تصدر ملف وفاة الرئيس الإيرانى الأسبق، ورئيس تشخيص مصلحة النظام السابق، وزعيم تيار الاعتدال أكبر هاشمى رفسنجانى المشهد مجددا، تزامنا مع الذكرى الأولى لوفاته، فى يناير 2017 العام الماضى، عقب تصريحات نجله محسن هاشمى قال فيها أن "ملف وفاة والده تم فتحه مجددا فى المجلس الأعلى للأمن القومى، بقرار من الرئيس حسن روحانى".
وتوفى رفسنجانى إثر جلطة قلبية أثناء السباحة فى مجمع كوشك العام الماضى، وقال نجله فى مقابلة مه وكالة "بانا" تزامنت مع ذكرى رحيله، اليوم، الثلاثاء، "أن روحانى رفض اغلاق ملف وفاة رفسنجانى فى هذا المجلس، وطلب إعادة فتحه"، وذلك بعد مرور عاما على وفاة أحد أقطاب السياسة فى إيران.
من هو رفسنجانى
لقب رفسنجانى بالصندوق الأسود للجمهورية الاسلامية فى إيران وثعلب السياسة الإيرانية، وتولى رئاسة إيران 8 سنوات فى الفترة (1989م إلى 1997م)، وعقب وفاته أثيرت الكثير من الأقاويل حول حقيقة وفاته، ووصيته المفقودة التى أصبحت لغز يحير عائلته وتناقشه الأوساط الإعلامية.
ينظر إلى رفسنجانى فى الداخل بأنه الرجل الأرستقراطى الثرى، والرجل الثانى للنظام الذى شغل مناصب عديدة منها رئاسة تشخيص مصلحة النظام وقائد القوات ورئيس مجلس خبراء القيادة، ورئيس البرلمان خلال فترة الحرب العراقية الايرانية وكان مهندس صفقة الأسلحة 1986م "إيران جيت"مع الولايات المتحدة، الأمر الذى جعله يحصل بجدارة على لقب "ثعلب السياسة".
حقيقة الوفاة المفاجأة
على مدار العام الماضى، لوحت عائلة رفسنجانى بوجود غموض يكتنف وفاته المفاجأة، وشكك أبناؤه فى وفاته، خاصة مع تصاعد الخلافات السنوات الأخيرة مع المرشد الأعلى على خامنئى، وفى رواية لإبنته فاطمة خلال كلمة لها فى مراسم تأبين أقيمت فى طهران 8 مارس الماضى، قالت تصريحات نقلتها وكالة إيلنا الاصلاحية، "رغم أن والدي وقت وفاته كان في الـ82 من عمره، إلا أنه كان يتمتع بصحة جيدة، وفيما يتعلق بوفاته فهناك بعض الغموض بالنسبة لنا"، الأمر الذى عادت لتؤكد عليه خلال مقابلة لوكالة إيسنا فبراير الماضى، قالت فيها أن الأدلة التي قدّمتها مجموعة من الأطباء عن أسباب وفاة والدها، ليست دقيقة ومخالفة للحقائق المتوافرة لدينا ولا أحد يعلم سبب الوفاة".
أما نجلته فائزة رفسنجانى المعروفة بتصريحاتها الجريئة وتوجيه سهام النقد للنظام، قالت مؤخرا فى مقابلة مع موقع اعتماد أونلاين الإيرانى، "تم إبلاغنا خلال اجتماع بين بعض أعضاء مجلس الأمن القومى الأعلى وأفراد عائلتنا، أن إشعاعات فى جثة والدى كانت أكثر من المعتاد بـ10 مرات"، وفى تصريحات أخرى لها قالت فى صحيفة آرمان الإصلاحية سبتمبر الماضى، حول شائعات وفاة والدها، لا غموض فى وفاة أبيها، مؤكدة: "وفاة والدى المفاجئة أوجدت تلقائيا قدرا من الغموض، ليس فقط فى المجتمع، وإنما بين أبنائه، ومجلس الأمن اتخذ إجراءات لكنها لم تفض لنتائج بالنسبة لأسرتنا".
وصية مفقودة
وبخلاف وفاته أثار أبناؤه قضية اختفاء وصيته، وقال أبناؤه إن هناك وصية قديمة كتبها فى تسعينيات القرن الماضى أى قبل 20 عاما تقريبا، ولديهم قناعة بأن والدهم كتب وصية أخرى حديثة، وكان أول من فتح باب الحديث عن وصية رفسنجانى المفقودة نجله محسن الذى قال بعد وفاته بأيام فى يناير 2017، الماضى فى إحدى المقابلات على القناة الثالثة للتلفزيون إيران الرسمى، "من الممكن أن يكون هناك وصية أخرى لم نعثر عليها بعد"، الأمر الذى أكدته شقيقته فاطمة رفسنجانى، فى مقابلة مع "صحيفة جهان" صنعت بتاريخ اكتوبر 2017، كشفت فيها لأول مرة عن وجود وصية حديثة كتبها والدها قبل 3 أو 4 سنوات لكن تم إخفائها عمدا.
وأكدت فاطمة على أن وقت وفاة والدها جاء عناصر الأمن وأخذوا معهم كل مقتنياته، وقالت أن "بعض الوثائق المتعلقة بوالدها فقدت أيضا"، ولا تزال تؤيد ذلك خلال مقابلاتها لوسائل الاعلام المختلفة، ومع اقتراب سنوية والدها لاتزال تتحدث فاطمة عن وثائق والدها المفقودة دون أن يرد عليها أى من مؤسسات النظام، وهو ما دفع صحيفة "اعتماد" الاصلاحية لإعادة فتح ملف اختفاء وصية رفسنجانى فى عددها الصادر الخميس الماضى، وقالت "تصريحات فاطمة عن وثائق والدها المفقودة لم يتم نفيها.. لذا متوقع يتضح الأمر بشفافية تامة، ويتم كشف أى غموض بشأن رفسنجانى".
فاطمة لم تكن الوحيدة المصرة على وجود وصية، شقيقها ياسر أيضا، ونقلت الصحيفة الإصلاحية عن نجله ياسر هاشمي الذى قال حتى الآن لم نتمكن من العثور على وصية والدى الأصلية الذى نعلم أنها مكتوبة وموجودة فى مكان ما، لافتاً إلى أن أعضاء أسرته لا يملكون معلومات دقيقة حول مصير الوصية، لكن الصحيفة الإصلاحية نفسها قالت من الصعب أن نصدق ألا يكون لرجل مثل آية الله هاشمى رفسنجانى الذى تولى العديد من المناصب السياسية يغيب عن الحياة دون أن يوصى حتى أبناءه أو افراد أسرته.
وعلى مدار العام المنصرم لم تظهر السلطات الإيرانية تقارير نهائية تجيب عن تساؤلات أبناءه وتوضح سبب الوفاة، أو حتى تنفى ادعاءات أبناءه، غير أنها أعلنت، ديسمبر الماضى تحويل منزله، فى منطقة جماران شمالى العاصمة طهران، إلى متحف لعرض مقتنياته.