من علامات السياسة القطرية أن تجد الشىء ونقيضه فى العلاقات الخارجية، هى مثلا لها علاقات طيبة مع إيران وحزب الله اللبنانى، وفى نفس الوقت تدعم وبقوة الإرهاب فى سوريا الذى تحاربه إيران بدعمها للجيش العربى السورى والرئيس بشار الأسد، هى تتحدث عن الاستقلال والإرادة الحرة بينما على أرضها قاعدة أمريكية وأخرى تركية، هى تدعم حماس منذ أن كانت تتحدث عن «أرض فلسطين الكاملة» وفى نفس الوقت تحتفظ بعلاقات طيبة مع إسرائيل التى تستهدف بلع كل شبر من أرض فلسطين، هى تتحدث عن حقوق الشعب الفلسطينى بينما تمارس كل السياسات التى تؤدى إلى ضياع هذا الحق، وألا يؤدى دعمها المعلن للإرهاب فى سوريا وليبيا ومصر إلى تحقيق أهداف إسرائيل فى المنطقة، وبالتالى يؤدى إلى ضياع الحقوق الفلسطينية.
لا يحتاج هذا الكلام إلى تكرار القول بأن الدور الذى تلعبه قطر هو مرسوم لها أمريكيا منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى، بما يحقق المخططات الأمريكية فى المنطقة، فى مقابل شبع حكامها بالاعتقاد بأنهم يحكمون بلدا يستطيع ملاعبة الكبار بالرغم من أنه لا يمتلك المقومات اللازمة لذلك، ولا يمكن الاعتماد على امتلاك الثروة المالية الباهظة كعامل ضامن للاستمرار فى هذا المسار، فصاحب الثروة الذى يوزعها شمالا ويمينا بسفه سيأتى اليوم الذى تنتهى فيه.
أقول ذلك بمناسبة الشكوى التى تقدمت بها قطر إلى مجلس الأمن ضد مصر قبل ثلاثة أيام، وزعمت فيها «أن وفد مصر فى المجلس يستغل رئاسته للجنة مكافحة الإرهاب فى تحقيق أهداف سياسية خاصة، ومحاولة تصفية حسابات مع دول معينة»، وبالطبع فإن هذه الشكوى بما احتوته من هرتلة ينطبق عليها القول الشائع: «إذا لم تستحى فافعل ما شئت»، كما أن قطر تقصد نفسها بوصف «الدولة المعينة» التى تذكر أنه يتم معها «تصفية الحساب»، ولأنها بالفعل دولة داعمة للإرهاب تحاول الغلوشة على وظيفة الدور المصرى من خلال رئاسته لهذه اللجنة، والذى حتما سيؤكد أن قطر تدعم الإرهاب.
وبالرغم من الرد المصرى المفحم على هذا الهراء، إلا أن المضحك فى مزاعم قطر، أنها تتحدث كما لو أنها دولة مكوية بنار الإرهاب لا دولة متورطة فى دعمه وتمويله، وتتحدث وهى تتصور أن هناك من يصدق مزاعمها غير هؤلاء الذين يتطابقون مع أهدافها، ويحصلون منها على الأموال التى تساعدهم على تنفيذ أجندتهم الخبيثة.
ومعلوم أن كل مصرى باستثناء «فئة ضالة» لن ينسى الدماء التى سالت وتسيل من شهداء الجيش والشرطة على تراب بلده فى عمليات إرهابية مولها النظام القطرى بالمال وكل السبل الأخرى فى الدعم والمساندة، وحين تتحقق هزيمة الإرهاب والإرهابيين سيكون بتصميم وتضحيات المصريين الذين لن يتركوا بلادهم لأصحاب الضلال، وسيكون بالطبع هزيمة للمشروع القطرى الذى توهم أصحابه من قبل بأنهم امتلكوا مصر حين صعد مرسى إلى الحكم.
الشكوى القطرية هى نموذج لما ذكرته فى بداية هذا المقال حول «الشىء ونقيضه» فى السياسة القطرية، فهى تبدو فيها وكأنها تشكو من أنها كما لو كانت دولة تعانى من انعدام العدل فى النظر إليها فى دعمها للإرهاب، فى حين أن تصريحات قادتها تفضح كل شىء، فوزير خارجيتها الحالى ووزير خارجيتها السابق لهما تصريحات تؤكد دعمهم للإرهاب بطريقة وبأخرى.