أحمد إبراهيم الشريف

سيدى الراهب «بيبر».. غفر الله لنا ولكم

السبت، 26 أغسطس 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تزال العقلية اليابانية قادرة على إدهاش الجميع طوال الوقت، وذلك لأنها لم تترك مجالا علميا لم تخض فيه وتضع بصمتها عليه، هذا ما شعرتُ به عندما قرأت عن الراهب الآلى «بيبر» الذى ستكون مهمته الرئيسية هى توديع الموتى فى طقس دينى مناسب، منها قراءة مقطوعات من الكتاب المقدس على أرواح الموتى فى الجنازات.
 
يقول الخبر: إن إحدى الشركات اليابانية كشفت النقاب عن راهب آلى تمت برمجته على القيام بمهمات فى معابد بوذية بينها تلاوة الكتاب المقدس عند البوذيين فى مراسم الجنازات، وشوهد الروبوت «بيبر»، وهو يضع رداء الرهبان البوذيين ويردد أقوالهم فى أكبر معرض للجنازات والمقابر فى اليابان، وقالت الشركة المنتجة للراهب أن هذا الروبوت سيكون قادراً على القيام بالواجبات الدينية التى تتعرض للإهمال فى شكل متزايد فى المجتمع، مع تراجع التبرعات وتناقص عدد المترددين على المعابد البوذية فى البلاد.
 
كما أن الروبوت، أو الراهب الآلى، سيكون خياراً أرخص للعائلات إذ تقدر كلفة تلاوته الآيات الجنائزية بـ50 ألف ين فقط عن الجنازة الواحدة، وهو مبلغ ضئيل إذا قورن بحوالى 240 ألف ين عن الجنازة للراهب العادى.
 
بالطبع عندما تقرأ عن هذا الاختراع سوف تقع فى حيرة من أمرك، لأنك لن تكون قادرا على الحسم فلا تعرف ما المحرك لهذا الاختراع والدافع إليه؟ هل هو العقلية التجارية التى تعرف ما الذى يحتاجه الإنسان وأن الموت جزء أساسى يمثل هاجسا للإنسان، لأنه يدخل فى فطرته فهو يسعى دائما لـ«حسن الختام» وهذه الشركات تعمل باجتهاد للاستفادة من ذلك بكل السبل المتاحة.
 
أم أن هذا الاختراع يكشف فى إحدى صوره أن الإنسان مهما حقق من نجاح علمى، لا يزال يرجو رحمة ربه، ويسعى إلى ذلك، حتى لو عن طريق راهب آلى.
ما استوقفنى أيضا لتأمل هذا الخبر هو أن الاختراع فى إحدى صوره تأكيد لفكرة أن السر الدينى يكمن فى الكلمة وليس فى قائلها، وربما هذه هى النقطة تدفعنا للمقارنة بين هذه الرؤية وما يحدث فى عالمنا العربى الذى لا يفرق بين النص الدينى وبين الشيوخ الذين يتلونه علينا ونعتبرهم جزءا منه، وحتى لو ظهرت أخطاء بعضهم نظل ندافع عنهم ونبرر لهم بالسبب الخلط، وننسى أنهم مجرد حاملين للنص الدينى وليسوا بعضه، فاليابانيون يعلمونا مرة أخرى أن النص الدينى قيمته فى ذاته وليس فيمن يتلونه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة