البنطلون المقطوع وأغانى المهرجانات والتقاليع الغريبة التى نراها فى الشارع وغير ذلك من الصور المجتمعية الغريبة عن طبيعتنا، صارت واقعا فى حياتنا لا يمكن إنكاره ولا غض الطرف عن وجوده، وادعاء أن الحياة لا تزال جميلة كما عهدناها، نعم لقد تغير كل شىء وصار الخطر هو تحول هذه الأخطاء إلى صور ثقافية تملأ الشارع وتمثل قيمة تفرض نفسها مع الوقت على كل شىء جميل فتقضى عليه.
ومنذ أيام قليلة تقدم النائب بكر أبو غريب، عضو البرلمان بدائرة البدرشين فى الجيزة، بطلب إحاطة للدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، مُوَجَّه للكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، لافتا إياه لتدنى الذوق العام، وتردى الأوضاع الاجتماعية الناتجة عن تقصير الوزارة فى أداء مهامها وتضمن طلب الإحاطة ظاهرة «البنطلونات المقطعة»، التى انتشرت بين الشباب سواء الولاد أو البنات، كما تضمن الطلب أيضا، تساؤلا موجها لوزير الثقافة حول ترك أغانى المهرجانات، التى تنشر فكرة تعاطى المخدرات، وتشجع الشباب على تعاطى الحشيش، وطرحها فى الأسواق.
البعض رأى أن طلب الإحاطة جاء فى غير وقته، لأن هناك ما هو أولى بطلبات الإحاطة فى الوقت الراهن ومن ذلك ما يحدث فى سكك حديد مصر والظروف الاقتصادية التى نمر بها خلال تلك الفترة وغير ذلك الكثير من القضايا الساخنة، لكن فى الحقيقة أنا لا أتفق مع هذا الرأى، فكل القضايا مهمة، وكل الموضوعات لها المهتمون بها والمشغولون بتبعاتها، وقضية تدنى الذوق العام ليست قضية فرعية بل أساسية جدا، لكن كيف نناقشها على الوجه الصحيح؟
المهم أن هذا الموضوع تداعياته كثيرة ولا تتحملها وزارة الثقافة فقط، لكنها مسؤولة مثل أى مؤسسة أخرى فدورها لا يزيد أو يقل عن البيت والمدرسة والجامعة وغير ذلك من المصادر الحياتية التى يعيش معها المواطن المصرى، وأنا هنا لا أدافع عن وزارة الثقافة، لكن أريد أن أحدد منطلقاتنا فى الموضوع، لأننا لو ذهبنا لمحاسبة الوزارة فسوف يشير الوزير بسهولة إلى محكى القلعة المقام حاليا وإلى معارض الكتب الموجودة فى معظم محافظات مصر وإلى الأوبرا وحفلاتها وغير ذلك من قطاعات الوزارة التى تقدم ثقافة تحمل قيما إيجابية، كما سيستعرض العديد من الندوات الثقافية المهمة التى ينظمها المجلس الأعلى للثقافة وإلى الكتب التى تتولى كل من هيئة الكتاب وقصور الثقافة والمركز القومى للترجمة طباعتها ونشرها طوال الوقت، وسيجيد حلمى النمنم الحديث عن البدائل المتاحة أمام الجمهور لمواجهة ما جد من أمور سلبية، وسيكون من حقه أن يطرح السؤال الصعب: أين دور الأسرة والمدرسة حتى يغرسان فى الطفل البحث عن الأجمل والأكثر إنسانية.
القضية كبيرة وحلها لا يكون بمحاسبة الحلقة الأخيرة فيها، لكن يكون بوضع أسس جديدة للبناء يشترك فيها الجميع، حتى تصبح الأجيال قادرة على التمييز واختيار الأفضل دون تدخل أو وصاية من الآخرين.