لماذا ينتشر كل فترة خبر عن نهاية العالم أو فناء الأرض وموت جميع البشر؟
لماذا يحدد كتاب وعلماء فيزياء ومنجمون ورجال أديان سماوية أو أرضية موعدا محددا بالدقيقة والثانية لفناء العالم وانتهاء الحياة وزوال الأرض، وكأنهم يعلمون الغيب؟
العالم سينتهى؟ طبعا سينتهى، فلكل بداية نهاية، ولكن أن نحدد ساعة النهاية بالدقيقة والثانية كما يحدث فى العالم حاليا من تحديد للحظة النهاية يوم 23 سبتمبر الجارى، فهو محض دجل وتصورات خرقاء لا تخص سوى أصحابها وفى أكثر التفسيرات عقلانية، هى من قبيل الدعاية الموجهة من أجهزة استخباراتية أو دول كبرى لتحقيق مكاسب اقتصادية.
طيب لماذا ينشغل العالم لدرجة الهوس بفناء الأرض والحياة والإنسانية ويحذر منه، ويطالب باتخاذ الإجراءات الضرورية قبل حدوثه مثل وداع الأحباب ومصالحة المتخاصمين والصفاء النفسى والاستعداد الروحى، بينما يمارس عمليات التدمير الفعلى للأرض والإنسانية بالمجازر والظلم والاحتلال ونهب الثروات؟ ألا ترون ذلك غريبا؟
العالم يتجه فعلا للفناء عبر آلاف من عمليات التدمير الجزئية المنظمة ولا يرى ذلك غريبا، أو دون أن تظهر حركة عالمية أو حكومة عالمية لردع هذا الاتجاه الجنونى لتدمير الأرض، والدول الموصوفة بأنها الكبرى والأغنى والأقوى تتسبب فى تدمير فعلى للأرض، بما تنتجه من عوادم وملوثات ومخلفات نووية، وهى لا ترغب فى التوقف أو حتى إبداء الأسف على الأرض، بدافع براجماتى بحت وهو الدفاع عن صالح شعوبها.
والعالم مسكون بكثير من الأساطير أيضا عن فناء العالم بالانفجار الكبير، كما هو مسكون بخلق العالم بالانفجار الكبير، يتساوى فى ذلك أن يحدث الانفجار الكبير بانفجار الأرض من داخلها عبر سلسلة من البراكين أو من خلال اصطدام مذنبات أو أجسام فضائية بالأرض بحسب السيناريوهات الأكثر شيوعا أو حتى بثورة الماء وحدوث الفيضان الكبير، الذى يغرق الأرض ومن عليها لتبيد وتنتهى الحضارة الحالية وتبدأ الإنسانية من جديد.
ومع ذلك، هل فكر يوما أحد الحكماء أو المجانين بالدول العظمى التى تنتج الأسلحة النووية، وما بعد النووية فى عبث امتلاك كل دولة من الدول الكبرى أسلحة قادرة على تدمير الأرض مائة أو مائتى مرة؟ أى حماقة أن أفخر بامتلاكى مدفعا رشاشا به ست وثلاثين طلقة، يعنى أستطيع الانتحار ست وثلاثين مرة! كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من الحماقة والعبث؟ إذا انطلقت قاذفات نووية من روسيا إلى الولايات المتحدة فتنطلق القاذفات المضادة وتنتهى الأرض خلال ساعات، ولن تكون هناك أى جدوى لترسانات الأسلحة النووية، وما بعد النووية المكدسة فى المخازن، وإذا أقدم المجنون الذى يمتلك المدفع الرشاش على الانتحار بطلقة، فلن يمكنه الانتحار ثانيا كما لن يعود ليمتلك مدفعه الرشاش الذى يفاخر بامتلاكه.
نحن ندمر أنفسنا جزئيا كل يوم ونقتل أنفسنا بالتقسيط المريح، وننتحر بالدور كل يوم ونحرق الأرض التى نعيش عليها، فلماذا ننشغل بالنهاية الكبرى للأرض وللإنسانية؟ يبدو أننا جميعا أشبه بالمخبول الذى يمتلك مدفعا رشاشا ويفاخر بقدرته على الانتحار 36 مرة!