أكرر القول بأن أسرار القصة الكاملة لثورات «الربيع العربى» ستكتمل حينما يتكشف حقيقة أدوار الأطراف الخارجية فيها وفى مقدمتها الدور القطرى، وقبل يومين نشرت شبكة «سبوتنيك» الروسية للأنباء تفاصيل وأسرار قالت إنها تنشر لأول مرة حول هذا الموضوع، واعتمدت فى ذلك على سلسلة تغريدات كتبها سعود القحطانى المستشار بالديوان الملكى السعودى على حسابه الرسمى على موقع تويتر، مشيرا إلى أنها تندرج تحت ما سماه «كشف حساب»، مؤكدا أنه كان شاهد عيان على ما شهدته «الدوحة» خصوصا ما بين بين عامى 2011و2012، حيث كان يتردد على العاصمة القطرية فى مهمات رسمية.
كتب «القحطانى «فى زياراتى للدوحة «2011 2012-» بقصد ثنيك عن جنونك يقصد حاكم قطر، وأنت بمجلسك العسكرى المموه، وأمامك شاشات للقنوات الفضائية تتوسطها الجزيرة، مازلنا نتندر حتى اليوم على جنونك وأنت كل دقيقة ترفع السماعة وتتصل: قولوا لهم ينقلون المظاهرات من الشارع الفلانى إلى الشارع العلانى،وتابع: مازلت أذكر حين شاهدتك فى مجلسك بذات اللباس العسكرى وأنت ترفع السماعة وتوجه وتقول: اضربوا المنطقة الفلانية بالطيارات، وبذات الجلسة تتكلم عن ليبيا وتقول: سأتصل بالقوات الخاصة القطرية وأعطيهم أمرا بالقبض على فلان واقتحام المكان الفلانى».
هذه الشهادة تحتوى على معلومات قليلة، لكنها تحمل بين السطور حقائق لم تعد على خافية على أحد حول الدور القطرى وقتئذ فى مصر وسوريا وتونس وليبيا، ونحن فى انتظار شهادة متكاملة حول هذا الموضوع تحديدا يرويها أحد الذين كانوا فى دوائر صنع القرار فى المنطقة ولهم علاقة مباشرة مع النظام القطرى وقتئذ، سواء ممن كانوا فى دولاب السلطة والمغضوب عليها، أو الجديدة التى جاءت، وأعتقد أن الحالة الليبية التى ركز عليها «القحطانى» نموذجا فى هذا الأمر.
ومما له علاقة مباشرة بذلك، ما ذكره مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالى فى ليبيا فى لقاء له على هامش جلسات الموسم الثقافى الرمضانى الذى تنظمه كلية الدراسات الإسلامية فى مدينة البيضاء مطلع شهر أغسطس عام 2012، أى بعد الإطاحة بالرئيس الليبى العقيد معمر القذافى، قال عبد الجليل: «قطر تقوم بدعم التيارات الإسلامية ولها رؤية تتمثل فى أن يتم بناء منظومة عربية تعتمد الشريعة الإسلامية كنظام للحكم»، وأضاف: «لم يذهب أى شخص ليبى إلى قطر إلا وقاموا بإعطائه مبلغا من المال، منهم من سلمه للدولة ومنهم من أخذه لنفسه»،وقال، أن دولة قطر أنفقت على ما أسماه بالثورة الليبية أكثر من مليارى دولار وأن خطة الهجوم على مجمع باب العزيزية تم وضعها فى الدوحة.
والمعروف أن «عبد الجليل» انشق على نظام القذافى بعد بدء الحراك ضد القذافى وسمى إعلاميا وقتها «ثورة الشعب الليبى»، وفى لقاءات صحفية عديدة معه، يذكر أنه بعد إعلان انشقاقه عن القذافى تلقى اتصالا من شخص قطرى عرف نفسه على أنه من الديوان الأميرى، وكان يحمل رسالة شفهية من الأمير حمد تفيد بأن قطر تهنئه على الانشقاق عن نظام القذافى، وتريد أن تعرف مطالبه لمساندة ما يسميه عبد الجليل بـ«الثورة الليبية»، وكان رد عبد الجليل حسب قوله، إنه لا يريد شيئا وأنه انحاز لثورة شعبه، وفى اليوم الثانى رن الهاتف، وإذا بالشخص نفسه الذى تحدث معه أمس يقول له: الأمير حمد يريد أن يتحدث معك، وبعد السلام قال الشيخ حمد: أريد أن أبلغك أن قطر كلها تحت تصرفك وتحت تصرف مطالب الشعب الليبى، فلماذا كان هذا الاهتمام القطرى بليبيا؟