بدعوة كريمة من الآباء الفرنسيسكان فى لجنة التعليم وليم لبيب ولوكاس حلمى ورومانى رمزى، حضرت المؤتمر التعليمى الثانى للمدارس الفرنسيسكانية نحو حلول إبداعية للتعليم، بالإسكندرية الأسبوع الماضى، مدارس الفرنسيسكان «17» مدرسة من كوم أمبوا جنوبا وحتى الإسكندرية شمالا، مرورا أرمنت والأقصر ونجع حمادى والطويرات ودير درونكة وأسيوط ومغاغة والفيوم وصولا لبور سعيد والسويس وفى الإسكندرية بأبو قير وغبريال والمنشية وسيدى بشر وكفر الدوار، تنوع غنى، يضم معظم القرى والأحياء الفقيرة والفئات الدنيا من الطبقة الوسطى، لتملأ الفراغ بين المدارس الخاصة والكاثوليكية التى تخدم أبناء الفئات العليا وبين المدارس الحكومية التى تعانى من التدهور، وسبقت تلك المدارس الجميع فى التعليم فى الصعيد منذ أكثر من قرن من الزمان، وكذلك فى أحياء الصيادين والحرفيين بأبى قير وسيدى بشر بالثغر أو الحى العربى ببورسعيد فى منظومة من الإبداع المبكر لمرسلين إيطاليين أحبوا مصر وفقراءها وعاشوا فى الصعيد، بكوم أمبو وأرمنت والأقصر، فى ظروف لا تطاق منذ أكثر من قرن وتنقلوا بالدواب ليعلموا أبناء الصعيد، لذلك لم يكن ذلك الإبداع لجيل الفرنسيسكان الحالى منفصل عن إبداع أسلافهم.
افتتح المؤتمر المطران عادل زكى مطران اللاتين الكاثوليك فى مصر، وهو راهب فرنسسكانى فى الأصل بكلمة طالب فيها بإدخال التكنولوجيا فى الإدارة «برامج بين الإدارة والمعلمين والطلبة وأولياء الأمور وكل كفردات العملية التعليمية»، رفع مقدرات ومهارات المعلم التربوية ببرنامج يحوله من ملقن إلى مرشد، التعليم التفاعلى ومهارات التفكير والإبداع، تحويل المناهج الدراسية إلى مناهج إلكترونية تدريب المعلمين على البرمجة الإلكترونية، ليكون المنتج هو الطالب المبدع.
وألقى الأمين العام للمدارس الكاثوليكية أبونا انطونيوس غطاس كلمة، استعرض أبونا انطونيوس إنجازات الأمانة العامة، وتطور مدارسها الـ «170»، مؤكد أن الإبداع قيمة من أهم القيم، وقدم تعريفا لمعنى الإبداع، وأشار إلى أن القديسين فرنسيس ومنصور والأم تريز كانوا من المبدعين، وتوقف أمام لقاء القديس فرنسيس بالملك الكامل أيوب كإبداع، وتطرق إلى المؤسسات الكاثوليكية كإبداع مثل كاريتاس، وغيرها، وانتهى بتحية الرهبنة ومدارسها.
وأضاف الأب كمال لبيب رئيس الرهبنة فى مصر كلمة حول التفاعل بين أنشطة المدرسة والمشروعات التى تخدم البيئة خاصة حى المدرسة، توعية أولياء الأمور بالمتغييرات التى تؤثر فى العملية التعليمية، دورات تدريبية لكيفية توفير بيئة مناسبة فى البيت، تطوير مجالس الآباء.
أما الخبير التربوى رضا رمسيس فقد ركز على دور الطاقة الإيجابية فى صنع الإبداع، والعلاقة بين المدير وفريق العمل، ودور المناخ المدرسى فى الإبداع.
ثم قدمت الأخت سميحة راغب مديرة مدرسة القديس يوسف بالزمالك والشخصية الدولية كخبيرة تعليمية، ورشة عمل حول مدير المدرسة المبدع، «أن الأمم تسقط أن أسقط دور الأم واهتزت هيبة المعلم وتم التشكيك فى العلماء والمفكرين «القدوة»، وركزت سميحة الراهب على بناء الضمير: الرسالة: مهارات + قيم = صناعة ضمير. وفككت سميحة كلمة «مبدع»: إلى أربعة حروف «م ـ ب ـ د ـ ع»، وشارك الحضور فى استحضار كلمات لكل من تلك الحروف الأربعة، ورأت بأن المبدع هو من يتعامل مع الحضارة المعاصرة وليس المقلد، وحددت دور مدير المدرسة فى تعزيز العملية الإبداعية فى وضع استراتيجيات مبتكرة فى التقنيات وأساليب العمل، وأكدت أن الإدارة المدرسية تعتمد على: الديمقراطية، العلاقات الإنسانية، المشاركة وليس التسلط، مؤكدة أن العنصر البشرى هو أساس العملية التعليمية، وأن أخطر التحديات هى المجاملات والعشوائية، وانتهت على أن الإدارة هى: سيرورة من التأثير الإيجابى مع الفاعلية.
كما قدم الأب لوكاس حلمى الفرنسيسكانى ورشة عمل حول أهمية التأكيد الروحانية الفرنسيسكانية كأبداع، يسعى إلى حقن الدماء، وربط بين المؤتمر وبين الاحتفالات التى سوف تنظمها الرهبنة الفرنسيسكانية فى مصر 2019 بمرور 800 عام على قدوم القديس فرنسيس مؤسس الرهبنة إلى مصر 1219، حيث قدم القديس إلى مصر مع الحملات الصليبية، ولكنه لم يقبل ضميريا استعادة بيت المقدس بالحرب، فذهب إلى معسكر الملك الكامل أيوب، وبعد حوار استمر أياما حضرة القطب الصوفى الكبير سيدى أبو الحجاج الأقصرى، استطاع فرنسيس بالسلام مع الملك الكامل أن يمنحه الملك مفاتيح بيت المقدس فى 26 سبتمبر من ثمانمائة عام، ومنذ ذلك التاريخ والآباء الفرنسيسكان يخدمون فى بيت المقدس ومصر، ومن عبق تلك الروحانية عقد المؤتمر، ومن ترتيب القدر أن دير الفرنسيسكان بالأقصر يقع فى مواجهة معبد الأقصر ومسجد سيدى أبو الحجاج فى تأخى ما أحوجنا إليه الآن.
وكان ضيف الشرف المفكر والدكتور وسيم السيسى الذى فاض بإبداعه على المؤتمر، وانتهى المؤتمر بتوصيات مهمة للمشاركين منها: تشكيل رابطة للمدارس الفرنسيسكانية، تبادل الخبرة بين المدارس وما بين المعلمين والإداريين وبين الطلاب وبعضهم فى مختلف المدارس الفرنسيسكانية، تدريب المعلمين t u t لنقل خبرات المؤتمر إلى أكبر قطاع ممكن، العمل الجماعى على أساس المحبة وخبرات الجذب التربوية، الحفاظ على أن يكون المعلم قدوة للتلاميذ، تدريب المدرسين على الرسالة الفرنسيسكانية فى التعليم لتعزيز روح الاستعدادية، توفير المناخ المناسب للطفل لإخراج طاقاتة الإبداعية ومواهبة، التأكيد على روح الشراكة مع أولياء الأمور، عمل لكل مرحلة يوم للمواهب للطلاب، دراسة احتياجات الوطن والمحافظات لمدارسنا، تشجيع مركز الدراسات الفرنسيسكانية على وحدات لقياس الرأى العام والاستبيانات لقراءة تطور مدارسنا ومستوياتها الدراسية وعوامل الجذب من أجل خدمة الوطن فى هذة المرحلة التاريخية.
انتهى المؤتمر ولكن الذى لم ينته هو روح هؤلاء الذين يخدمون أبناء الفقراء فى صمت وتواضع يتصفون به كرهبنة «الإخوة الأصاغر»، لا يصيحون ولا يعلون صوتهم، قصبة مرضوضة لا يسكون وفتيلة مدخنة لا يطفئون، تحية لهم ولرهبانيتهم ولمنظمى المؤتمر الآباء وليم لبيب ولوكاس حلمى ورومانى رمزى وكل من شاركوا فيه.