يوما بعد يوم يزداد يقينى بأن الجهل الذى يتمتع به أصحاب النضال المزيف من نشطاء وأدعياء الثورية ونخب العار، لا مثيل له، وكأنهم استأثروا به بقوة السلاح، ولم يتركوا ولو نسبة بسيطة من هذا الجهل يحصل عليها أناس آخرين سواء فى الداخل أو الخارج.
وتتسع لدى أيضا، مساحات القناعة، المدعمة بألف دليل ودليل، بأن الجهل الحصرى تعانق مع جينات الكراهية الداخلية لهؤلاء النشطاء وأصحاب النضال المزيف، ضد بلادهم، وأصبحوا خلطة سحرية تعمل ليل نهار على تأجيج نيران الفوضى، ودفع البلاد إلى عدم الاستقرار، واستدعاء الخارج للتدخل فى شأن البلاد الداخلية.
ومن أجل تحقيق مآربهم التخريبية والتدميرية، دشنوا للأكاذيب والتشكيك والتسفيه، دستورا، والمصيبة أنهم يطلقون الأكاذيب والشائعات، ثم يبذلون جهودا مضنية لإقناع الناس بصحتها، ثم يصدقونها ويتعاطون معها على أنها حقيقة لا يتخللها الباطل، وللأسف، أن من بين أصحاب النضال المزيف، حملة الدرجات العلمية من عينة الأستاذ الدكتور عمرو حمزاوى، والأستاذ الدكتور محمد البرادعى، والأستاذ الدكتور ممدوح حمزة، والأستاذ الدكتور محمد مرسى العياط، والأستاذ الدكتور عصام العريان، والأستاذ الدكتور محمد البلتاجى، والأستاذ الدكتور حسن نافعة، وغيرهم من أصحاب الدرجات العلمية، الذين نصبوا أنفسهم «أئمة» يخطبون فى الناس، بجانب دواسة تويتر، الذى يحمل، كعادته فى الحمل، درجة الدكتوراه واثنين ماجستير، ومع ذلك أسهم بقوة فى الترويج للكذبة الحقيرة بتغيير اسم لوحة الملك مرنبتاح الموجودة فى المتحف المصرى بالتحرير، إلى لوحة «إسرائيل»!!
والمصيبة أن هناك ناشطا، يحمل درجة الدكتوراه فى تخصص علمى محترم، فقد وقاره العلمى، ومصداقيته، من أجل «التحرش بالشهرة»، كتب نصا على حسابه الخاص على تويتر: «تغيير اسم لوحة «مرنبتاح» إلى إسرائيل بالمتحف المصرى للآثار، هو محاولة لتفريغ الدولة من تراثها وتاريخها وحضارتها فتصير دولة خاوية يسهل اقتيادها.. إن إخفاء الوثائق وتغيير أسماء اللوحات الأثرية والخرائط المصرية، هو تغيير منهجى فى بنية الدولة المصرية، ومقدمة للتفريط فى الدولة كما فرطوا فى الأرض..أرجو ملاحظة المحاولات الخسيسة، والحسيسة فى تزوير وثائق الدولة، من خلال تغيير وثائقها وتراثها وخرائطها وعاداتها، تمهيدا لتغريبها والتفريط فيها»!!
وهنا، كادت الدموع تتساقط من عينى حزنا وألما على هذا الأستاذ الجامعى الذى تحدث كذبا، وروج للجهل، فى سقطة لا يمكن أن يقع فيها حامل ابتدائية قديمة!!
أولا هذه اللوحة الأثرية، معلوم عنها بالضرورة ومنذ اكتشافها أن اسمها لوحة إسرائيل، وليس لوحة مرنبتاح، وهو مدون على بطاقة التعريف للوحة، المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، منذ أكثر من عشرة سنوات، ثم قررت إدارة المتحف تغيير هذه البطاقة، يوم الخميس الماضى، لتحمل عنوان «لوحة انتصارات مرنبتاح».
الأهم، والأخطر من ذلك الذى يجهله، أصحاب النضال المزيف من حملة درجة الدكتوراه واثنين ماجستير، أن هذه اللوحة الأثرية، تكتسب أهمية كبرى، كونها تسجل أول ظهور لكلمة «إسرائيل» واضحة فى التاريخ، فقبل هذه اللوحة لا يوجد اسم إسرائيل من قريب أو بعيد مدونا على أى آثر، وسجلتها كقبيلة همجية تتنقل من مكان إلى آخر دون أن يكون لها موطن أصلى، بجانب أن اللوحة تسجل انتصار مرنبتاح، ملك مصر، على الأعداء الليبيين الذين هاجموا الدلتا بمساعدة شعوب البحر القادمين من جزر البحر المتوسط، وفى نهاية النص، توجد قائمة ببعض أعداء مصر وقد ذكر من بينهم «اسم إسرائيل» للمرة الأولى فى التاريخ، ما دعا بعض علماء الآثار والتاريخ، للذهاب بأن فرعون موسى ربما يكون الملك مرنبتاح، استنادا لهذه اللوحة الأثرية المهمة.
ونسأل السادة «الدكاترة»، هل قرأتم شيئا ولو قليلا عن تاريخ هذه اللوحة الأثرية المهمة، التى تعد من أهم المقتنيات الأثرية فى المتحف المصرى بالتحرير؟ ولو كلف السادة الدكاترة الذين يمنحون أنفسهم الحقوق الحصرية للفهم والمعرفة، الاطلاع والقراءة، أو الذهاب للمتحف، لمشاهدة اللوحة، ما كانوا وقعوا فى هذه الخطيئة المعرفية، وما أظهروا كل هذا الجهل «العصامى» الذى كون نفسه بنفسه، عندما أكدوا وروجوا أن الحكومة والنظام غيروا اسم لوحة مرنبتاح إلى لوحة إسرائيل، مع العلم أنه حدث العكس، حيث تم تغيير اسم اللوحة من لوحة «إسرائيل» إلى لوحة «انتصارات مرنبتاح».
وهنا لابد من لفت الأنظار إلى عدة عوامل جوهرية، أولها الأمانة العلمية فى التوثيق، دون تدخل، بالإضافة أو الحذف وفقا للمشاعر الشخصية، وثانيها، أن اللوحة تبرز اسم إسرائيل صراحة لأول مرة فى التاريخ كقبيلة همجية تتنقل بين الأماكن، وثالثهما، تسجل اللوحة انتصار ملك مصر على هؤلاء الأعداء «الإسرائيليين»، إذن اللوحة تدعو للفخر، وعندما يتم تغيير اسمها إلى لوحة «مرنبتاح النصر»، أمر مقبول، وليس كما يردد سلسلة الدكاترة الجهلة «إللى لا فلحوا فى العلم ولا فلحوا كناشطين ومعارضين»!
ونحب أن نضيف معلومات عن هذه اللوحة، لهؤلاء الجهلة، لعلهم يستفيدون، فاللوحة عثر عليها فى المعبد الجنائزى للملك مرنبتاح فى طيبة «الأقصر حاليا»، عام 1896 على يد عالم المصريات الإنجليزى «فليندرز بيترى»، ويعود تاريخها للعام الخامس من حكم الملك، وتروى قصة انتصار مصر على أعدائها،
كما أن الملك مرنبتاح هو رابع ملوك الأسرة التاسعة عشر، وابن الملك رمسيس الثانى من زوجته الثانية إيزيس نوفرت، وترتيبه الرابع عشر بين أبناء رمسيس، واستمرت مدة حكمه ما يقرب من عشر سنوات، فى الفترة ما بين 1213 قبل الميلاد إلى 1203 قبل الميلاد!!
ولك الله يا مصر..!!