أظهرت دراسة أمريكية حديثة، أن ممارسة رياضة التأمل "اليوجا"، بشكل منتظم، تعمل على تحسين الصحة العقلية والجسدية، وتحد من الإجهاد البدنى والالتهابات.
الدراسة أجراها باحثون بجامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية، ونشروا نتائجها، في دوريةFrontiers in Human Neuroscience العلمية.
وراقب الباحثون عينة من الأشخاص يمارسون رياضة "اليوجا" والتأمل بشكل منتظم، لمدة 3 أشهر، ووجدوا أن هذه الرياضة أثرت بشكل إيجابى على عوامل التغذية العصبية فى الدماغ، كما كان لها أثر إيجابى فى تحسين الرفاهية الشخصية.
وأظهرت البيانات أن المشاركين فى الدراسة انخفضت لديهم مستويات القلق والاكتئاب، وانخفضت لديهم مستويات ما يسمى بـ"السيتوكينات"، المنشطة للالتهابات، كما لاحظ الباحثون تحسناً فى مناطق الجهاز العصبى، المسؤولة عن التعلم والذاكرة وتنظيم العمليات المعقدة، مثل الالتهاب، وتنظيم المزاج، والاستجابة للتوتر والتمثيل الغذائى.
وكانت دراسات سابقة قد أثبتت أن ممارسة التأمل لمدة 25 دقيقة يوميًا، على مدار 3 أيام متتالية، تقلل مستويات هرمون "الكورتيزول" المعروف باسم هرمون الإجهاد، وتزيل التوتر والضغط النفسى، كما أنها تقلل من شيخوخة الدماغ، التى تصيب البشر مع التقدم فى العمر، ما يؤثر على وظائف الجهاز العصبى المسؤول عن معالجة المعلومات.
ويتحقق التأمل عندما يقوم الشخص بخلق صورة فى العقل لشىء معين، ثم التركيز عليه بشكل كلى، يمكّنه من عدم رؤية أى شىء من حوله، سوى هذه الصورة التي رسمها فى عقله.
كما أن التنفس مهم وضروري في عملية التأمل، ويتم بعمق وهدوء، وبمجرد أن تبدأ في التأمل تجد أن عملية التنفس تتم بانتظام.
ويستحسن أن يكون التأمل فى مكان هادئ، وأن تكون الإضاءة طبيعية ومعتدلة، وأن يملأ الهواء النقي جنبات الحجرة، وأن تكون درجة حرارة الغرفة معتدلة.
ويجلس المتأمل في وضع مريح "وضع القرفصاء"، على أن يكون العمود الفقري في وضع مستقيم ومريح، والرأس متعامد على الكتفين.
وكلما كان العمود الفقري في وضع مستقيم، كلما تمت عملية التنفس بسهولة أكثر، وانتظمت الدورة الدموية، ومن الممكن إمالة الرأس قليلاً إلى الأمام لمزيد من الاسترخاء، مع ارتكاز اليدين على الركبتين.. وقد خلصت الأبحاث الأخيرة إلى أن التدخلات في الجسم والعقل مثل "اليوجا" والتأمل وتنظيم التنفس كفيلة بتغيير وتأخير الالتهابات الجينية الناجمة عن الإجهاد.
واستعرض العلماء 18 دراسة تناولت التأمل واليوجا وممارسات الذهن، والتي شملت 836 مشاركاً على مدى 11 عاماً.. وعند معالجة البيانات، توصلوا إلى أن التغيرات الجزيئية تحدث عندما تمارس التدخلات المتعلقة بالعقل والجسم معا، وهذه التغيرات لها تأثير قوي على الإجهاد المزمن وصحتنا الجسدية والعقلية.
وفي حالة الشعور بالإجهاد، ينتج الجهاز العصبي جزيئا يسمى (NF-kB) الذي ينظم طريقة تعبير الجينات.. وفي أوقات التوتر، يزيد هذا الجزيء من إنتاج البروتينات الالتهابية المعروفة باسم الـ"سيتوكينات cytokines" لإعطاء دفعة سريعة لجهاز المناعة.
وهذه العملية قد تكون مفيدة في مواقف معينة (خاصة المواقف الصعبة)، إلا أنها قد تؤدي للخلل عند تكرارها باستمرار.