لا ينسى المصريون وقوف موسكو بجانب جمال عبدالناصر، حين أمم قناة السويس ليبنى السد العالى، وعندما حاولت إنجلترا وأمريكا والبنك الدولى، أن ينصبوا له «سيرك» التمويل، للضغط على مصر والمساس بسيادتها واستقلالها وفرض وصايتهم، تدخل الروس لتمويل بناء السد وأنقذوا مصر من مصيدة صندوق النقد الدولى، ودافع السوفيت عن مصر بضراوة فى معركة العدوان الثلاثى التى انتهت بانسحاب الدول المعتدية.. وأخذ ترمومتر العلاقات بين القاهرة وموسكو فى الصعود والهبوط، حتى وصل أدناه فى فترة الرئيس السادات، الذى آمن بأن %99 من أوراق السلام فى يد أمريكا، فقرر أن يسلمها الأوراق كلها، وأصبحت أمريكا راعى السلام بين مصر وإسرائيل، وتأرجحت العلاقات فى المنتصف إبان حكم مبارك، الذى فضل علاقات مستقرة مع واشنطن وباردة مع موسكو، والآن تفتح مصر ذراعيها لكل دول العالم، وفى صدارتها الصديق القديم الذى ساعدنا فى وقت الضيق.
وبعد أيام توقع مصر عقد إنشاء المحطة النووية فى الضبعة، فى تطور إيجابى للعلاقات، لم يأت ذلك من فراغ، وإنما من مخزون الاحتياطى الاستراتيجى للصداقة المتينة بين الدولتين، ووقوف الاتحاد السوفيتى بجانب مصر فى أحلك الأزمات، منذ صفقة الأسلحة التشيكية سنة 1955، حتى الزيارة المرتقبة التى سيقوم بها الرئيس بوتين لمصر، لحضور احتفال توقيع إنشاء محطة الضبعة، التى تفتح مجالات واعدة فى التعاون المشترك بين الدولتين، فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية، علاوة على تنسيق المواقف وتبادل الرؤى فى القضايا المصيرية فى المنطقة، وأهمها مكافحة الإرهاب، وإعادة إحياء ملف القضية الفلسطينية على أساس الدولتين، وتشجيع الحل السياسى فى سوريا، وإقرار حق الشعب الليبى فى الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه.. وتتوافق السياسات المصرية الروسية إلى حد كبير حول هذه القضايا.
زيارة الرئيس السيسى التاريخية لموسكو فى إبريل 2015، كانت بداية التعاون المثمر، بعد إبرام اتفاق بتوريد صفقة أسلحة روسية لمصر، قيمتها 3.5 مليار دولار، تشمل طائرات الفانتوم 29 ونظاما صاروخيا للدفاع الجوى، مؤكدة أن مصر لا تخضع للضغوط ولا يُلوى ذراعها، وتستطيع فى أصعب الظروف أن تنوع مصادر التسليح، وتحفظ أمنها واستقلال قرارها الوطنى، ولما أدركت واشنطن أنها على وشك أن تفقد صديقا محوريا فى المنطقة، سارعت بتسليم صفقات الأباتشى المعطلة، ثم تأرجحت العلاقات بعد ذلك بين حجب أجزاء من المعونة، وتصريحات تليها لتحسين آثارها السلبية.. مصر تفتح ذراعيها للجميع، وتتمنى أن تكون علاقتها مع واشنطن وموسكو فى أحسن الأحوال.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى
روسيا تقدم بلا انتظار للمقابل
كما قال صاحب المقال .. ويرجعلها الفضل الأول في استقرار الأمور في سوريا نسبيا وهزيمة التنظيم الارهابي داعش لأنها أمة لها أصل وتاريخ عريق ولاتقوم باستعمار الدول ونهبها بل على الصداقة المشتركة لمافيها مصلحة كل الأطراف.