من نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والغرب من جهة، والاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية من جهة أخرى، كانت هناك طوال الوقت حروب صغيرة لم تتوقف أبدًا عن الظهور والاختفاء، لكنها تعود فى حرب الدعاية الأخيرة بين كوريا الشمالية وأمريكا.. فى أعقاب تكرار التجارب الصاروخية والنووية لكوريا الشمالية.. وهى تجارب لم تتوقف أبدا طوال حكم أوباما، وتصاعدت فى أعقاب تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
ترامب بدأ حملته الانتخابية بإشارات إلى عدم رضاه عن ترك دول مثل إيران وكوريا الشمالية تتوسعان فى تجاربهما النووية، وأشار مرات إلى أنه ينوى تغيير الاتفاق النووى مع إيران، وهو ما أعاد أجواء التهديد وبدأ يخلق توترا جديدا لأجواء حرب وخوف.
دونالد ترامب دعا إلى تشديد الحصار على كوريا الشمالية، وهو حصار لم يتوقف طوال أكثر من ثلاثة عقود، ولم يمنع بيونج يانج من تطوير قوتها النووية والصاروخية، بشكل يتجاوز الكثير من التحليلات وينسف محاولات التشكيك فى امتلاك بيونج يانج لقدراتها المعلنة.
فقد ركزت التقارير الإعلامية الغربية طوال السنوات الخمس الأخيرة، على تقديم جون جونج أون رئيس كوريا على أنه مجرد مغامر يبالغ فيما يملكه من أسلحة، بينما تعيش بلاده تحت وطأة الضعف والخوف، وظهرت صور للصواريخ، التى ظهرت فى عروض عسكرية تقول إنها هى مجرد هياكل بلا وقود ولا محركات، ومجرد دعاية لجونج أون.. لكن جاءت تجربة القنبلة الهيدروجينية والصواريخ لتنسف التشكيك.
أجرت بيونج يانج تفجيرا لقنبلة هيدروجينية، ثم اتبعتها بتجربتها الصاروخية الأخيرة فوق اليابان.. ويرى الخبراء أن الصاروخ يمكنه الوصول إلى جزيرة جوام التابعة للولايات المتحدة.
قال كيم جونغ أون: «يتعين علينا أن نظهر للقوى الكبرى العنصرية كيف تنجز بلادنا استكمال قوتها النووية على الرغم من حصارهم وعقوباتهم غير المحدودة».. وقال أيضا إن أهداف بلاده «تحقيق توازن قوى حقيقى مع الولايات المتحدة، وإجبار حكام أمريكا على ألا يتحدثوا عن وجود خيار عسكرى ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
كان أون يرد على تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، التى قال فيها: إن كوريا الشمالية «أظهرت مرة أخرى استخفافها الصارخ بجيرانها والمجتمع الدولى، وإنه يشعر بالثقة أكثر من أى وقت مضى بضرورة استعداد الولايات المتحدة للخيار العسكرى، إذا دعت الحاجة إلى ذلك. لكن روسيا عن طريق سفيرها لدى الأمم المتحدة، دعت إلى وقف التهديدات ودعت للمفاوضات فيما قالت الصين على لسان سفيرها فى واشنطن: «على الولايات المتحدة أن تمتنع عن إطلاق مزيد من التهديدات». وتقترح موسكو وبكين خارطة طريق تنص على تجميد المناورات العسكرية السنوية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وهى مناورات طالما أثارت غضب كوريا الشمالية.
كل هذه التحركات تشير بشكل واضح إلى أن ما يجرى يبدو فى فصل منه جزء من حرب باردة، حيث تتهم الولايات المتحدة موسكو وبكين بعدم بذل ما يكفى من جهود لمواجهة كوريا الشمالية، فيما تشير الصين إلى استفزازات أمريكية، وهو ما يبدو أحيانًا أقرب لموقف بيونج يانج، وكونها رد فعل على تحركات أمريكية.. وأن كوريا الشمالية تستعيد درس الحرب الباردة، بما كان يسمى «توازن الرعب».