الظاهرة السابعة الواضحة فى سياق العلاقات الدولية بعد 11 سبتمبر، تتمثل فيما نطلق عليه حروبًا بلا نصر، فمعظم الحالات التى استخدمت فيها الأداة العسكرية لم تستطع القوة المستخدمة لها أن تحسم الأمر، بحيث تقضى على إرادة الطرف الآخر، وتجبره على الاستسلام، كما كان يحدث فى المراحل التاريخية، والمثير للانتباه فى هذا المجال أن الحالات التى شهدت حروبًا فى الواقع المعاصر كانت بين أطراف غير متكافئة على الإطلاق، من حيث القدرة العسكرية، والأمثلة الواضحة فى هذا الشأنو تتمثل فى الحرب الأمريكية فى أفغانستان، والعراق، والعدوان الإسرائيلى على لبنان وغزة.. إن هذه الظاهرة تعنى أن نطاق تأثير القوة العسكرية مهما كانت طاقته التدميرية قد صار تأثيره محدودًا، بل إن ما يحققه من نتائج لا يتلاءم مع تكاليفه المادية والبشرية.
هذه بعض الظواهر الجديدة والمحورية فى سياق العلاقات الدولية المعاصرة، والتى يمكن من خلال إدراكها والاستناد إليه فى التحليل، التوصل إلى تفسير للتفاعلات الدولية السريعة والمتلاحقة التى تجرى أمام أعيننا على الساحة الدولية، وهو ما أكدته الدراسة التى حملت عنوان «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر» للباحث محمد ضياء الدين.
وفى هذا الإطار يمكن أن نشير إلى ازدياد دور المنظمات الدولية والمتخصصة والإقليمية فى نطاق التفاعلات الدولية المعاصرة، سواء فى مجال حل المنازعات الدولية، أو فى نطاق محاولة إلزام الدول بالقواعد القانونية الدولية المنظمة لأنشطة معينة، أو فى إطار محاولة بعض الدول الكبرى فرض قيود أو عقوبات على دول معينة.
لقد مثلت أحداث الحادى عشر من سبتمبر نقطة تحول فى السياسات الأمريكية تجاه العالم، وقامت بإعادة تشكيل العلاقات الدولية بشكل جديد باعتماد القوة كمبدأ أساسى فى العلاقات الدولية، بالإضافة لإقرار مبدأ التدخل فى شؤون الدول الداخلية بحجة الحرب على الإرهاب وغيره، وفى هذه الأحداث عرفت الولايات المتحدة الأمريكية تضامنًا عالميًا لم يسبق لها أن شهدت مثيلًا له، وأعلنت نفسها فورًا المسؤولة الوحيدة عن مكافحة الإرهاب، وحددت جملة مبادئ جديدة فى العلاقات الدولية، كان أبرزها إمكان إعلان حرب وقائية تشنها الولايات المتحدة فى أى مكان فى العالم ترى فيه تهديدًا لأمنها، واستخدام كل الوسائل، بما فيها التدخل العسكرى، وتغيير الأنظمة السياسية القائمة، واستحداث قيم أخلاقية تصنف الدول على أساس الخير والشر، وتكريس قاعدة جديدة فى العلاقات الدولية، هى «من ليس معنا فهو ضدنا».
تكاملت الجهود الدولية مع الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب، حيث عرضت 136 دولة مساعدات عسكرية عليها، ومنحت 39 دولة حق التحليق للطائرات العسكرية الأمريكية فى أجوائها، ومنحت 76 دولة حق الهبوط لهذه الطائرات، ووافقت 23 دولة على استضافة القوات الأمريكية ومساهمتها فى المجهود الحربى، وهذه الأحداث أكدت مفهومًا جديدًا، هو «عولمة الحرب» عسكريًا، وانتقالها من مكان إلى آخر، وهذا ما يؤكد مواصلة الولايات المتحدة لمواصلة مسيرتها الأحادية، وقامت بدعاية تروج لحربها وهيمنتها على العالم، واتسم الخطاب الأمريكى بعد الحادى عشر من سبتمبر بالعنصرية على جميع المستويات، خاصة على المستوى الاجتماعى والثقافى، والمحاولة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، أو على المستوى السياسى بمحاولة تغيير النظم الحاكمة.
أظهرت الولايات المتحدة الرغبة فى تقسيم العالم وفقًا لرؤيتها، وبما يتناسب مع تحقيق مصالحها، واستخدمت مصطلحات مثل محور الشر كورقة ضغط لإقناع العالم بسياستها، وتكريس الهيمنة الأحادية الأمريكية.
ومعروف أن أمريكا لديها جهاز استخباراتى من أكبر الأجهزة المخابراتية، وأولها، وهى من أنشأت المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، وهى من ترعى وتتشارك مع أغلب المخابرات والنظام المخابراتى الأمريكى ظهرت قوته مع الحرب العالمية، وتغلغل فى الأنظمة الفاسدة، وهى من السهل جدًا التغلغل فيها، أما الماسونية فهى منظمة عالمية، واختصارًا لشرح قد يطول فهى منظمة تم تأسيسها من الصهاينة أولًا، ولتهيئة العالم لحكم إسرائيل ثانيًا، وتدمير الإسلام والخلافة الإسلامية ثالثًا، لبث الخطيئة والشر بين الناس وإفساد العقول، فهى من أفسدت مفهوم الحرية، ومفهوم الشرف، ومفهوم الصداقة، وتستمر فى هذا من خلال اللوبى الإعلامى والسينمائى لنشر الرذيلة خارج إسرائيل، كى تتمكن إسرائيل من النشأة.
أما عن العلاقات الخارجية الأمريكية خاصة.. كان العالم يرى انهيار بريطانيا وفرنسا ووقفت ضد هتلر، وكان هذا أول ظهور لقوة أمريكا، التى عملت على نشأة عصبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وكانت هى التى تعهد كل هذا، مما جعلها بمثابة القيادة بعد الانتهاء من هلتر والديكتاتورية وهندسة الانقلابات.. إن وزراء الخارجية الأمريكيين الأوائل كانوا يدعون بمهندسى الانقلابات، وأشهرهم هنرى كيسنجر، والهندسة هنا أنهم يخططون لانقلابات كأنها لظروف داخلية، ولكن فى الأصل هى لحسابات خارجية، ومنها انقلاب سوريا الفاشل 1949، وتقديم المعونات العسكرية والمعونات الاقتصادية للدول، والمعونة دائمًا تكون مشروطة، والشرط هو وضع الكثير من الدول تحت أمر رئيس الولايات المتحدة.. ونواصل إن شاء الله استكمال الحديث عن أمريكا والعالم.