كريم عبد السلام

الحظر الألمانى وحقوق الإنسان والمعونة الأمريكية

الإثنين، 28 أغسطس 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الموقف الألمانى الأخير بحظر موقع إخبارى معروف بميوله اليسارية المتطرفة وإثارة الكراهية والحشد للتظاهر بدون تصريح من السلطات، هو موقف كاشف ودال إلى حد كبير، ليس فقط للدول ذات السيادة التى تطبق القانون بكل حسم، ولكن أيضا للدول المستهدفة خارجيا والدول الساعية لحماية أمنها، وكذا لمجموعة الكليشيهات السياسية المكشوفة المستخدمة من الدول الكبرى للضغط على دول المنطقة العربية ومنع استقلال قراراتها ومواقفها.
 
القرار الألمانى بحجب موقع linksunten بسبب «بث الكراهية ضد مختلف وجهات النظر وممثلى البلاد» حسبما أعلن وزير الخارجية الألمانى توماس دى مزيرا، لم يواجه بالمزايدات الفارغة من المعارضين للحكومة ولم يواجه أيضا باللطم والنواح من محترفى كتابة التقارير والشهادات للجهات الخارجية المتربصة بالموقف الألمانى، ولم يعلق عليه المفوض السامى للاتحاد الأوروبى بالسلب مثلا، كما لم تصدر الخارجية الأمريكية بيانا تعلن فيه شعورها بالقلق العميق على حالة حقوق الإنسان فى ألمانيا وخوفها على القيم الديموقراطية، وبالطبع لم تدع الحكومة الألمانية رغم الخلاف المعلن بين ترامب وميركل حول كثير من السياسات، إلى تدعيم حرية الرأى والتعبير وعدم استهدافهما.
 
وفى نفس التوقيت تقريبا خرجت علينا الخارجية الأمريكية بقرار حرمان مصر من مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار وتأجيل صرف 195 مليون دولار أخرى، بذريعة أن مصر لم تحرز تقدمًا على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، وذلك بعد حملة ممنهجة ضد اتخاذ السلطات المصرية قرارا بحجب عدد من المواقع الإخبارية التى ينطبق عليها نفس التوصيف الألمانى للموقع المحظور هناك فضلا عن أنها صادرة بدون الاشتراطات القانونية الخاصة بالمواقع الإلكترونية.
 
بالطبع، القرار الأمريكى بخفض المعونة سياسى مائة بالمائة وهدفه الضغط على الإرادة السياسية المصرية ومنعها من مواجهة الملفات الخطرة المؤثرة على مصالحها المباشرة فى المنطقة وفى مقدمتها الملف السورى الذى تتحرك فيه الإدارة المصرية برؤية عروبية تحفظ الدماء السورية ووحدة الأرض ووقف الحرب الأهلية وكذا الملف الليبى لمواجهة المشروع الاستعمارى الجديد بتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات منها دولة للمتطرفين على حدودنا الغربية.
 
لكن غير المفهوم حتى الآن هو استمرار حالة التخبط والتضارب داخل الإدارة الأمريكية، فالرئيس ترامب يعلن أكثر من مرة حرصه على مواجهة الإرهاب والدول الداعمة له، كما أعلن تأييده الكامل لمصر فى حربها المشروعة على الإرهاب، بينما وزير خارجيته ريكس تيلرسون نائما فى أحضان الدول الراعية للإرهاب ويوقع معها الاتفاقات الثنائية لمكافحة خطر الإرهابيين، مثلما حدث مع قطر بينما يتمركز الإرهابيون على بعد أمتار من الموقع الذى وقع فيه الاتفاقية.
 
هذا التخبط فى الإدارة الأمريكية يفتح الباب واسعا لاستمرار مشروع أوباما–هيلارى لضرب المنطقة العربية بالتنظيمات الإرهابية بهدف تفتيتها وإعادة تقسيمها كما يفاقم ظاهرة اللاجئين فى أوروبا ومعها الغاضبون من سياسات دعم الإرهاب والذئاب المنفردة الساعية إلى تدمير أوروبا.
وللحديث بقية






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة