أكد تقرير صادر عن المركز الاستشارى الاستراتيجى للدراسات الاقتصادية والمستقبلية فى أبو ظبى، اليوم الجمعة، أن انعقاد مؤتمر المعارضة القطرية الذى انطلق أمس الخميس فى العاصمة البريطانية لندن، بمشاركة معارضين قطريين وساسة وأكاديميين عالميين، يبعث برسائل حاسمة تعزز من عزلة نظام الحمدين فى الدوحة على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، خاصة أن انعقاده يأتى فى وقت بالغ الدقة بدأت تتكشف فيه خبايا الدور القطرى الداعم للتطرف والتمويل الإرهابيين فى المنطقة والعالم، وتتعزز أدلة إدانته أكثر فأكثر، فى وقت أثبت فيه نظام الحمدين عدم رغبته فى حل الأزمة، ومواصلة سياسة المناورة والمراوغة، التى دأب عليها منذ زمن بعيد.
وأشار المركز الاستشارى الاستراتيجى، خلال قراءة أعدها عن المؤتمر وأرسل نسخة منها لـ"اليوم السابع"، إلى أن أول هذه الرسائل التى بعث بها مؤتمر المعارضة القطرية تحت عنوان (قطر فى منظور الأمن والاستقرار الدولى) تتعلق بالدلالة المهمة فى المطالبة بتغيير النظام الحاكم الذى يترأسه تميم بن حمد وتسمية الشيخ عبد الله بن على بن عبد الله آل ثانى، حاكما بديلا عنه، ولاسيما وأن هذه المطالبة تحظى بدعم إقليمى ودولى متنام، ويمثل صوتاً معتدلاً ومقبولاً يمكن أن يعيد تصحيح مسار السياسات القطرية التى انطوت على تهديد بالغ للأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمى والدولى.
وأعاد "المركز الاستشارى الاستراتيجى" إلى الأذهان أن العديد من عناصر المعارضة القطرية المقيمة فى بريطانيا بوجه خاص، أغلبهم من أسرة آل ثانى، أولاد عمومة تميم أمير قطر، والتى كانت تحكم قطر قبل الانقلاب الذى قام به الأمير حمد عام 1995 ليصبح سادس أمراء قطر، وهذا فى حد ذاته يعزز من احتمال، تشجيع الأصوات المعارضة داخل الأسرة الحاكمة على التصيعد ضد نظام الحمدين، بل وهناك ترجيحات أن تتعاون مع عناصر المعارضة القطرية فى الخارج للترتيب لما يمكن تسميته بـ"الانقلاب الأبيض" على حكم تميم، للحفاظ على دولة قطر وعلاقاتها الخليجية والعربية، والتى يصر نظام الحمدين على الابتعاد بها، وعن عمقها الخليجى والعربى، واختيار الارتماء بأحضان قوى خارجية لها (إيران وتركيا) بوجه خاص، والمعروفة أطماعها عبر التاريخ فى المنطقة العربية.
أما ثانى هذه الرسائل، فهى موجهة إلى الداخل القطرى، فهذا المؤتمر وما تمخض عنه من نتائج، إلى حد الآن، تعبر عن مطالب الشريحة الأوسع من الشعب القطرى، ويمثل عامل ضغط قوى على نظام الحمدين، ويكشف عن سياساته الهشة فى الداخل، والتى جعلت كثيراً من المواطنين ينصرفون عنه، بعد الإجراءات التمييزية الأخيرة التى اتخذها بحق عدد من القبائل والعشائر النافذة فى البلاد، سواء بحرمانهم من الجنسية أو اعتقال العديد منهم، وهذا من شأنه أن يبعث برسالة تحذير شديدة اللهجة لنظام الحمدين مفادها بأن ثمة معارضة متنامية لسياساته تهدد بقاءه فى الحكم، إن أصر على اتباع نفس السياسات والمواقف، خاصة فى ظل استمرار سياساته المتخبطة ودعمها للجماعات المتهمة بالإرهاب مثل جماعة الإخوان المسلمين، وحمايته للعشرات من الهاربين، المتهمين بتمويل جماعات إرهابية من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.
وأضاف المركز الاستشارى الاستراتيجى للدراسات الاقتصادية والمستقبلية أن الرسالة الثالثة التى بعث بها مؤتمر المعارض فتتمثل بمشروعية قائمة المطالب الثلاثة عشر التى قدمتها كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين إلى الدوحة، وتتعلق بالتوقف تماماً عن تمويل الإرهاب، والتوقف عن التحريض على الكراهية، واحتضان قيادات جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والتوقف عن التدخل السلبى فى الشئون الداخلية للعديد من الدول العربية، فضلا عن استخدام شبكة قنوات الجزيرة فى بث الفوضى وعدم الاستقرار فى هذه الدول.
ولعل الرسالة التى بعث بها عضو الكونجرس الأمريكى ونائب رئيس الفريق المعنى بالتحقيق فى تمويل الإرهاب روبرت بتنجر- وتزامنت مع انعقاد مؤتمر المعارضة القطرية فى لندن- إلى وزير الخزانة الأمريكى ستيف منوشين، وحثه فيها على استكشاف العقوبات المفروضة على ممولى الإرهاب المقيمين فى قطر، ومراجعة قائمة الكيانات التى أدرجتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين على قائمة العقوبات، لتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة يمكن أن تصنف على نحو مماثل أى من الأشخاص والكيانات الأخرى كممولين للإرهاب، والذين لم تكن الحكومة الأمريكية أدرجتهم بالفعل على قائمة العقوبات تمثل دليلاً على ذلك، وتشير إلى أن التورط القطرى فى دعم وتمويل الإرهاب أصبح يمثل مصدر قلق لدول العالم أجمع، فضلاً عن أنه يمثل تحدياً لإرادة المجتمع الدولى، ووقوفه صفاً واحداً فى مواجهة قوى التطرف والإرهاب.
وأوضح المركز الاستشارى الاستراتيجى أن الرسالة الرابعة للمؤتمر، تتمثل بتزايد العزلة الإقليمية والدولية لقطر، وهو من شأنه أن يدفع العديد من دول العالم إلى ممارسة ضغوط حقيقية على قطر لتغيير نهجها الذى ينطوى على تهديد واضح للأمن والسلم الإقليمى والدولى، وإلا تعرضت لعقوبات رادعة. وهذا فى حد ذاته يمثل ضربة قاصمة لنظام الحمدين الذى كان يراهن على الحصول على تعاطف العديد من القوى الدولية، وكسب المعركة الدبلوماسية فى مواجهة دول المقاطعة، لكن مؤتمر المعارضة القطرية، وما تمخض عنه من نتائج وما كشف عنه من معطيات جديدة، سيفاقم من مأزق الدوحة فى مواجهة الشعب القطرى وجهاً لوجه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة