فهمها أو تطويرها والتحرك بها للأمام، ولن يكون مستغربا أن تتبدل الانحيازات وتتقلب، وأن يصبح الخير شرا والحسن قبيحا، والمعارضة قلة أدب وتطاول.
لم تخل الساحة السياسية المصرية فى أى وقت من أوقاتها من النماذج المدفوعة بالهوى، والجالسة على مواقد مشتعلة برغبة الظهور واقتناص حظ من الحضور والشهرة، يمكنك حساب الإخوان والسلفيين والماركسيين وبعض شباب 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين على هذه الدائرة، والقدر الأكبر منهم يمكن فهم الطاقة العشوائية التى تحركهم فى تلك الاتجاهات، بعضها ينطلق من إحساس متغطرس بالأفضلية وامتلاك الحقيقة، وبعضها وقوده الجهل المطبق وقلة الوعى والخبرة، وكثير منها تقوده المصالح والمكاسب الشخصية، ولكن الغريب وما يدعو للتوقف أن يتورط بعض المحسوبين على النخبة من الأكاديميين ومن تحصلوا على قدر جيد من التعليم والمعرفة والتحقق الاجتماعى والمهنى، ويسقطوا فى المستنقع نفسه الذى يسقط فيه الغوغائيون والانتهازيون و"أبناء الشارع" السياسى المنفلت.
كل ما فات عادى فى إطار الطرح النظرى، ولا يحمل شيئا من مثيرات الدهشة، ولكن مطالعة تغريدتين للأستاذ الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة حلوان، وعضو حركة "كفاية" التى انطلقت فى أواخر العام 2004 رافعة شعار "لا للتمديد.. لا للتوريث" لإحداث حراك بالساحة السياسية المصرية، وعضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات التى واجهت كثيرا من غطرسة الإخوان وعناصرها من الطلاب والأساتذة فى حرم الجامعات المصرية، وقبل هذا وذلك فهو ابن قرية البراهمة فى مركز فقط بمحافظة قنا، متابعة التغريدتين الأخيرتين لـ"القزاز" كفيلة بإثارة كل دهشة الدنيا وغيظها وحنقها، وأنت ترى أكاديميا يتردى فى مستنقع التجاوز والخروج على آداب الحديث والخلاف السياسى والخطاب العام، وترى رجلا كان كثيرون يحسبونه على خير وهو يسقط فى قدر مليئة بشرور العالم، وترى صعيديا يخلع وقاره وما علمته إياه بيئته ونشأته وآداب وأعراف جنوب مصر، ويقرر عامدا أن يكون سليطا وباحثا عن الشهرة بفجاجة وخفة مثيرتين للشفقة.
فى تغريدتيه الغريبتين، لا يذهب يحيى القزاز مذهبا معارضا مما يمكن وصفه بالحدّة والسخونة والتهييج، رغم رداءة هذا المسلك ومراهقته وشبهاته، خاصة أنه يخدم اتجاهات ربما لا تريد خيرا لمصر، ولكن يمكن قبوله فى الحد الأدنى لفكرة المعارضة، ولكن الرجل الأكاديمى الذى دخل العقد السابع من عمره قبل أكثر من سنة، يتجاوز مساحة المعارضة المشبوهة، إلى مساحة الإنسانية المشبوهة، ففضلا عن أنه يتبرع بخلع تاريخه الأكاديمى وما يُفترض أن يوفره له الصعيد من أدب ووقار، يتبرع بارتداء عباءة بالية من الخروج على القانون والتحرش بالدولة، ليس على طريقة حق المعارض فى أن ينتقد كا ما يتراءى له وفق رؤيته المخلصة للصالح العام، ولكن على طريقة السب والقذف وفاحش القول مما يقع تحت طائلة قانون العقوبات، ويمثل مساسا بذوات شخصية مصونة بموجب القانون، ومصونة قبل هذا وبعده بموجب الحد الأدنى المتعارف عليه من الأدب، الذى ربما سقط سهوا من الدكتور القزاز.
التغريدتان اللتان نشرهما أستاذ الجيولوجيا، يومى السبت والأحد الماضيين، وتلقفهما كثيرون ممن ينتهجون النهج نفسه فى التحرش بالدولة والقانون سعيا إلى مساحة من الظهور والشهرة، ومنهم حازم عبد العظيم، المتداولة بشأنه معلومات عن شراكة تجمعه مع أطراف إسرائيلية، وأيمن نور رجل الإخوان المقيم فى تركيا والمتطوع جنديا ضمن أجندة الجماعة الإرهابية، يتهم فيهما رئيس الجمهورية باتهامات ينطبق عليها التوصيف القانونى لجريمتى السب والقذف، ويحاول إشاعة إيحاء بأنه يواجه تهديدا ويستعد للتضحية بحياته فى سبيل التنديد بـ"أعدائه"، ولاحظ غرابة الوصف الذى استخدمه لتوصيف الدولة والنظام السياسى فى مقام خلاف ومعارضة، وليس فى مقام احتلال أرض أو اغتصاب كرامة أو سبى نساء، وهو الرجل الذى لم يستخدم وصف العداء هذا مع الإخوان قبل سرقتهم لمصر سنة كاملة وخلالها وبعدها، فى الحقيقة لا يتصل الأمر بعداوة ولا صداقة، قدر ما يتربط بسعى حثيث باتجاه الظهور، وبحث دؤوب عن الشهرة والذيوع.
الأكاديمى الذى لم يحقق حضورا بارزا فى مجال تخصصه، الجيولوجيا، تعامل مع السياسة باعتبارها حقلا للتعويض، هذا ما يمكن فهم مواقف يحيى القزاز وتحركاته منذ 2004 حتى الآن فى ضوئه، الرجل الذى لم يكن فى الصفوف الأولى لحركة كفاية، ولا حركة 9 مارس، لم يواجه الإخوان ولم يأخذ موقفا معلنا وقويا منهم خلال سرقتهم لحكم مصر بين يونيو 2012 ويونيو 2013، بل وكان يتولى التنسيق السياسى معهم ويشارك فى اجتماعات مع قيادات الجماعة قبل الانتخابات الرئاسية 2012 وبعدها، وتجمعه اتصالات ببعض كوادرها داخل مصر وخارجها حتى الآن، وفى مقدمتهم صديقه الدكتور مجدى قرقر، رجل الجماعة الذى استخدم حزب العمل ستارا للحضور السياسى، قبل أن يتأكد لاحقا تورط الحزب بكامله فى خدمة الأجندة الإخوانية، هذا الرجل "البين بين" يرفع حنجرته الآن، وعلى غير العادة، على طريقة "يكاد المجهول يقول اسجنونى" طمعا فى شهرة لم تحققها له وظيفته الجامعية، ولا تخصصه العلمى، ولا حضوره الخفيف واللزج بالساحة السياسة طوال ثلاث عشرة سنة.
أبسط ما يمكن أن يواجهه الدكتور يحيى القزاز الآن، أن يتقدم أحد المواطنين ببلاغ للنائب العام أو مباحث مكافحة جرائم الحسابات وشبكة المعلومات بوزارة الداخلية، يتهمه فيه بإهانة رئيس الجمهورية، وهو ما تكفى تغريدتاه عبر تويتر، يومى 12 و13 أغسطس الجارى، لإثباته بشكل قاطع، ووفق المادة 308 من قانون العقوبات بشأن السب والقذف، أو المادة 179 من القانون نفسه بشأن إهانة رئيس الجمهورية، فالدكتور يحيى القزاز سيواجه حكما مؤكدا بالحبس والغرامة، وهو بالتأكيد ما يريده "القزاز" ويسعى إليه، وربما كانت قمة الأدب فى مواجهة "إساءة الأدب" أن تترك القزاز يتقلب على نار الشوق والشبق المشتعل للشهرة، ولا ترده عن سوء أدبه.
عدد الردود 0
بواسطة:
نور
شويكار وفؤاد المهندس
تعاملوا معه ومع حازم عبد العظيم بمنطق شويكار وفؤاد المهندس في مسرحية انتي فين وانا فين " انت اتكلم اتكلم انا مش أعبرك " او بمعنى اصح انفلقوا او بمعنى آخر اخبطوا دماغكم في الحيط .الواحد مش عارف ايه اللى جري لأستاذة الجامعه واحدة بترقص على واحدة ونص والتاني بيقل ادبه واهو كلها قلة أدب