الحرب فى ظل استراتيجية الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما ليست خاضعة فقط لحسابات القانون الدولى والقيود والمعايير التى تقيد استخدام القوة العسكرية، وإنما أيضا خاضعة للحسابات السياسية والاستراتيجية - هذا ما توصلت إليه الباحثة مروة محمد عبدالحميد عبدالمجيد فى دراستها التى حملت عنوان «التغيير والاستمرار فى استراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر» فى دراستها- ولكن هذا لا يعنى تقليل الرئيس أوباما من أهمية القوة العسكرية فليس هناك رئيس أمريكى ينتظر وقوع الأزمة ليتصفح ما جاء باستراتيجية الأمن القومى ليرى إذا ما كان يقوم به يتوافق مع الاستراتيجية أم لا، لأن الأزمات تحتوى على مخاطر وتهديدات قد لا تكون واردة فى نص الاستراتيجية، ولكن الاستراتيجية تمثل المرشد والموجه العام لنمط التفكير فقد جعلت استراتيجية أوباما اللجوء إلى القوة والحرب فى أضيق الحدود ووفقا لشرطين:
> الموازنة بدقة بين تكاليف ومخاطر العمل فى مقابل التكاليف والمخاطر الناجمة عن التقاعس عن العمل فإذا فاقت تكاليف ومخاطر العمل تكاليف التقاعس عن العمل فإنه لا يتخذ قرارا بالحرب حتى لو كانت ضرورية.
> ضرورة العمل من خلال الشرعية الدولية والناتو ومجلس الأمن وضمان أكبر قدر من التأييد والعمل الجماعى مع الحلفاء والشركاء.
المبحث الرابع: استراتيجية الرئيس وأوباما فى الحرب على العراق وأفغانستان.
أولا: إدارة الرئيس باراك أوباما لحرب الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق
لقد مثلت الحرب على العراق تحديا مهما لإدارة أوباما لذلك فإن الوثيقة الأولى التى أصدرتها إدارة أوباما تعهدت بالعديد من الالتزامات- أولها العمل على إنهاء الحرب فى العراق وبناء عراق مستقل ذى سيادة وتشكيل حكومة عراقية تمثيلية جديدة لا تدعم الإرهابين، حيث أشار أوباما فى خطابه أن الحرب فى أفغانستان هى نموذج أوباما للحرب العادلة، حيث إنها فرضت على الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر على عكس حرب العراق الذى عارضها منذ البداية، ثانيا العمل على تقوية المؤسسات الدولية وبناء تحالفات والسعى نحو العمل الدولى ودعوة العالم إلى تحمل المسؤولية تجاه العديد من القضايا التى لا تقتصر فقط على الأمن.
لقد قامت إستراتيجية الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى العراق على بعدين أساسيين الأول: إنهاء الحرب فى العراق والثانى التزام الولايات المتحدة بالمعاهدة الأمنية والاستراتيجية الموقعة بين الرئيس بوش الابن ورئيس الوزراء العراقى فى عام 2008 حيث إنها معاهدة طويلة الأمد تضم معاهدتين الأولى تتمثل فى سحب القوات الأمريكية من العراق وفقا لجدول زمنى يبدأ من يونيو 2009 على أن ينتهى سحب آخر جندى أمريكى مع نهاية عام 2011 والثانية تتمثل فى التعاون بين البلدين فى كل المجالات وخصوصا فى مجال تكنولوجيا المعلومات لذلك فقد طرح الرئيس أوباما خطة مكونة من ثلاثة أجزاء تشمل:
> تخفيض القوات الأمريكية فى عام 2010 وسحبها بالكامل فى 2011، > تمكين الولايات المتحدة من تركيز اهتمامها على أولويات قومية على النطاق الأشمل، > التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة من خلال 1 - سحب الألوية الأمريكية المقاتلة من العراق بأسلوب مسؤول. 2 - وديمومة العمل الدبلوماسى، حيث يتحمل العراق مسؤولية تقرير مصيره مع دعم الولايات المتحدة الانتخابات العراقية فى عام 2010 وتساعد فى تحسين الحكم المحلى والقيام بدور الوسيط الأمين بين الزعماء العراقيين من أجل حل المشاكل السياسية الصعبة وزيادة الدعم لتوطين اللاجئين العراقيين. 3 - المشاركة الشاملة فى المنطقة حيث لا ينفصل مصير العراق عن مصير الشرق الأوسط وأن تصبح العراق شريكا كاملا فى المنطقة.
وقد أعلن الرئيس السابق أوباما فى 2009 أن الوحدات الأمريكية المقاتلة ستنسحب بالكامل نهاية 2011 مع إبقاء عدد من القوات الأمريكية يترواح ما بين 35 إلى 50 ألف جندى فى العراق لدعم الحكومة العراقية وقوات الأمن، حيث شدد أوباما على أن الوضع فى العراق لم يعد عسكريا بل أصبح سياسيا وأن الطريق مفتوح لتبنى حلول سياسية وقد تم تعيين سفير للولايات المتحدة فى العراق عندما تحسنت الظروف الأمنية وتراجع نفوذ تنظيم القاعدة فى العراق.
ثانيا: إدارة الرئيس باراك أوباما لحرب الولايات المتحدة الأمريكية مع أفغانستان
بعد ثلاثة عشر عاماً من الحرب التى أدعتها الولايات المتحدة فى أفغانستان بأنها ضد تنظيم القاعدة، وضد الإرهاب أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما انتهاء العمليات العسكرية فى أفغانستان وتقليل عدد القوات العسكرية الموجودة فى كل من العراق وأفغانستان فقد كان عددهم عندما تولى السلطة فى 2009 180 ألف جندى أمريكى وتم تخفيضهم إلى حوالى 15 ألفا وإعادة نحو %90 من القوات الأمريكية إلى الولايات المتحدة مع إبقاء نحو 13 ألف جندى من القوات الأمريكية والدولية التابعة لحلف شمال الأطلنطى «الناتو» وغدا إن شاء الله نواصل طرح الخطط الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط.. والعالم العربى.