للشاعر أشرف يوسف ديوان جميل بعنوان «مقهى صغير لأرامل ماركس» صادر عن دار العين، هذا الديوان كان من حظه أن وقع فى يد شخص ما فأعجبته القصائد، فما كان منه إلا أن نسخ من الديوان نحو 20 قصيدة كما هى فقط يغير فى بعض الكلمات، ثم نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى، وادعى أنها قصائده وراح يستقبل استحسان الناس باللايكات والتعليقات.
كانت من أكبر القضايا الأدبية التى تثار على مر العصور هى السرقات الشعرية، حيث كان النقاد والباحثون ومحبو الشعر مشغولين طوال الوقت بتتبع الشعراء، الذين تأثروا بغيرهم بشكل كلى، فأخذوا بيتا شعريا أو صورة من غيرهم من الشعراء الذين سبقوهم، أو تأثروا بهم بشكل جزئى فأخذوا منهم فكرة ما كتبوا عنها.
هؤلاء النقاد كانوا دائما ما يدينون الآخذ حتى لو أضاف وأحسن، وكان الناس يعرفون أن هذا البيت الشعرى ليس له، ويشيرون إلى ذلك طوال الوقت، ظل ذلك يحدث منذ قديم الأزل وأظن، وليس لدى دليل، أن السرقات الشعرية كانت موجودة فى كل الحضارات التى مارست فن كتابة الشعر، لكن كانت له قواعد وأسس إن خرج عنها ضاع فى تاريخ الكتابة، ولم يعد له ذكر بعد ذلك سوى أنه «سارق الشعر».
هذا الأمر أصبح فى عصرنا الحالى، شيئا فجا، مثل أشياء كثيرة فقدت حياءها، ففى زمن الفيس بوك وتويتر، وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعى، يستطيع أحد المنتشرين على هذه المواقع، الذى لا علاقة له بالشعر ولا بالكتابة أن يضع على صفحته قصيدة شهيرة لشاعر كبير يعرف الناس كلامه وقصائده، ولا يخجل أن يقول إنها كلماته وأشعاره، ثم تنهال عليه اللايكات والتعليقات من أصحابه والمجاملين، الذين وجدوا الناس «تعمل لايك» فعملوا.
لنا أن نتخيل أن ذلك يحدث فى قصائد محمود درويش والأبنودى وفؤاد حداد وحتى شباب الشعراء، والبعض يملك لؤما كبيرا، فهو ينشر كلمات الشعراء الكبار ثم لا يشير إلى أصحابها، فيدخل أحد الذين لم يقرأ هذه الكلمات من قبل ويقول له: «جميل يا شاعر» ثم تنهال بعدها التعليقات مستحسنة الشعر والكلمات الجميلة، وهو لا يعلق ويكتفى بالمشاهدة فقط.
أعرف أن مواجهة هذا الأمر بالمنع وغير ذلك صارت صعبة، ولا سبيل إلى محاصرتهم وجعلهم يتوقفون عن ذلك الفعل المخزى بالشكل الفعلى إلا الفضح والإشارة إليهم والصراخ على صفحاتهم بأنهم لصوص شعر وسارقو قصائد.