أسوأ ما يصيب القضايا الكبرى مثل القضية الفلسطينية هو ألا يكون الجميع على قلب رجل واحد فى مواجهتها، وأن تصبح فيها وجهات نظر مختلفة، أو ألا نتنبه للتفاصيل مع علمنا بأن الشيطان يسكن فى التفاصيل.
أثارت الزميلة بسنت جميل على صفحات جريدة «اليوم السابع» موضوعا مهما جدا وخطيرا، وهو أن البعض يتبنى خريطة العالم التى تضع علم إسرائيل بدلا من فلسطين وينقلها إلى أبنائنا فى المدارس والجامعات والمراكز البحثية، وها هو كتاب خارجى يسمى الامتحان يقدم هذه الخريطة إلى تلاميذ الصف الثانى الإعدادى فى مادة الدراسات الاجتماعية.
جاء موضوع بسنت جميل تحت عنوان «كتاب لـ2 إعدادى يضع علم إسرائيل بدلا من فلسطين على خريطة العالم» ليثير هذه القضية الكبرى التى وقعت من قبل بأشكال مختلفة كلها تعمل إضعاف القضية الفلسطينية لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلى.
وبعيدا عن الجهل والاستسهال الذى يجب أن يعاقب عليه مؤلفو الكتاب، فإن هناك عددا من الأسئلة تطرح نفسها منها: كيف مر هذا الكتاب دون مراجعة من وزارة التربية والتعليم؟ وكيف وصل إلى المكتبات وصار الناس يشترونها استعدادا للعام الدراسى الجديد؟ وكيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من الاستيعاب والتغافل والمكر ودس السم فى وعى الأجيال المقبلة التى سيكون دورها الدفاع عن هذه القضايا؟ وهل صرنا نتعامل بعدم اكتراث حقيقى للتاريخ والجغرافيا التى يعاد تشكيلها من جديد أمام أعيننا؟ وهل صرنا بوعى أو بدون وعى نشارك فى ذلك ونعلمه لأبنائنا وبناتنا؟ الذى أعرفه أن وزارة التربية والتعليم تراجع هذه المواد الدراسية حتى لو كانت كتبا خارجية، وأن من حقها أن تلزم الجميع بالمناهج الدراسية، وأن تتنبه لكل شىء فى الكتاب.. فما الذى حدث هنا؟ هذه الأسئلة أتوجه بها إلى وزير التربية والتعليم وأنتظر منه إجابات وافية عنها.
لا أعرف كيف أن مؤلفى هذا الكتاب والمراجعين له وصلوا لدرجة من عدم الإدراك أو الاهتمام الذى تناسوا فيه تاريخا من الدم سال من أجل أن تظل فلسطين باقية فوق هذه الأرض.
الموضوع خطير جدا فإن كانت دول غربية وأجنبية قد ارتضت هذه الخارطة الكاذبة فإننا نحن المصريون والعرب لا يجوز لنا ذلك، وعلى أبنائنا وبناتنا فى المدارس أن يعرفوا ويدرسوا تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، ويعرفوا أن هؤلاء المحتلين سوف يخرجون من هذه الأرض التى دخلوها غصبا.
وحتى يأتى هذا اليوم نطالب بسرعة سحب هذا الكتاب من المكتبات كما نطالب بالتحقيق مع مؤلفى الكتاب ومراجعيه، كما تحب زيادة المساحة المتاحة للقضية الفلسطينية فى المناهج الدراسية، والتذكير الدائم بأن إسرائيل هى العدو الأول والأشرس للعرب، وأن تكون هناك خارطة الوطن العربى ملحقة بكل مناهج الدراسات الاجتماعية فى السنوات الدراسية المختلفة.