حسنا فعل أعضاء مجلس النواب الذين أعلنوا تقدمهم بمذكرة رسمية للبرلمان الدولى ضد الادعاءات والأكاذيب التى تروجها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، ضد مصر، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الخارجية لرفع دعاوى قضائية ضد الجريدة للمطالبة بكشف فبركاتها والحصول على التعويض المادى والأدبى للدولة المصرية.
بالقطع «نيويورك تايمز» وما وراءها من أجهزة استخباراتية، لا تريد مخاطبة الداخل المصرى بقدر ما تسعى إلى تشويه الدولة المصرية فى محيط تأثيرها العربى والأفريقى والدولى، ولذا لم تتعامل بجدية مع موجة الغضب المصرى داخليا ولم تسمح بنشر ردود فعل الكتاب والإعلاميين المصريين، كما لم تسمح بنشر أى أخبار عن فضيحة فبركة الإخوانى سامى كمال الدين لشخصية ضابط المخابرات وإجراء اتصالات وهمية لنشرها على وسائل التواصل باعتبارها تسريبا خطيرا.
وإذا كان الداخل المصرى محصنا بالفعل بالوعى ضد مثل هذه الفبركات الرخيصة، فهناك مجالات عربية ودولية تعاملت مع ما نشرته الصحيفة الأمريكية بشكل متواطئ وبسوء نية معلنة، إذ اعتبرت ما نشرته الصحيفة هو الصدق المطلق الذى لا يأتيه الباطل من خلفه أو من بين يديه، وتوالت ردود الفعل والجدل والغمز واللمز تجاه تفاصيل التسريبات المزعومة، دون أى إشارة ولو هامشية إلى مانشره الجانب المصرى، سواء فى المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقدته هيئة الاستعلامات أو بيانات وزارة الخارجية، وهنا مثار الخطورة والتساؤل معا.
نيويورك تايمز وغيرها من كبريات الصحف العالمية واسعة الانتشار ووكالات الأنباء، عندما تتحول إلى منصات لتوجيه الأخبار المسيسة والمسيئة وقصف العقول لإشعال الفتن، يصبح من الغفلة مخاطبتها فى المجال الداخلى وحده لأن تأثيرها ممتد إقليميا ودوليا، ولابد من معالجة هذا الأثر الممتد إقليميا ودوليا أيضا.
وإذا كانت نيويورك تايمز متواطئة فى نشر هذه التسريبات الوهمية، وهى كذلك بالفعل، فهى لن تتعامل بمهنية أو حيادية مع ردود الأفعال السلبية لفبركاتها داخل مصر ولن تنشر التفنيدات التى تسارعت فور نشر هذه التسريبات المفبركة، وبالتالى لابد من وسيلة لإجبارها على أمرين، أن تكون هى مادة للأخبار فى وسائل الإعلام العالمية بدلا من الدولة المصرية، وثانيا أن يتم جرجرتها إلى القضاء وتغريمها وكشف زيفها، حتى يعرف العالم أجمع أن ما نشرته الجريدة بحق المؤسسات المصرية غير دقيق ولابد أن يحاسب من شارك فى هذه المخالفة المهنية والجنائية.
وزارة الخارجية وهيئة الاستعلامات لن يستطيعا مخاطبة كل دولة على حدة وتفنيد ما نشرته الصحيفة الأمريكية، وحتى لو فعلا، لن يحققا التأثير الذى يوازى الطلقة الفشنك التى أطلقتها الصحيفة، ولكن حال الحصول على حكم قضائى وتغريم الصحيفة المفبركة ووقف الصحفى، سيكون هناك موقف إقليمى ودولى مختلف تماما تجاه مثل هذه الفبركات وتجاه محاولات تشويه الموقف الرسمى المصرى تجاه القضايا العروبية وفى مقدمتها قضية القدس.
خبر تغريم نيويورك تايمز بحكم قضائى، سيكون أبلغ رد اعتبار للدولة المصرية إن شاء الله، كما سيكون سابقة يقاس عليها كيفية مواجهة منصات التشويه الأكثر انتشارا عالميا.