عندما يصلى إخواننا المسيحيون يقولون، حسب إنجيل متى، «لا تدخلنا فى تجربة، لكن نجنا من الشرير»، لكن الدكتورة إيناس عبدالدايم دخلت التجربة، وصار لزاما عليها «مواجهة الشرير» كل صباح، وأن تخضع لكل الاختبارات المتوقعة وغير المتوقعة، وأن تعافر بكل ما تملكه من عزيمة لتعبر إلى البر الآخر.
فى البداية، نقول بأن المثقفين استقبلوا خبر اختيار إيناس عبدالدايم وزيرا للثقافة خلفا للكاتب الصحفى حلمى النمنم بشكل إيجابى يكاد يكون «فرحة»، لأن معظم المثقفين يعرف إيناس ويعرف حبها للعمل وقدراتها التى ظهرت فى إدارتها للأوبرا، كذلك لكونها أول سيدة تشغل هذا المنصب، ولكونها فنانة موسيقية، ولكونها «جدعة» وشخصية محبوبة، لكن هل كل ذلك يكفى للمرور بوزارة الثقافة من «المضيق» العالقة فيه؟
إيناس عبدالدايم «ابنة الوزارة»، كما قال الفنان فاروق حسنى فى تعليقه على اختيارها، وبالطبع هى تعرف الكثير عن الكواليس داخل هذه المؤسسة المعقدة، وتعرف أن إدارة الأوبرا شىء وإدارة وزارة الثقافة شىء آخر، فهنا لدينا القطاعات المختلفة التى تتقن فن إلقاء المسؤوليات عن كاهلها، والموظفون الذين لا يعرفون لماذا هم داخل مكاتبهم أصلا، والنشر وأزماته وهيئاته، والمبانى التى لم يكتمل بناؤها، والقرارات التى لم تصدر بعد، والقرارات التى صدرت ولم تنفذ، وما يظنه الناس فى الشوارع عن الثقافة، وما تظنه الدولة عن الثقافة، كل هذا وحده «هم» والميزانية وشجونها «هم آخر» لا ينتهى.
دخلت إيناس عبدالدايم التجربة، وصار لزاما عليها أن تثبت قدرتها على «النجاة»، ولكى تفعل ذلك عليها أن تخوض معركة كبرى مع الحكومة لإقناعها بأن وزارة الثقافة لا تقل أهمية عن أى وزارة أخرى، فلدينا جميعا معركة كبرى ضد الإرهاب صنيعة التطرف الذى تقاومه الثقافة، فلا يصح فى وسط كل هذا أن تظل «ميزانية» وزارة الثقافة بهذا الشكل، أما معركتها الثانية «الشرسة» فستكون مع الموظفين أنفسهم، عليها أن تخرجهم من خلف مكاتبهم وتجعل منهم مبعوثى تنوير فى شوارع مصر وأحيائها البعيدة قبل القريبة، وعليها أيضا أن تنهى الموضوعات المعلقة، خاصة فى المبانى مثل دار الكتب وأوبرا 6 أكتوبر ومتحف نجيب محفوظ وأوبرا الأقصر وغيرها.
كل أمنياتى لإيناس عبدالدايم بالنجاح فى إدارة الوزارة وأن تترك بصمة قوية ومختلفة فى كل الملفات التى تنتظرها.