أحمد إبراهيم الشريف

لبيك اللهم لبيك.. الإنسان فطرته الفرح

الخميس، 31 أغسطس 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك».. فى كل مرة أقرأ فيها قصة النبى إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل عليه السلام، وما حدث فى الذبح والفداء منذ الرؤية وتكرارها، واستسلام الصبى وعزم النبى على فعل ما لا يحبه، والحزن الذى يلقى ظلاله على الجميع قبل أن يأتى الإنقاذ السريع والحل الإلهى، تدمع عيناى تأثرا بسبب تبدل الحال فى الموقف الواحد بين «يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك»، وبين «وفديناه بذبح عظيم»، هذا التبدل الذى أصاب سيدنا إبراهيم وابنه انتقل بهما من حالين متناقضين هما الغم والفرح، وهما الخوف والطمأنية، هذا التبدل فى الحالة الشعورية يؤكد أنك لا تعرف ما سيحدث فى الخطوة القادمة، فلا تخشاه بهذا الشكل المفزع.
 
جعل الله الأعياد فى الأرض حتى يصبح الفرح حاضرًا منتشرًا وقادرًا على التأثير فينا بشكل كلى، وحتى نخرج من رتابة الأيام وقسوتها ونهرب من واقعيتها إلى الجزء الكامن داخل كل واحد منا، هذا الجزء المسؤول عن صناعة البهجة فى حياتنا البسيطة.
 
بالطبع النظرة الخارجية للحياة سوف تصيبنا بكثير من الهموم، التى قد تصل بنا إلى الإحباط الشديد، هذا إذا استسلمنا وتركنا تيار المشكلات يجرفنا إلى البعيد الذى لا عودة منه، لكننا لو وقفنا مع أنفسنا وقفة حازمة سوف نستطيع أن نقتنص حتى لو قليلا من الفرحة.
 
للأسف صار الهلع مصاحبًا للجميع كأن كل الأشياء سوف تنتهى غدا، فأحوال المعيشة تتفنن فى إيذائنا، ودفعتنا للوقوف أمام حائط صد لا يمكن المرور منه إلى عالم أرحب، كما أن المطالب الكثيرة المرهقة غرست نوعًا من المجازفة الخطرة فى كل شىء.
 
طوال الوقت نجرى محاولين تحصيل أى شىء فى هذا الصخب المثير للأعصاب، وفى جرينا تتعقد الأمور أكثر، ونسقط رهينة لكل التوجسات المستقبلية المخيفة التى حتما ستأذى مشاعرنا.
 
حينما سعت السيدة هاجر بين الصفا والمروة باحثة عن الماء، لم تتوقف حتى وجدته، وعندما حصلت عليه وانفجر من تحت قدمى الطفل، حافظت عليه بإحاطته حتى لا يتسرب فتعطش من جديد، لكن فى لحظة الحصول على الماء أصابتها فرحة عظيمة، وهى لم تخفها ولم تفكر فى الغد البعيد، ولم تشعر بالخوف والقلق والتوتر.
 
وقفة عرفة وعيد الأضحى فرصة عظيمة يمكن للواحد منا أن يستغلها جيدا فى تحصيل بعض البهجة، حتى يستعيد إنسانيته المفطورة على الفرح وحب الحياة، فتعود إليه ابتسامته ويقيم الفرح فى بيته مع أهله يعمل ما عليه ويترك ما لله لله.
 
طوبى لمن كتب الله لهم هذا العام الحج إلى بيته الحرام، هؤلاء الساعين بين الصفا والمروة والواقفين بعرفة والمهللين والمكبرين والداعين الله بأن يتولاهم برحمته الكبيرة وعطفه الواسع، وأن يغدق عليهم الخير ويبث فى قلوبهم الطمأنينة، نسألهم من الأرض المباركة أن يدعو لنا بالفرح «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد لك والنعمة لك والملك لك لا شريك لك لبيك».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة