خريطة مصر تتغير وأرضها التى ضاقت بسكانها تتسع، والطرق الجديدة تفتح أبواب الخير، وتبشر بنهضة عمرانية كبيرة، فهى ليست مجرد طرق مرصوفة تسير عليها السيارات، وتقف فى إشارات المرور، ولكنها نواة لمدن وأحياء جديدة تستوعب الزيادة السكانية، وتنقذ الناس من الحياة فى أماكن لا تليق بحياة البشر، وتخلق فرصًا هائلة للأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، فليس معقولا ولا مقبولا أن يصل سعر متر أراضى البناء، فى بعض المدن القديمة إلى مائة ومائة وخمسين ألف جنيه، فى بلد مساحته أكثر من مليون كيلو متر مربع، ويحشر نفسه فى مساحة ضيقة لا تصل إلى العُشر.. وانعكس الزحام القاتل على سلوكيات الناس وأخلاقهم وعاداتهم اليومية.
الطرق هى شريان الحياة والبناء والنمو، والصحراء هى الأمل والمستقبل بمساحتها الشاسعة، وأجوائها النقية البعيدة عن التلوث، وأمامنا نماذج طريق الإسكندرية الصحراوى، الذى تحول إلى جنة خضراء، تمد مصر بكميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات، علاوة على التصدير، وطريق الإسماعيلية الصحراوى، الذى يلتحم بالقاهرة تدريجيًا، ولا يوجد فيه شبر غير مستغل، والخطأ الوحيد الذى تتجنبه الدولة الآن فى الطرق الجديدة، هو حمايتها من حيتان الأراضى وأصحاب السلطة والنفوذ، الذين وضعوا أيديهم على الأراضى بالسطو والنفوذ، لتصبح أرض مصر لكل المصريين، وليس فئة واحدة تنهب خيراتها وتمتص ثرواتها.
المترو- مثلًا - كان كلمة السر فى إنشاء مصر الجديدة، وتجسدت عبقرية مؤسسها البارون البلجيكى امبان، فى تغيير معادلة إنشاء المدن، فشق الطريق قبل بناء المدينة، وبدأ بوسيلة مواصلات لاختراق صحراء هليوبوليس، على مساحة 25 كيلو مترا مربعا، واستخدم المترو، الذى أطلق الأهالى عليه اسم «العفريت»، فى نقل مواد البناء من وسط البلد، إلى المنطقة الصحراوية النائية، وكان يشجع الناس لركوب المترو بمنحهم تذكرة مجانية لدخول الملاهى، وأصبحت الصحراء بعد سنوات قليلة، لؤلؤة بين كل أحياء القاهرة.. وعندما أنشأت الدولة مدنًا أخرى مثل أكتوبر والتجمع الخامس والعبور والشروق وغيرها، تحولت هذه المدن فى سنوات قليلة إلى مجتمعات سكانية رائعة.. قدمت نماذج جديدة للحياة والسكن، غير الأساليب فى المدن القديمة.
شبكات الطرق العملاقة، التى انشقت عنها الأرض، وعلى جانب كل طريق مساحات شاسعة من الأراضى، كلها تتهيأ لتصبح مجتمعات جديدة، سوف تغير شمل خريطة مصر، التى حشرنا أنفسنا فى %7 من مساحتها، وتركنا بقية أراضيها الشاسعة، تعبث فيها الرياح والرمال والإهمال، فاختنقت المدن والقرى بمن فيها، ودخلت البلاد عصر الزحام، بكل مساوئه الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
عدد الردود 0
بواسطة:
صفوت الكاشف
مع ذلك مازال هناك أخطاء كبيرة أيضا ... رأيت منها الكثير
لدينا أخطاء ماثلة هنا فى مصر /// يقومون الآن بإنشاء طرق دائرية وسريعة اختراقا للدلتا وردما لمئات الأفدنة ، وهذا سيؤدى الى نشأة مدن عشوائية مليونية فى نطاق أراض زراعية .. ماكان لها أن توجد لولا تلك العملية الآختراقية بغابات الأسفلت