استيقظت تونس على زلزال مدمر أثار رعب المواطنين على مستقبل البلاد، بعد أن أعلن وزير المالية التونسى "بالإنابة"، محمد الفاضل عبد الكافى إن الوضع الاقتصادى للبلاد "صعبا" وأنها تواجه شبح الإفلاس، مؤكدا أنه لابد من الحصول على قرض للتمكن من دفع أجور شهرى أغسطس وسبتمبر لموظفى الدولة.
وأضاف عبد الكافى أن المشكلة الرئيسية فى الاقتصاد التونسى مرتبطة بارتفاع حجم ميزانية الدولة من 18 مليار دينار سنة 2010 إلى 34 مليار دينار خلال ستة سنوات، مشيرا إلى أن ارتفاع حجم النفقات العمومية زاد من عجز الميزانية.
وما أن انطلقت تلك التصريحات حتى هاج الشعب والنخبة السياسية على حد سواء، وبدأت أصابع الإتهام تشير نحو حركة النهضة الإسلامية – إخوان تونس – بمسئوليتها عن هذا التدهور الإقتصادى الذى تعانى منه تونس، بسبب سياستها الخاطئة خلال فترة توليها الحكم عقب ثورة الياسمين فى 2011.
ومن جهته صرح عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادى التونسى لصحيفة الشروق التونسية أن الوضع الاقتصادى فى تونس أخذ فى التدهور منذ سنوات ووصل مرحلة خطيرة فاقت الأزمة التى مرت بها تونس سنة 1986، وأرجع الخبير التونسى هذا التدهور الى السياسات الخاطئة وسوء التصرف المالى من قبل من تولى حكم البلاد فى السنوات الماضية والذى أدى لمزيد من تأزم الوضع، وأكد سعيدان أن الوضع الحالى ماض فى اتجاه مزيد من اغراق البلاد بالديون الخارجية .
الثورة التونسية
وقالت مصادر تونسية بالحكومة أن حركة النهضة هى المسئول الأول عن هذا التدهور بسبب سياستها خلال فترة حكم الترويكا حيث انشغلت بدورها فى دعم صعود الاسلام السياسى فى دول الجوار ومساندة التنظيم الدولى للإخوان، والتحالف مع قطر وتركيا لتنفيذ المخطط الأمريكى الداعم للاخوان عقب ثورات الربيع العربى ونسيت الأوضاع الداخلية، ولم تضع برامج اقتصادية تنقذ البلاد مما تعانى منه اليوم.
بل واتهم البعض حركة النهضة بأنها استنزفت موارد الدولة فى فتحها مركز لتدريب المتطرفين الذى كانوا النواة للتنظيمات الإرهابية فى ليبيا وسوريا، كما انشغلت بمحاولة السيطرة على الوظائف العمومية وأخونتها حيث قامت بتعيين آلاف من اتباعها وأبنائها فى مختلف القطاعات بالدولة مما أدى الى تضخم الجهاز الحكومى وتحميل الدولة لأعباء إضافية.
وقال العضو السابق بالمكتب التنفيذى لحزب النداء التونسي، "فتحى الجموسي"، إن الكثيرين يحملون كل الأحزاب والحكومات المتعاقبة بعد الثورة وعلى قدر المساواة مسئولية انهيار البلاد واقتصادها، إلا أن المسئول الأول عن إفلاس البلاد هى بدون منازع حركة النهضة (تمثل التيار الإسلامى فى تونس).
السبسى والغنوشى
نوه إلى أن حكومة الشاهد وقبلها حكومة الحبيب الصيد ومن سيأتى بعدها محكوم عليها بالفشل؛ لأنها تشكلت وتسير وفق النظام السياسى والانتخابى المضبوط سلفا من النهضة فى دستور 2014، مضيفًا أن تغيير الوزراء لن يغير شيئا ولن تتحسن به النتائج لأن المشكل ليس فى شخص اللاعبين بل فى قواعد اللعبة المغشوشة.
وسجل الدينار التونسى أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية منذ سنوات وهبط إلى نحو 2.83 أمام اليورو، وإلى 2.412 دينار تونسى أمام الدولار الأميركي، ولم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادى فى تونس خلال سنة 2016 واحدا %، وهى نسبة ضعيفة غير قادرة على تلبية متطلبات النشاط الاقتصادي، ولم تتجاوز نتائج الربع الأول من السنة الحالية نسبة 2.1 %، وتترجم وضعية الدينار التونسى الصعوبات الاقتصادية التى تعرفها البلاد.
والتزمت حركة النهضة الصمت تجاه الاتهامات التى توجه لها وتحميلها مسئولية الانهيار الإقتصادى الذى تعانى منه تونس، وأكتفى راشد الغنوشى زعيم الحركة الإخوانية بالتعليق على تصريحات وزير المالية قائلا فى حوار مع قناة نسمة التونسية " أنه يجب مصارحة الشعب بالأزمة القائمة، دون بعث رسائل إحباط"، وأضاف أنه "ليس من المنتظر من وزير المالية أن يبعث بهذه الرسائل السوداوية"، مؤكدا أنه من المطلوب رفع معنويات الشعب.
علاقة راشد الغنوشى بأمير قطر
وحاول وزير المالية فاضل عبد الكافى تهدئه الرأى العام عقب الأزمة التى أثاها حديثه عن الإفلاس، حيث أكد أن الموارد المالية لتغطية الأجور متوفرة وسيتم صرف الرواتب بشكل عادى مشيرا إلى أنّ مؤسسة البنك المركزى التونسي، وعلى رأسها المحافظ، تقوم بدورها على أكمل وجه فى إضفاء التعديلات الماليّة اللاّزمة وفى ضمان استقرار قيمة الدينار وتفادى أيّة انزلاقات محتملة.
المستقبل المجهول لتونس أصبح شبحا يثير مخاوف كل الأطراف وسط ظنون وشكوك الجميع بفترة عصيبة مقبلة ستعيشها البلاد، مع اتفاق الجميع على أن الوضع السياسى المتأزم وما شهدته تونس فى فترة حكم الإخوان السبب الأساسى لما يحدث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة