لا نعلم بالضبط من الذى اخترع الإضراب كوسيلة للتعبير عن الرأى، لكنه بالتأكيد لم يكن يتوقع أن تصبح هذه الوسيلة سوطًا يجلد ظهور الأوطان، قبل أن يضغط على الحكومات، ونحن إذ نتعاطف مع طموحات عمال غزل المحلة فى حياة أفضل، يجب ألا نخاف من الأصوات العالية التى تهتف: «عاش نضال العمال الشقيانين»، لأن كثيرًا من الذين يهتفون هكذا يعيشون حياة مكيفة لا تعرف طعم الشقاء، بينما يموت العمال بالمرض أو الديون، ويراهن القابعون فى الظلام دائمًا على مثل هذه الإضرابات لتصنع الفوضى التى يحلمون بها. وللإنصاف فإن إضرابًا كليًا مثل الذى يحدث فى المحلة يحقق جزءًا من هذا الحلم، فالماكينات معطلة، والأجواء مشحونة، والجميع يخسر أكثر مما يدرك.. الحكومة تخسر ببطئها وتعاملها المائع مع الأزمة، والعمال يخسرون مع سمعة الشركة التى تتردى يومًا بعد يوم بالإضرابات المتكررة من أجل مطالب مادية يجرى تغليفها بطابع أخلاقى مثل «القضاء على الفساد فى الشركة»، ويظل اقتصادنا يدفع ثمن وقوعه بين سوء الإدارة وسوء النوايا.