على الرغم من قضاء التحالف الدولى على التنظيم الإرهابى "داعش" وباقى الجماعات الإرهابية فى العراق وسوريا وتشديد الخناق عليها فى ليبيا، إلا أن تهديدات هذه التنظيمات الإرهابية على المغرب وإسبانيا لازالت مستمرة، بل أصبح إقليم كتالونيا بؤرة إرهابية خطيرة فى قلب أوروبا.
وقالت وكالة "أوروبا بريس"، إن وزارة الداخلية الإسبانية أكدت أن معدل الأنشطة الإرهابية داخل الأراضى الإسبانية خلال عام 2017 ارتفع بشكل لم تعهده البلاد من قبل، وتمكنت قوات الأمن من إحباط 51 عملية إرهابية، وتم القبض على 75 عنصرا بتهمة التورط مع إحدى الجماعات الإرهابية.
وأكدت الداخلية الإسبانية أن إقليم كتالونيا يتصدر الأقاليم الأكثر نشاطا للإرهاب فى إسبانيا، حيث تكثفت الجماعات الإرهابية عناصرها المتطرفة لنشر الأفكار الإرهابية بين المواطنين وتجنيد المقاتلين، وتأتى مدريد وسبتة ومليلية بعد إقليم كتالونيا من حيث العمليات الإرهابية، الشىء الذى يفرض المزيد من التعاون والتنسيق الأمنيين وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الأجهزة الأمنية الإسبانية، بشكل خاص، والمغربية والأوروبية والإقليمية بشكل عام.
ووفقا لدراسة أعدها البرلمان الأوروبى ، ودعمتها وزارة الداخلية الإسبانية حول حصيلة العملية الأمنية ضد الشبكات الإرهابية وعدد الموقوفين فى كل المدن، وحظر كتالونيا وسبتة ومليلية الذين يمثلون خطورة كبيرة من حيث انتشار شبكات الاستقطاب والتجنيد لصالح داعش فى السنوات الماضية، إلى جانب تفكيك شبكات كانت تحاول تقديم الدعم اللوجيستكى لتنظيم داعش وجمع الأموال لها.
فى نفس السياق، كشف تقرير مواز لوزارة الداخلية الإسبانية، عن ارتفاع عدد الإرهابيين الموقوفين فى المدينتين المحتلتين العام الماضى ، إذ احتلت مليلية المرتبة الأولى بـ9 معتقلين، متبوعة بمدريد التى سجلت توقيف 7 إرهابيين ، و4 إرهابيين فى مدينة سبتة، فيما قد يتجاوز العدد 10 معتقلين فى إقليم كتالونيا.
وقال فيرناندو ريناريس، مدير برنامج الإرهاب العالمى فى معهد إلكانو الملكى بمدريد 2001 ،:"كانت إسبانيا بالفعل واحدة من القواعد الأولى لتنظيم القاعدة فى غرب أوروبا، لكن التهديد الذى شكلته القاعدة وأتباعها أصبح جليا فقط فى 2004 عندما تسببت متفجرات عديدة فى مقتل 191 شخصا فى هجوم على شبكة قطارات مدريد".
وأوضح ريناريس أنه على الرغم من مرور أكثر من عقد بدون أية هجمات إسلامية كبرى فى إسبانيا، إلا أن برشلونة والمناطق المحيطة بها لا تزال "مركز التطرف الرئيسى فى إسبانيا"، وفى الوقت الحاضر ليس تنظيم القاعدة هو من يسعى لجذب الإسبان وإنما تنظيم داعش الإرهابى.
ويعتبر السبب الرئيسى فى انتشار الإرهاب فى كتالونيا وتحولها إلى بؤرة إرهابية، هو تمويل قطر لمراكز عبادة فى إسبانيا خاصة فى الإقليم الإسبانى، وكيف أصبحت منبرا للتشدد والدعوة للإرهاب، حيث أن هناك مراكز إسلامية ومساجد وضعها الأمن فى دائرة الضوء لسنوات عديدة لتلقيها تمويلا من قطر على أيدى رجال أعمال أثرياء، فقطر تحاول غرس أموالها فى مراكز عبادة تحمل أفكارا متشددة وإرهابية، وبذلك تقوم الإمارة بغرس هياكل إجرامية فى إسبانيا.
كانت صحيفة "لاراثون" نشرت تقريرا لها أكدت فيه أن عدد الجالية المسلمة فى إسبانيا يبلغ أكثر من مليونين، لكن هناك من بينهم من يتبع الأفكار المتشددة التى تدعو للإرهاب، الذى تغرسه قطر فى المساجد الإسبانية خاصة فى كتالونيا التى يوجد بها أكثر من 256 مسجدا، وهناك العديد من الذين ينتمون إلى منظمات مثل العدل والإحسان، والإخوان، وجماعة التبليغ، وجميعها تصطدم بالقيم الديمقراطية ومعايير النظام الإسبانى، ولذلك فقد حذر عدد من الخبراء فى مجال مكافحة الإرهاب من اتساع دائرة داعش فى إسبانيا على أيدى قطر.
وأوضح التقرير، أن الحركة التى تنمو ببطء فى كتالونيا هى "السلفية" التى تعتبر واحدة من التيارات الأكثر راديكالية فى الإسلام، وتدعو أتباعها إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ولكن أيضا هناك من أتباعها من يتشدد ليصل الأمر أن يصبح إرهابيا، وأشار التقرير إلى أن هناك أكثر من 1260 مركز عبادة إسلامية فى إسبانيا، منهم أكثر من 100 مرتبطين بالسلفية ومنهم 80 يحملون أفكار إرهابية.
كلوديا كارفالو، الباحثة فى شئون الإرهاب فى جامعة لايدن بهولندا، قالت إنه "يوجد عدد مرتفع بشكل غير متكافئ فى الإسبان الذين تحولوا للإسلام – وهو شئ يزيد من حدة المشاكل القائمة حيث أن بعض المتحولين يريدون الإثبات للآخرين إنهم اعتنقوا الإسلام بصدق وبالتالى هم أكثر ميلًا للسلوك العنيف."
وفى العقود الأخيرة، شهدت كتالونيا أيضا تدفقا ضخما للمهاجرين، واستقبل الإقليم ملايين العمال عقب الازدهار الاقتصادى فى التسعينيات، لكن الأزمة المالية لعام 2008 وضعت حدا مفاجئا لنقص العمالة لديها.
أما رافايللو بانتوشى، مدير الدراسات الأمنية الدولية فى معهد الخدمات المتحدة الملكى بلندن، فقال"عندما تنظر الجماعات الإرهابية إلى أوروبا ترى إسبانيا كدولة كانت جزءا من الخلافة العالمية، التى فقدت، وحقق مجندو الإرهابيين ودعاة الكراهية نجاحا فى كتالونيا أكثر من أى مكان آخر فى إسبانيا، فما يقرب من ثلث الإسبان المدانين بتهم لها علاقة بالإرهاب الإسلامى الذين تم القبض عليهم فى الفترة بين 1996 و2013 قبض عليهم فى كتالونيا، ووفقا للإحصائيات التى كشفها معهد إلكانو الإسبانى فإنه تم اعتقال ما يقرب من 222 شخصا لارتكابهم جرائم إرهابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة