جزء من أزمة السياسة وغيابها يأتى من الأحزاب نفسها، ليس بسبب قلة عدد الأحزاب لكن من كثرتها والعجز عن التمييز بينها ومعرفة توجهاتها، ولو كان هناك مواطن يقرر ممارسة السياسة فسوف يجد صعوبة فى تحديد أى من الأحزاب القائمة يمثل اتجاها يساريا أو يمينيا. واجهت الأحزاب السياسية التقليدية أزمة بعد 25 يناير وتراجعت مع الحزب الوطنى، ولم تنجح الأحزاب الجديدة فى ملء الفراغ أو تقديم أى نموذج يمكن الالتحاق به أو التعامل معه.
ولهذا انتقل الحديث عن السياسة إلى مواقع التواصل، وتركز النشاط فى التعامل مع شخصيات افتراضية، فضلا عن استسهال الكثير من متعاطى السياسة للوجود على مواقع التواصل، ببوستات تطلب «لايك» من دون طرح يمكنه تحليل الواقع بشكل منطقى.
رسميا لدينا 106 أحزاب سياسية ظهرت أغلبها بعد 25 يناير 2011، بعد إطلاق حرية تكوين الأحزاب، لكن لا أحد يعرف بالضبط ماذا تفعل عشرات الأحزاب، وأين تقع مقارها، وأى منها يعتبر حزبا اشتراكيا أو اجتماعيا، وأى منها يعتبر ليبراليا، وما هى أنشطتها التى تمارسها فى المجتمع.
وقد أصاب الضعف الأحزاب التقليدية من اليسار واليمين، بتنوعاتها، اليسار ممثلا بحزب التجمع، والناصرى والكرامة وبعض الأحزاب الصغيرة، وتكاثرت الأحزاب عدديا، ونفس الأمر فيما يتعلق بالأحزاب ذات التوجه الليبرالى، وكان الوفد أبرزها، كان حزب العمل انقلب على توجهه الاشتراكى وتحالف مع الإخوان وتحول إلى حزب دينى أكثر منه مدنى، عائدا لطبيعته المرتبطة بمصر الفتاة وأحمد حسين.
ظهرت أحزاب على أسس دينية، سلفية وغيرها، ووصل العدد لأكثر من 100 حزب، وبعد أن كانت الشكوى من عدم وجود حرية لتكوين الأحزاب بدت هناك تخمة فى عدد الأحزاب، مع وجود أكثر من خمسة أحزاب تتشابه فى برامجها وطرحها.
وإذا كانت الأحزاب التقليدية اصابها الضعف، لم تنجح الأحزاب الجديدة فى تسجيل وجود، ودخلت فى نفس أعراض الأحزاب القديمة. والنتيجة أن «العدد فى الليمون» كما يقول المثل حيث يبقى الحديث فى السياسة خارج أى نشاط سياسى، وعشرات الناشطين السياسيين خارج نطاق ممارسة النشاط، ومن انضم منهم لحزب سياسى سرعان ما خرج لأسباب تنظيمية، أو خلافات على الزعامة والقيادة.
وبالرغم من وجود أكثر من 100 حزب لا يمكن أن يتجاوز اعضائها مجتمعة 100 ألف عضو على أقصى تقدير، وبعض الأحزاب لا يتجاوز عدد أعضائها الـ100 شخص، يقتسمون المناصب القيادية، وحتى الأحزاب التى شكلها بعض مشاهير السياسة، لم تنجح فى عبور ازمة الصراع على المناصب، فضلا عن وجود عشرة أحزاب أو اكثر تطرح أفكارا يسارية أو اشتراكية، ونفس الأمر فيما يتعلق بالليبرالية. ويصعب أحيانا التمييز بين حزب اشتراكى وآخر ليبرالى. وكانت تجارب مشاهير النشطاء فى تشكيل أحزاب أو ائتلافات محكومة بالفشل، وأغلب أصحاب الطرح النظرى والبوستات الساخنة يعجزون عن العمل الجماعى، ويتنافرون بسرعة. وبالرغم من كل ذلك فإن أى من هؤلاء الناشطين افتراضيا، يهربون من الاعتراف بعدم القدرة على العمل الجماعى، ويقدمون تبريرات يهربون فيها من تحمل أى مسؤولية. ويبحثون دوما عن شماعة «سلطوية» يعلقون عليها فشلهم، وهى عادة التصقت دائما بالأحزاب القديمة والجديدة، على حد سواء.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
اعتقد
اعتقد .. زياده عن 5 أحزاب يبدأ التهريج