مازال عندنا فى مصر حتى اليوم الشىء القليل مما يعرف «بفساد المذهب» من حيث هو مذهب، ولكن لا يجب أن يمنعنا هذا إذا أردنا لأنفسنا التحليل العلمى السليم، من تقدير النتائج اللازمة للمقدمات التى نعرفها بالعلم والتجارب للتقدم للأمام، كما لا يجب أن يمنعنا من الاعتراف بأن ما هو واقع فى بلدنا من هذا البعض الباقى من الفساد الخلقى الاجتماعى وكذلك بعض الفساد الفكرى والعقائدى لجماعات بعينها، أو آراء سياسية وفكرية ليس على هواها النظام الحالى هو واقع مؤلم وموجب للتغيير، ولكنه غير موجب فى أى حال من الأحوال إلى اليأس غير المفهوم من بعض التيارات ونحن قد أنجزنا انتخابات ديمقراطية ونزيهة فى جميع المجالات بشهادة العالم كله ونحن على أعتاب انتخابات رئاسية العام المقبل للمرة الثانية بعد ثورة يونيو ٢٠١٣ وسوف تعكس إرادة الشعب الحر أن شاء الله، وسوف تكتمل الدولة للمرة الثانية رغم انف المتطيرين، كأى دولة عصرية، فإن الذى يئس من صلاحنا كالذى يحارب وسائل الاصلاح، وهؤلاء نحن نعرفهم جيداً ونعرف نواياهم ونعرف من ورائهم ومن حولهم. إلا أن كل عمل من الأعمال الاصلاحية يحتاج بالبديهة لزمن يقع ويتم فيه. وإذا كان اصلاح الفرد الواحد فى المجتمع بعد اى ثورة يأتى بالتربية والتعليم الصحيح ليصبح عاملاً منتجاً فى بلده، فمن المعقول أيضاً أن إصلاح الأمة التى أفسدها الاستبداد فى العهود السابقة، يحتاج إلى بعض من السنين مثلما حدث فى اعقاب الثورة الفرنسية واخذ سبع سنوات لكى تبدل حالها إلى المعاصرة ( وفرنسا دولة ناضجة سياسيا إلى حد كبير وغنية )، شرط ألا يطول الزمن أكثر من اللازم حتى لا يفنى الوطن.
وأن هذا الاضطراب المرحلى الذى قد نراه هنا وهناك فى كل بيئة من البيئات بل وفى تصرفات الفرد الواحد والأمة احيانا، إنما هو يشير إلى الانتقال من حال عتيقة جامدة إلى حال خير منها أن شاء الله. وأن القانون الذى تسير عليه الظواهر المادية هو بعينه القانون الذى تسير عليه الظواهر الطبيعية والمعنوية، كالأخلاقية والاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية منها، والتى سوف تتحقق تدريجياً مع نضوج المجتمع.
وننوه هنا إلى أن طبيعة المادة لا شك فى أنها عند انتقالها من حال إلى حال آخر يحدث اضطراب فى كتلتها وفساد فى صورتها وكذلك الأمم عندما تتحرك للانتقال من الاستبداد إلى الحرية الكاملة المسئولة، ومن الجهل والتخلف إلى العلم والمعاصرة، ومن الجمود إلى التقدم، يحدث فيها (مثل الذى حدث بعد ثورة يناير 2011 ويونيو 2013 وحتى الآن من عدم النضج السياسى، هذا الاضطراب يجب أن ننظر إليه ونعتبره سعادة ولا نتطير به، بل هو فأل حسن على الخير والاصلاح القادمين. ولكن الأهم ألا تطول مرحلة الانتقال من هذا الحال إلى الحال الجديد، وألا نقف عند هذه الصغائر نحللها ونضخم من حجمها الطبيعى، بل ويجدر بالإعلام المصرى، وهو باعث القوة فى الرأى العام، إلا يعير الانتباه إلى تلك الاتجاهات الفكرية العقيمة أو الاحداث التى اقل ما توصف به (الخسة والجبن من داعش او غيرهم ) ولا يعير انتباهه لذلك لأنهم يريدون بهذا أن يجعلوا منا قضية، لنشغل انفسنا عن القضية الأصلية. نحن لسنا قضية، بل نحن أصحاب قضية، والقضية هى أن الأمم تقوم بثورات لتختصر الزمان لتصل إلى ما هو أفضل لمستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة وليس من أجل الثورة فى حد ذاتها. يجب أن ننظر إلى ما حدث فى مصر من ثورات فى الاعوام الماضية، على انه وقود يدفعنا إلى الامام لا للخلف (كما يتشدق بعض الناس بقول أن الثورة كانت نقمة او مؤامرة على الشعب المصر الطيب )، لا والله أن ماحدث كان واجب الحدوث سواء فى يناير 2011 او فى يونيو 2013 للتصحيح من اجل الشعب وليس جماعة تحكم وطن، وجرار عربة القطار يتجه للامام ولا يعود للخلف ابدا، فما فات قد مضى «صفحة طويت ولن تعود». اعملوا لمصر ومن اجل مصر ومن اجل مستقبل الاجيال القادمة، فقد تأخرنا كثيرا، واعلم ايها الشعب العظيم أن اليوم الواحد لا يستطيع أن يشتمل على الظلام والنور معا اكثر من دقائق معدودات، وكذلك التاريخ لا يستطيع أن يحتمل الهدم والبناء فى مصر اكثر مما احتمل الاعوام القليلة الماضية وفى النهاية تباركت اللهم.. أنه لا يقع فى هذا الكون إلا ما أردت أنت من غير التفات إلى ما يريده المتطيرون. حفظ الله مصر من كل شر.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
سؤال يا دكتور
هل تطوي صفحات الماضي واثارها المدمره مستمره وتزداد شراسة ....