كغيره من مؤسسات الإمارة القطرية، التى تتسم بالغرابة والهشاشة والتناقض، يعد البرلمان القطرى "مجلس الشورى" واحدا من أغرب المؤسسات التشريعية فى العالم، إذ يتشكل على الورق فقط ولا يجتمع ولا تصدر عنه تشريعات ولا يقوم بأى دور رقابى أو قانونى كما هو الحال فى أى برلمان آخر حول العالم.
برلمان على الورق
ويبدو أن المثل العربى القائل "ضجيج بلا طحين" ينطبق تماما على حالة البرلمان القطرى أو مجلس الشورى القطرى الذى يعقد جلساته على الورق فقط، لدرجة جعلت كثيرا من المراقبين يصفون هذا الكيان التشريعى بالقول: "نسمع به ولا نراه".
وبالرغم من ذلك يحظى البرلمان القطرى بتمثيل كامل لدى البرلمان العربى، شأنه شأن البرلمانات العربية العريقة كاملة التمثيل والدور والمهام والاختصاصات، كما يقوم عدد من نوابه بزيارات إلى البرلمانات الدولية والمؤسسات الغربية للحديث عن "ديمقراطية فى قطر".
وبدأت فكرة إنشاء كيان تشريعى لدولة قطر فى العام 1972 بعد استقلالها عن المملكة المتحدة بعام تقريبا، لكن الفكرة ظلت على الورق، ولم تشهد الحياة السياسية العربية برلمانا قطريا حقيقيا على غرار باقى البرلمانات الأخرى.
فى يوم 1 إبريل من العام 2006 قال بيان أصدره ديوان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى (الذى أصبح فيما بعد رئيسا للوزراء ثم خرج عن السلطة ويقود الآن التنظيم الداخلى للحمدين بقطر) إن الانتخابات التشريعية ستجرى فى عام 2007.
ذراع قطر فى المحافل
وكما هو متوقع وقتها تم تأجيل الدعوة إلى تلك الانتخابات وأنشأت عوضا عن ذلك ما يعرف بـ"اللجنة الاستشارية لدراسة إنشاء برلمان لدولة قطر"، ومرة من بعد مرة تم تأجيل الانتخابات التشريعية من يونيو 2010م، مرورا بنوفمبر 2011م، وحتى نهاية العام 2012.
ومع صعود الأمير تميم بن حمد إلى السلطة، قالت قطر إنه تم انتخاب 30 عضوا لتأسيس مجلس الشورى فضلا عن 15 عضوا عينهم الأمير الشاب، ورأس مجلس الشورى القطرى محمد بن مبارك بن صالح الخليفى الذى عين عضوا بالمجلس منذ العام 1995م، لكن اللافت أن البرلمان لا يجتمع وهو موجود على الورق فقط، ولا يمارس أدنى دور رقابى أو تشريعى حتى بعد الانتخاب الشكلى الذى تم فى 2013.
اللافت فى هذا البرلمان، أن قطر تستخدمه لغسل سمعتها فى المحافل النيابية الدولية والإقليمية، ولها ممثلين بالفعل لدى البرلمان العربى، وهم أربعة نواب بواقع ثلاثة رجل وسيدة: (مبارك بن غانم العلى ـ يوسف راشد الخاطر ـ عائشة يوسف عمر الحمد المناعى ـ ناصر خليل الجيدة)، ولأنه لا يصدر عنه أى قانون أو تشريع أو رقابة أو مساءلة فإن البرلمان القطرى هو المؤسسة القطرية الوحيدة التى لا موقع لها على الإنترنت.
تميم ينتهك الدستور
وضعت أسرة آل ثانى، دستورا للإمارة ومع ذلك هى أول من يقوم بانتهاكه وتوراث هذا الانتهاك الأمير تميم عن أبيه، ذلك أنه لا يطبق المواد المتعلقة بإنشاء مجلس الشورى فى دستور إمارته، خاصة المادة السادسة والسبعين تلك التى تنص على ضرورة إنشاء المجلس واجتماعه.
كما ينتهك الأمير تميم بن حمد آل ثانى المادة الحادية والثمانين من الدستور، ضمن فصل السلطة التشريعية، تلك التى تنص على أن تكون مدة المجلس 4 سنوات فقط، ويتم إعادة انتخاب النواب مجددا، غير أن ذلك لا يحدث.
الغريب والطريف فى آن معا، أن الأمير تميم يكتفى بدعوة أعضاء المجلس إلى الاجتماع مرة واحدة كل عام فى بدايات نوفمبر، بالمخالفة أيضا للدستور الذى ينص على أن تكون دورة الانعقاد فى أكتوبر وليس فى نوفمبر وفقا للمادة الخامسة والثمانين، وإلقاء كلمة أمامهم وهى المناسبة الوحيدة تقريبا التى يظهر فيها هذا البرلمان.
ريش على ما فيش
وفى الدستور القطرى تتألف مواد إنشاء مجلس الشورى بين المادتين السادسة والسبعين والسادسة عشرة بعد المئة، وبالرغم من كل تلك المواد إلا أنها غير مفعلة ولا يمارس النواب، المنتخبون منهم أو حتى المعينين، أى دور نيابى كنظرائهم فى أى برلمان آخر.
وعلى كل حال، هذا شأن يخص قطر داخليا، لكنها بالرغم من هذا الوضع الكوميدى تمارس أشد أنواع الانتقاد لبلاد أخرى لها واحد من أعرق برلمانات العالم، ومن خلاله يقدم النواب طلبات الإحاطة والاستجوابات إلى أعلى قيادات الدولة التنفيذيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة