بالأمس كانت إسبانيا وبعدها فنلندا ومن قبلها بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا، كل هذه البلاد تغرضت لهجمات إرهابية خلال العام الجارى، فلماذا لا يترك لنا الإرهابيون مكانا آمنا؟.
مهما حاولنا، ومهما عملت المراكز البحثية واجتهد الأفراد، لا يمكن أن نفهم عقيدة الإرهابى تماما، ولا يمكن لنا أن نتصور رؤيته للحاضر أو الواقع أو العلاقات الإنسانية التى تحكم الجميع وبالطبع ولا المستقبل، لكن أكثر الذى يزعجنى فى رؤيته الغريبة أنه يظن أنه يحسن صنعا.
أعتق أن أسلوب الدهس الذى صار «موضة» الحوادث الإرهابية الأخيرة، والذى يتبناه دوما تنظيم داعش الإرهابى، يكمن السر الذى يحكم هذه الكيانات المساماة تنظيمات هذا السر هو العشوائية، هم يعيشون فكرا عشوائيا لا مستقبل له ويريدون عالما عشوائيا لا روابط فيه ولا قيم سوى الخوف.
تقول الدراسات إن معظم الذين ينتمون لـتنظم داعش هم حديثو عهد بكل شىء خاصة بالدين، لا يعرفون عن الإسلام سوى أنه فى أقل من عشرين عاما استطاع أن يمتلك إمبراطورية عظمى، لكنهم لا يعرفون بالتحديد كيف فعلوا ذلك، هم يتبنون الفكرة الشائعة بأن الإسلام فعل ذلك بالسيف، وهى فكرة ليست صححة تماما.
كما أنهم يتبنون أفكارا بدائية قادمة من ديانات وتراث ليس صحيحا منها أن الله يحب الدماء، ويحب التقرب إليه بإبادة الآخرين، وأن الأرض يرثها أهل البطش الذين يقتلون باسم الله، وأن دم أعدائهم ليس طاهرا، وأن الله لا يؤاخذهم بما يفعلون فى قتل وتخويف وتدمير لأن الأمم الأخرى مجرد متاع لأهل الإيمان.
أما مفهومهم عن أهل الإيمان فهم لا يعرفون سوى التشبه الشكلى بالصالحين والتشدد فى الدين وقهر المرأة والطفل وإلغاء تدريس العلوم وتعدد الزوجات والشهوانية فى الحياة، ولا يهمهم من صلاح القلوب شيئا، يخضعون للظاهر من الأشياء، أما الباطن الذى هو صلاح الدنيا والآخرة فلا وجود له فى تفكيرهم.
الإرهابيون الذين لا يتركون لنا مكانا آمنا فى هذه الأرض، يظنون أنهم بالقتل والتخريب يبنون عالما وأنهم يسعون لإعادة إعمار الأرض، ولا يدركون أن تفجيراتهم تترك الأرض جافة لا خير فيها ولا مستقبل لها.
هؤلاء القتلة لا خلاق لهم، لأنهم لا يقرأون الكتب السماوية كما ينبغى، ولا يتدبرون آيات الله ولا يعرفون شيئا عن الاختلاف الذى هو أصل الوجود، وأن الله سبحانه وتعالى لو شاء لجعلنا أمة واحدة نؤمن بالطريقة نفسها ونعيش بالشكل نفسه ونفكر جميعا كشخص واحد، لكنه سبحانه وهو الأعلى والأعلم، جعل التنوع فى كل شىء حتى تتكامل الأمم ولا يفنى ببعضها بعضا، لكننا لا نرى حكمته.
شىء آخر مهم لا يعرفه الإرهابيون هو أن هذه الأرض قد مر عليهم من هم أكثر تطرفا منهم وإرهابا، لكن الحياة انتصرت عليهم وصاروا فى سجلها مجرد قتلة ومجرمون مروا من هنا.