تعرضت أقلية مسلمى الروهينجا فى إقليم راخين بدولة بورما إلى عدد من موجات التطهير العرقى من قبل القوات المسلحة من دون جريمة اقترفوها سوى أنهم يتبعون دينا غير الدين الرسمى للبلاد التى يسكنها أغلبية بوذية، لكن السؤال الآن ما هى الفرص والتحديات والسيناريوهات الممكنة لخلاص الروهينجا من هذا الجحيم؟ خاصة بعد اشتداد وتيرة القتل والاغتصاب والتهجير والاختفاء القسرى، يحاول التقرير تصور أكثر 3 سيناريوهات يمكن تنفيذها تكون بمثابة توصيات أمام الرأى العام العالمى وعلى مكاتب صناع القرار ليتحرك المجتمع الدولى.
السيناريو الأول.. الاستقلال
إقليم راخين
بالرغم من أن الروهينجا قاموا بانتفاضة عارمة للمطالبة بالانفصال بين عامى 1948 و1961م، إلا أن الانتفاضة أُخْمِدَت عن طريق القمع الذى مارسه الجيش البورمى بحق المسلمين، وبالتالى يمكن تصور الحل آنيا للخروج من هذا المشهد المأسوى فى تجديد الروهينجا بمطلب الانفصال.
ويمكن تحقيق ذلك عن طريق الضغط الدولى من المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة التى سجلت عمليات قتل واغتصاب خارج إطار القانون قام بها الجيش البورمى بحق الروهينجا، فضلا عن تدخل دول إسلامية كبرى فى نفس الإقليم مثل ماليزيا لتحقيق هذا الغرض.
ومؤخرا حظيت قضية الروهينجا باهتمام دولى واسع من حكومات إسلامية ودولية على رأسها مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكومة ونظيره الروسى فلاديمير بوتين نايبيداو (عاصمة ميانمار) بوقف العنف وشجبيهما وإدانتيهما لأحداث العنف التى تشهدها البلاد، وطالبا حكومة ميانمار باتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف أعمال العنف حتى لا يؤدى استمرارها إلى تصاعد التوتر وتغذية التطرف والإرهاب.
وبالرغم من أن هذا السيناريو من الصعب تطبيقه على الأقل فى المديين القريب والمتوسط إلا إنه تنفيذه سيتيح للروهينجا منفذا على الماء إذ إن إقليم راخين يطل مباشرة على خليج البنجال المشرف على الدول الجارة من بينها ماليزيا وبنجلاديش.
السيناريو الثانى.. المصالحة
ميانمار على خريطة العالم
لا يبدو سيناريو المصالحة ظاهرا فى الأفق بسبب تعنت الحكومة فى تنفيذ برنامج إصلاح سياسى ومجتمعى يؤلف كل الأطياف العرقية تحت لواء دولة وطنية كما هو الحال فى أكثر من نموذج حول العالم، كما أن الحكومة المركزية فى نايبيداو جردت الروهينجا من حق التصويت أو الترشح فى الانتخابات التى جرت العام الماضى، وقد ضغط حزب أراكان الوطنى وهو حزب يضم البوذيين الماغ فى راخين وتشكل عام 2015، من أجل تلك الخطوة، ونالها.
وجردت الحكومة الروهينجا وهم يشكلون ثلث سكان راخين، من الجنسية البورمية وتعتبرهم السلطات بنغاليين رغم وجودهم فى ميانمار منذ أجيال عديدة وهم أصحاب حق أصيل فى البلاد، وتعتبرهم الأمم المتحدة "أقلية دينية ولغوية مضطهدة"، بحسب بيان رسمى للمنظمة الأممية.
هذا إلى جانب صمت الزعيمة البورمية، أون سان سو كى، وفشلها فى حماية مسلمى الروهينجا فى بلادها، ما يعنى رضاها عن سلوك جيش بلادها تجاه الروهينجا وهو ما دعا مقررة الأمم المتحدة الخاصة بشؤون حقوق الإنسان فى ميانمار، يانجهى لى، إلى انتقاد هذا السلوك، قائلة: "إن الوضع فى مقاطعة راخين خطير فعلا وكان على سو كى أن تتدخل"، وفق بيان رسمى.
ووفقا لتلك المعطيات من المستبعد تحقيق هذا السيناريو فى ظل عدم الاعتراف أصلا بالروهينجا مواطنين بورميين وصمت الحكومة وزعيمة البلاد على سياسة التهجير والإبادة الجماعية التى ينتهجها الجيش ضد الأقلية المسلمة.
السيناريو الثالث.. الضغط الدولى
وزيرة خارجية إندونيسيا رينتو مارسودى
يستند هذا السيناريو على حل يبدو رومانسيا وغير واقعيا كذلك من خلال الضغط الدولى والإقليمى المقترح من قبل الحكومات المسلمة فى كل من إندونيسيا وماليزيا على حكومة ميانمار لوقف التطهير العرقى والإبادة الجماعية بحق مسلمى الروهينجا.
لكن هذا الحل بالرغم من منطقيته فى حيز القانون الدولى والسياسة الدولية إلا إنه غير ناجع بسبب لجوء هذه الحكومات إلى الشجب والمطالبة بحسن معاملة الروهينجا ووقف العنف بحقهم غير أن الحكومة والجيش لم يستجيبا.
أضف إلى ذلك السياسات التى منعت المهربين الذين يهربون الروهينجا من القيام بإدخالهم إلى الحدود البنجلاديشية أو الماليزية ووقف دخول هؤلاء المستضعفين.
وعلى ما يبدو فإن هذا الحل قد لا يجد صدى داخل صناع القرار فى ميانمار حتى بعد أن أكدت وزيرة خارجية إندونيسيا، رينتو مارسودى، أنها قدمت إلى ميانمار، خطة مكونة من خمس نقاط يتعين تنفيذها على الفور من أجل الحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية والأمن هناك، من دون استجابة من نايبيداو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة