وصفت الوثيقة الجديدة علاقة الولايات المتحدة بكل من الصين وروسيا والهند فأشارت إلى إمكانية الهند وصعود الصين وعدوان روسيا، فهذا يشير إلى أن علاقتها مع الهند إيجابية، فقد سعت الولايات المتحدة لتعزيز الشراكة مع الهند، وهذا ما وضح من خلال زيارة أوباما للهند لتعزيز العلاقات التعاونية العسكرية، أما علاقتها مع الصين فتحمل معانى إيجابية وسلبية من حيث الاحتواء والموازنة والضغط، ولكن هذا لا يعنى عدم إمكانية تلافى المواجهة مع الصين، وأخيرا علاقتها مع روسيا فقد وصفتها الوثيقة بالعدوانية وتم إدراجها فى الترتيب الثانى بعد آسيا وأوروبا، مؤكدة على استمرار النهج الأمريكى فى الهجوم السياسى على روسيا تحت شعار العدوانية الروسية.
كما أوضحت الوثيقة الجديدة، وفقا للدراسة التى أعدتها الباحثة مروة محمد عبدالحميد عبدالمجيد، وحملت عنوان «التغيير والاستمرار فى استراتيجية الأمن القومى الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر» معالم العلاقات الأمريكية شرق الأوسطية، حيث أكدت أنها سوف تدعم التحول الديمقراطى، والتقدم الاقتصادى، والاستقرار، ومحاولة إدارة الفوضى فى منطقة الشرق الأوسط ومحاولة حل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى كما شددت الوثيقة فى مقدمتها على بحث واشنطن الدائم عن شركاء جدد وقوى اقتصادية جديدة غير دولية، مع تمسك واشنطن بحلفائها التقليديين، من أجل ممارسة الولايات المتحدة لدورها القيادى، ونجد أن إيران هى من الشركاء الجدد التى تسعى الولايات المتحدة إلى التفاوض والتحالف معها من أجل إنهاء طموحها العسكرى فى المجال النووى، فنجد أنه فى حالة توصل الطرفان الأمريكى والإيرانى إلى اتفاق فإن طهران سوف تساهم فى إدارة الفوضى الشرق أوسطية وخصوصا العربية من خلال المساهمة فى احتواء هذه الفوضى أو تنظيمها حتى لا تخرج عن السيطرة الإقليمية والدولية.
وهناك عناصر تغير واستمرار فى إستراتيجتى الأمن القومى لكل من الرئيس أوباما وبوش الابن، فقد كانت استراتيجية بوش هى إستراتيجية عسكرية تقوم على مبدأ الضربات الاستباقية والوقائية، فضلا عن كونها أحادية البعد وأحادية العمل فقد كانت أحادية البعد لأنها اهتمت ببعد واحد فقط من أبعاد الأمن القومى وهو البعد العسكرى وبالغت فى أهميته وأهملت الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية والبيئية والديموغرافية التى لا تقل أهمية عن البعد العسكرى وقد اتسمت الإستراتيجية بأحادية العمل، أى لا تؤمن بأهمية الحلفاء وأهمية الالتزام بالقانون والمؤسسية، فضلا عن طغيان التصور الأيديولوجى على الواقع وعلى استراتيجية الأمن القومى، فقد كانت إستراتيجية الأمن القومى للرئيس بوش تتعامل من منظور أحداث 11 سبتمبر وفكرة الحرب على الإرهاب.
نعم لم تخرج أمريكا من معادلة المؤامرات خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يردد كثير من المراقبين طبقا لكل الدراسات أن أمريكا لا تهدف كما تظهر إلى تشجيع الحرية والإصلاح والتغيير، بل إن هدفها الرئيسى، تفكيك النظم الحالية وتغيير بنية المجتمعات وتهديد استقرارها. ولعل المثير للجدل ليست هذه الاتهامات، بل إن كارهى أكاديمية التغيير القطرية الأمريكية وبرامجها يرونها جزءاً من مشروع قطرى إخوانى هدفه السيطرة على أنظمة عديدة عبر تحريك شعوبه، ثم تتويج إخوان محسوبين على قطر على الأنظمة الجديدة، وبالتالى وقوع دول كثيرة تحت سيطرة قطرية غير مباشرة التوضيح، ومن هنا يتضح أن هدف تلك الأكاديمية المباشر الرئيس هو تفكيك النظم الحالية وتغيير بنية المجتمعات وتهديد استقرارها. إن المتتبع للأحداث على أرض الواقع يستطيع التيقن بأن ما يحدث هو التطبيق العملى المتقن لتلك النظريات التى تم التدريب عليها.
إن ما يحدث على الأرض من تكتيكات ليس وليد مصادفة على الأرض ولكن يتم بخطط مدروسة وممنهجة، الأحداث المتلاحقة على أرض الواقع تؤكد نجاح تلك الأكاديمية نجاحا مبهرا وأن الأهداف تتحقق على الأرض كما تم تدريسها فى تلك الأكاديمية.
إن ما يخطط على الأرض هو علم وليس من عشوائيات الشارع المصرى أو أنها ثورة شعبية كما يدعون أن الدول العربية كافة تستخدم على أرضها نفس السيناريوهات ونفس المنهج الذى تم التدريب عليه فى تلك الأكاديمية. فلم تكن تلك الثورات شعبية كما يروجون بل هى مؤامرة ناجحة بكل المقاييس والمعايير الهادفة إلى قلب نظم الحكم فى تلك الدول وأن التدريب فى قطر قد أتى ثماره وأن اللعب بالمشاعر الدينية للشعوب هو أكذوبة كبرى وخيانة للوطن والدين والعقيدة الدينية. الدين استخدم فقط للعب بعواطف الأمة لتفكيك الدول والأنظمة لمصلحة تلك الجماعات. إن القتلى والمصابين فى تلك الدول هم ضحايا تلك الجماعات التى تتشدق بمعسول الحديث عن الإسلام والغيرة عليه، فلا يمكن تصور غيرة الولايات المتحدة على الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية على أرض المعمورة، ولكن استخدامها لجماعة الإخوان أداة ناجعة لنشر الفوضى الخلاقة لهدم الأنظمة العربية، إن تعاون تلك الجماعات مع الأكاديمية هو خيانة للعروبة واإسلام، لقد تلاقت المصالح المشتركة بين الجماعة والغرب فى هدم تلك الأنظمة وتغيير أنظمتها، فالتغيير هدف تلك الجماعات لتأتى ثمار هذا التغيير وتتربع على عرش النظم فى تلك الدول المتحللة.
أما الغرب فهدفه الرئيس إحداث تغيير جذرى فى بنية تلك الدول مخافة قوتها فى المستقبل وجعل آفة التناحر بين شعوبها، فتلك الجماعات لا تمثل شعوبها وبذلك تكون مادة خصبة للتناحر بين كافة أطياف تلك الشعوب. غدا نواصل