قد نُغيّر قوانين حقوق الإنسان من أجل مكافحة "الإرهاب" قالتها صريحة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى يونيو الماضى فى آخر يوم من الحملة الإنتخابية، مؤكدة أنه إذا ما كانت تلك القوانين تعترض طريق التعامل مع المشتبه فى كونهم إرهابيين.
كانت ولا تزال تيريزا ماى حتى تاريخ هذا التصريح مرشحة لمنصبها، وقد انتخبها المواطن الإنجليزى بناء على هذا الوعد على الرغم من أن هذا المواطن هو الذى طالما صدر للعالم أجمع أن الفكر الديمقراطى المجرد يخلق بطريقة لا شك فيها عالم آمن يحظى فيه الجميع بالحريات كاملة، ويموت الأشرار فيه كمدا محاصرين فى ركن مظلم من العالم.
إن التعريف الغربى للفكر الديمقراطى المجرد والمصاغ وفقًا لتحقيق مصالحهم فقط والذى كان يأمل منه حماية بلدان العالم الأول من التطرف وتصديره لمجتمعاتنا بات الآن خطرًا داهمًا يهدد حياتهم بشكل مباشر ومن ثم أدركت تلك المجتمعات أن هذه الصيغة الفضفاضة للحقوق التى تغل يد العدالة لأقصى الدرجات لا يمكن أن تحمى آمنهم من خطر الإرهاب والتطرف.
وعلى صعيد آخر اشترك المواطن الأمريكى فى ذات المفهوم مع المواطن الإنجليزى فى اختيار الرئيس دونالد ترامب الذى وعد بالتصدى للإرهاب بحسم، حتى وإن إضطر لترحيل ملايين المشتبه بهم إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما يتعارض مع أحد أهم أعمدة الحلم الأمريكى باعتبار الأراضى الأمريكية هى الملاذ الآمن الذى يوفر الآمن للمهاجرين من كل أنحاء المعمورة.
لقد استيقظت تلك المجتمعات على أنها قد باتت مهددة، مرتعشة وأصبح المواطن فيها غير آمن بعد أن توالت عليه طعنات وهجمات الإرهاب.
لكن العجيب فى الأمر أن نفس هؤلاء يريدون فرض قوانين وقواعد حقوق الإنسان التى لا يراها إلا أقلياتهم فى مجالس النواب على الدولة المصرية، التى تعانى من شوكة الإرهاب المغروسة فى ظهرها منذ 2011 بل إن الحقيقة أنها منذ العام 1928.
يسعى لوبى خبيث ومفضوح إلى دعم الإرهاب بطريقة أخرى وهى لى ذراع الدولة المصرية من خلال تخفيض المعونة العسكرية الأمريكية، بعد أن استطاعت الإجراءات الأخيرة تقييد تحويلهم لأموال دعم الإرهاب، والمؤلم فى الأمر هو أن تجد هذه الأفعال الشاذة والخبيثة من يروج لها فى مصر، ويفرح بهذا الإجراء، ولا يخفى على أحد رائحة أموال القطريين التى تقف وتدعم اللوبى المطالب بوقف المعونة العسكرية لمصر، وقطعًا لا يخفى على أحد أن قطر باتت تدعم بصراحة ودون مواربة أى حراك ضد الدولة المصرية، سواء جماعات إرهابية، أو جماعات سياسية شاذة ومتطرفة تريد فرض رؤية أحادية على بلدان تعانى من جحيم الحرب على الإرهاب، والتهديد المستمر لأهلها.
إن الدولة المصرية لن تنكسر، فقد اختارت طريقها، ومضت فيه، وهى عازمة أن تكمل حربها ضد الإرهاب سواء بمساعدة أو بغير مساعدة القوى الدولية كما أن مصر بأى دولة أجنبية مهما بلغت قوتها ليست بمثابة عقود الإذعان، بل هى علاقات متوازنة يفترض لصحتها تحقيق المصلحة المشتركة، وقد سعت الدولة المصرية فى السنوات الماضية إلى تنويع مصادر تسليحها، وتكبدت وسط أزماتها الإقتصادية أعباء تسليح وتطوير قدرات القوات المسلحة المصرية حتى تواكب العصر ولم تكتف بالمعونة الأمريكية مما أدى إلى تغيير مواقف دولية كثيرة كانت معادية لحربنا ضد الإرهاب والجماعة المحظورة، وإنتزعت إعترافا دوليا بحقها فى حماية شعبها وأراضيها.
ولعل الأمر يحتم علينا جميعًا مهما اختلفت المواقف السياسية أن يظل خيط الوطنية والحرص على مصلحة الدولة المصرية أمر لا غبار عليه، ومن العار أن يهلل هؤلاء الشرذمة لهذا الإجراء الرامى للضغط علينا للتراجع عن قوانين تقييد تحويل الأموال للمنظمات المشبوهة والتى تدعم الإرهاب وتروج لأفكاره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة