سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يناير 1893.. كرومر يهدد بتلقين «الغلام الأحمق» درسا لجرأته فى تغيير الحكومة دون الرجوع إليه

الثلاثاء، 16 يناير 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يناير 1893.. كرومر يهدد بتلقين «الغلام الأحمق» درسا لجرأته فى تغيير الحكومة دون الرجوع إليه عباس حلمى الثانى ولورد كرومر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غضب اللورد كرومر مندوب الاحتلال البريطانى فى مصر حين أبلغه سكرتير الخديو عباس حلمى الثانى، بقرار الخديو بإقالة حكومة مصطفى فهمى باشا «راجع: ذات يوم 15 يناير 1893»، وتعيين حسين فخرى باشا رئيسا، ومعه مظلوم باشا وبطرس غالى باشا، وتيجران باشا، ومحمد زكى باشا، ويوسف شهدى باشا»، ويذكر «شفيق باشا»: «هز اللورد رأسه بأنه سيتوجه لمقابلة الخديو، ويذكر «محمد عودة» فى كتابه «ليبراليون وشموليون» عن «دار الهلال - القاهرة»: «قال كرومر لمساعديه ثائرا مزمجرا لقد حانت اللحظة لتلقين هذا الغلام الأحمق درس حياته».
 
ذهب الخديو إلى السراى غاضبا يوم 16 يناير «مثل هذا اليوم» عام 1893، وعلينا أن نتخيل حدود تعبيره عن غضبه فى ضوء ما يذكره عنه «عباس الثانى» فى مذكراته «عهدى» عن «دار الشروق - القاهرة»: «كان يحاول أن يهيننى ويقلل من شأنى، وكان كل مرة يأتى فيها لرؤيتى، ويكون فيها غير منشرح السريرة يحاول أن يجرحنى، مدعيا أن الشعب المصرى كان يرغب فى أن يثور ضد الأسرة الحاكمة، وأن الإنجليز كانوا قد حضروا من أجل حمايتها، وإعادة النظام، وكان يقول لى: لا تنس أن الحركة العرابية موجودة دائما، وأننى إذا ما رفعت إصبعى الصغير، فإنه يمكنها أن تظهر من جديد، وأن تطيح الأسرة خارج البلاد»، يعترف عباس: «حينما كان يحدثنى بهذه الطريقة، لم أكن أرد عليه أبدا، إذ إننى كنت لا أرغب فى نشوب أزمة يمكنه أن يستغلها ضدى».
 
وبالرغم من هذا الاعتراف من «عباس» نحو «كرومر» فإن ما دار فى لقائهما يوم 16 يناير هناك روايتان بشأنه تختلفان فى بعض التفاصيل، ففى رواية محمد عودة: «لم يحفل اللورد بأى قواعد أو مراسم وأخرج من جيبه خطابا قرأه على الخديو جاء فيه: «إن اختيار رئيس الحكومة المصرية هو حق معترف به للحكومة البريطانية، ولا يمكن أن يتغير رئيس الحكومة بغير استشارتها وموافقتها، وهذه هى القاعة التى تحكم علاقة البلدين منذ برقية «جرانفيل» إلى شريف باشا قبل عشر سنوات، وأى خروج على هذه القاعدة لابد أن تكون عواقبه وخيمة»، ويضيف عودة: «لابد أن الذهول اعتراه حينما رأى الغلام لم يهتز أو يرتعب، ورد بهدوء ورباطة جأش: لقد تسلمت العرش من جلالة السلطان العثمانى، وبمقتضى الفرمانات العثمانية، ولم يكن بها أى نص يقيد حقى فى اختيار رئيس النظار أو النظار، ويلزمنى باستشارة الحكومة البريطانية، وفقد اللورد الذى اشتهر بأعصابه الحديدية توازنه وصاح فيه: «إن هذا تحد لا تقوى عليه ولا تقدر عواقبه وأنت بذلك تخاطر بالعرش الذى تجلس عليه»، وبنفس الهدوء والثبات رد الغلام: «إننى أفضل أن أفقد هذا العرش على أن يعود رئيس النظار المقال إلى منصبه، ولم يجد فخامته ما يرد به وخرج ليتطاير الشر من عينيه بعد تلك المقابلة العاصفة، وبعث برسالة عاجلة إلى لندن يطلب من وزير خارجيته رسالة ثانية أقوى لهجة وتحذيرا».
 
أما رواية «شفيق باشا» فيقول فيها، إن الإنجليز كانوا مستأثرين بجميع السلطة تقريبا فى عهد عباس، ورأوا أنهم إذا تركوا الخديو الشاب فى طريقه فقد ينتهى ذلك بضياع نفوذهم، ولذا ما كاد كرومر يعلم بالخبر «يوم 15 يناير» حتى أبرق إلى وزير الخارجية يبلغه، ويؤكد له أن النظارة الجديدة شكلت دون رأيه»، ويضيف شفيق: «جاء كرومر إلى السراى فى اليوم التالى وأبدى اعتراضاته على الخطة التى جرى عليها فى التغيير، فأجابه الخديو بأنه يصعب عليه العدول عن قراره، ولكنه وعد اللورد بناء على طلبه بأن تعيين النظارة الجديدة لن ينشر فى الجريدة الرسمية، إلا بعد أن يمر الوقت الكافى لمفاوضته»، ويؤكد «شفيق»: «بر الخديو بوعده، ولكنه سمح للنظار الجدد بأن يذهبوا إلى نظاراتهم ويباشروا أعمالهم»، أما كرومر «أمر الموظفين الإنجليز بألا يعترفوا بالنظار حتى يسمح لهم بذلك».
 
كان لتصرف كرومر «وقع سيئ على الخديو وأنصاره»، حسب تأكيد «شفيق باشا»، ويذكر محمد فريد فى مذكراته «تحقيق: دكتور رؤوف عباس»، عن «دار نهضة الشرق - القاهرة»، أنه فى يوم 16 يناير استلم النظار الجدد وظائفهم لكن الموظفين لم يهتموا بتعيينهم، بل إن «بالمر» مستشار المالية قابل بطرس باشا وهنأه قائلا ما مؤداه، أنى لا أعتبرك ناظرا حتى تقرر حكومة إنجلترا ذلك، وكذلك فعل «سكوت» بنظارة الحقانية مع مظلوم باشا، ويقول «فريد»، إن كرومر اتفق مع الخديو على عدم نشر تشكيل الوزارة الجديدة حتى ترد إليه تعليمات من لندن.
 
استمرت الأزمة إلى اليوم التالى وكان الصراع على أشده بين «الخديو» و«اللورد».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة