فشلت كل المحاولات من جانب تنظيم الحمدين فى قطر، لحماية نظام تميم من حمد، من آثار الإجراءات القانونية، التى لجأت إليها مصر والسعودية والإمارات والبحرين، فى محاولة من الرباعى العربى لتجفيف منابع الإرهاب بالمنطقة، فكل المؤشرات تؤكد أن العقوبات المفروضة على قطر بدأت تأتى بثمارها، وأن الخيار المتاح حاليًا أمام القطريين هو تغيّر القيادة، خاصة بعدما أدركوا كم المشاكل، التى وجدوا أنفسهم بداخلها بسبب تصرفات وسياسات تميم، الذى ينفذ ما يصله من تعليمات لتنظيم الحمدين.
وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير، قال قبل أيام إن العقوبات المفروضة على «القيادة القطرية»، من الممكن أن تشدد فى المستقبل، وأن هناك احتمالا لامتداد «الأزمة» مع الدوحة، لعامين مقبلين، وهذه التصريحات تؤكد أن الرباعى العربى الداعم لمكافحة الإرهاب المدعوم من قطر، لديه خطة واضحة للتعامل مع النظام الإرهابى الذى يحكم قطر حاليًا، وأن كل إجراءات الرباعى مرسومة بدقة شديدة، ووفق ترتيبات زمنية يجرى متابعتها بشكل دورى، وأن مسؤولى الرباعى العربى لا يتركون شيئًا للمصادفة، لذلك فهم يخططون للتعامل مع الأزمة، إذا ما استمرت لعامين وربما أكثر من ذلك، حتى تكون كل الخيارات ممكنة ومتاحة.
الوضع فى قطر الآن بات بالغ الصعوبة، سياسيًا، الدوحة فى موقف صعب بسبب المطالب الـ13، التى تقدمت بها الدول الأربع، فهذه المطالب وضعت قطر فى موضع الاتهام، ليس فقط أمام المواطن العربى، وإنما أمام المجتمع الدولى، الذى يدرك جيدًا الآن الخطر، الذى تمثله قطر تحت قيادة تنظيم الحمدين، ويكفى أن نشير هنا إلى المطالبات فى دول أوروبية للتحقيق فى تورط الدوحة فى دعم منظمات إرهابية ثبت تورطها فى تنفيذ مخططات تخريبية فى هذه الدول.
أما اقتصاديًا فقد سمعت من كثيرين عادوا من قطر الأيام والأسابيع الماضية معاناة الاقتصاد القطرى خاصة فى قطاع الغذاء، فالأسعار تضاعفت لثلاثة أضعاف، ومرشحة ربما لخمسة أضعاف الفترة المقبلة، خاصة أن الدوحة الآن تعتمد على استيراد المواد الغذائية من إيران أو أوروبا، بعدما كانت تستوردها من السعودية، وأصبحت التكلفة مرتفعة، كما أن مواد البناء هى الأخرى ارتفعت أسعارها، مما أثر على حركة البناء، ودفع العديد من الشركات إلى الاستغناء على أكثر من نصف العمالة، بما يهدد فرص استضافة الدوحة لكأس العالم 2022، لأن قطر لن تستطيع تلبية الاحتياجات، التى وعدت بالالتزام بها، سواء ببناء ملاعب تتوافر بها المواصفات الدولية، أو البنية التحتية والمرافق القادرة على استقبال أكثر من 5 ملايين مواطن فى شهر واحد.
أمام هذه الأوضاع المضطربة سياسًا واقتصاديا، ليس أمام قطر إلا أحد حلين، إما أن تغير سياستها وتعلن على الملأ التزامها بالبنود المعلنة من الرباعى العربى، وتتخلى رسميًا عن دعم التنظيمات والمليشيات الإرهابية، وطرد كل الإرهابيين المقيمين على أراضيها، وتسليم المطلوب منهم إلى بلدانهم، أو أن يحدث تغيير من الداخل، وهذا الخيار الذى أعتقد أنه القابل للحدوث خلال الفترة المقبلة، خاصة أن العناد تحكم فى عقل تميم وتنظيم الحمدين، وأصبح من الصعب الحديث عن وجود مجرد نية لديهم للتجاوب مع المطالب العادلة للرباعى العربى.
التغيير هو الخيار الآمن الآن للشعب القطرى، ليخرج من المحنة، التى يعيشها فى الوقت الحالى، والمرشحة للزيادة مستقبلًا إذا استمر نظام الإرهاب على عناده، ورفض التجاوب مع كل النداءات والمطالب العربىة والدولية، التى تدعوه إلى أن ينفض يده عن الإرهاب، واذا تحدثنا عن التغيير فإن البديل الآمن والأوفر حظًا حاليًا هو الشيخ عبدالله بن على آل ثان، الذى أظهر قدراته لكل القطريين بأنه القادر على قيادة الإمارة الخليجية مستقبلًا، وأيضًا أن يعيدها مرة أخرى إلى العرب، بعدما اختطفها تميم ونظام الحمدين من الحضن العربى، وحولها إلى أمارة للإرهاب، ومرتع للأتراك والإيرانيين يستخدمونها لتدبير المخططات الهدامة، التى تستهدف دول المنطقة.
الشيخ عبدالله هو الرجل المناسب فى الوقت المناسب أيضًا، وشهدنا مؤخرًا كيف تدخل فى مسألة الحجاج القطريين، عبر وساطته لدى العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهى الوساطة، التى أزعجت تميم ومرتزقته، فكان انتقامهم بأن أجبروا الحجاج القطريين على عدم الذهاب إلى مكة لأداء شعائر الحج، ليسجلوا بذلك سابقة تاريخية تضاف إلى تاريخ تميم وتنظيم الحمدين الملىء بالعار.
الشيخ عبدالله هو القادر الآن على جمع شتات القطريين، المتفرقين حاليًا بين موالاة ومعارضين لتنظيم الحمدين، كما أنه القادر على لملمة الأوراق القطرية المبعثرة، وأن يعيد الوفاق مرة أخرى بين الدوحة وأشقائها فى دول الخليج، كما أنه باستطاعته حماية القطريين من العسكريين الإيرانيين والأتراك، الذين استوطنوا فى الدوحة بأوامر من الحمدين لحماية تميم.
أعتقد أن الرؤية الآن باتت أكثر وضوحًا أمام الأشقاء فى قطر، والخيار الأنسب بالنسبة لهم هو الإطاحة بالنظام الإرهابى، الذى سبب لهم العديد من المشاكل والأزمات، وتحولت قطر على يديه إلى دولة منبوذة فى الداخل والخارج، وأصبح القطرى غير مرحب به فى العديد من دول العالم، وبالطبع فى الدول العربية، التى تألمت ولا تزال تتألم من الدعم المالى والإعلامى، الذى توفره الدوحة للإرهاب والإرهابيين.. الخيار الواضح الآن أمام القطريين هو إزاحة نظام الإرهاب، والإتيان بنظام يكون قادرًا على انتشال قطر من مستنقع الإرهاب، وكلى يقين بأن القطريين سيقررون مصيرهم بأيديهم خلال فترة قريبة، وربما تكون القمة الخليجية بالكويت فى ديسمبر المقبل أول مناسبة علنية يظهر فيها النظام الجديد، الذى اختاره القطريون، وهو نظام يترأسه الشيخ عبدالله بن على آل ثان.